آخر الأخبار
The news is by your side.

(شطحات الجمعة) … بقلم: عبدالناصر الحاج

(شطحات الجمعة) … بقلم: عبدالناصر الحاج

ظل كثير من الناس ينظرون بتفحص شديد إلى آداء مجلس الوزراء ويمنون النفس بأن يرتقي حمدوك لانتزاع حقه كاملاً في ممارسة صلاحياته كرئيس وزراء قوي وشجاع يستطيع تصحيح مسار أية إخفاقات تعترض خطط الحكومة في ملامسة أشواق وتطلعات السودانيين.

لكنهم – بالمقابل غضوا انظارهم عن تتبع مجلس السيادة بمكونيه العسكري والمدني، ولم يراقبوا جيدا عمليات التخلق للتحالفات و (الشلليات) التي بدأت تتشكل فوق السطح السيادي، وشرعت فعلياً في صراع مكتوم بغرض السيطرة أو التأثير المباشر على نوعية اية قرارات ينوي فعلها السيد حمدوك رئيس مجلس الوزراء.

تفرغ بعض من أعضاء مجلس السيادة لإدارة ملف السلام بعيدا عن سطوة رئيس مجلس الوزراء، وبالطبع احرزوا تقدما جيدا في رحلة السير بالمفاوضات، لكنهم أيضا لم يكن بمقدورهم تحقيق نجاح في ذلك دون إقامة تحالفات غير معلنة مع قوى الكفاح المسلح التي تمثلها الجبهة الثورية فقط.

و لتسويق هذه التحالفات الجديدة، بالطبع يحتاج الأمر لاختطاف رئيس الوزراء بعيدا عن حاضنته السياسية المتمثلة في الحرية والتغيير، ولأن الحرية والتغيير بجانب تناقضاتها وصراعات مكوناتها، فهي تضع قدما من وراء الكواليس عبر القوى السياسية الفاعلة فيها في الشارع الذي يسيطر عليه الثوار ورفاق الشهداء ولجان المقاومة وجمهور غفير من المهنيين ومنظمات المجتمع المدني.

ولأن حمدوك تكمن جدوى وجوده في الفترة الانتقالية من واقع انه يحظى بتأييد ومساندة من ذات القوى الفاعلة في الشارع، فضلا عن كونه يحظى بدعم ومساندة من قبل المجتمع الدولي تحديدا.

ولهذا انطلقت قاطرات (اللوبي) في مجلس السيادة مستغلة تحالفاتها غير المعلنة مع الجبهة الثورية ووضعت (الورقة البديلة) على منضدة حمدوك، وهو ذات الأمر الذي دفع حمدوك لاختيار البديل مقابل السلام وتمزيق فاتورة الحرب وكسب ثقة الوكلاء الدوليين والاقليميين.

عملية التغيير الوزاري التي قام بها حمدوك تمت بعناية فائقة تمت فيها مراعاة المزاج السياسي للحلف الجديد، ولكنها أيضا تم حشوها عمدا بأنها تتسق مع رغبات الثوار صناع التغيير.

كانت الاحتمالات الخاصة بالربح والخسارة كلها محسوبة، حيث أن حمدوك واللوبي السيادي والجبهة الثورية سيكسبون بجانبهم القوى السياسية التي تدعي (الحكمة) والرشد السياسي بداخل الحرية والتغيير وتنأى عن الاستسلام والتسليم للقرار السياسي للقوى السياسية ذات المزاج الثوري المناهض لأي تسوية سياسية تجعل من المكون العسكري قوى نافذة ومسيطرة ومتحكمة ولا تطالها المحاسبة.

صحيح أن الجبهة الثورية لن تسمح بإعادة المشهد السياسي لما قبل الحادي عشر من أبريل، ولكنها قطعا لن يهمها الذي حدث ما بعد الحادي عشر من أبريل، وكيف تطور النضال الجماهيري ضد اية منظومة تريد للثورة مغادرة محطة اعتصام السادس من أبريل دون أن تحقق أهدافه كاملة، وكيف أصبحت مجزرة فض الاعتصام قضية مركزية في مستقبل الفترة الانتقالية.

الخروج من نفق الدولة السودانية القديمة يحتاج تحالفا راسخا بين المركز والهامش يعيد ترتيب المنظومة العسكرية والأمنية على أسس قومية، ولكنه أيضا تحالف لن يكتب له النجاح دون قيام عدالة انتقالية تقتص للمركز والهامش معا ضد الجرائم الشنيعة التي ارتكبها النظام البائد تحت مسمى الدولة المركزية ذات البعد الديني والاثني والثقافي والحضاري.

إن من مصلحة حمدوك التوافق مع قوى الثورة المدنية والمسلحة على قيادة مشروع وطني جديد تكون ثورة ديسمبر فيه هاديا ومرشدا، ولأن دون ثورة ديسمبر وانتصارها، لما كان السلام الشامل ممكنا، ولما كان حمدوك نفسه ممكنا.

Loading

شارك على
أكتب تعليقك هنا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.