آخر الأخبار
The news is by your side.

سودان الثورة ومتطلبات إستكمال التغيير والتحرر

سودان الثورة ومتطلبات إستكمال التغيير والتحرر

بقلم : سعد محمد عبدالله

آن لنا أن نفكر فيما يحدث من تحولات سياسية بحيث نتمكن من الولوج لعمق المشكلة بالتحليل المنطقي الذي يضع أجوبة موضوعية لأسئلة الساعة دون مكابرة او تدويل للأزمات الوطنية في وقت شديد الخطورة ولا يتحمل الوقوع في الأخطاء السياسية كما حدث في الحقب الماضية.

كنتائج ثورتي أكتوبر وأبريل التي كلفت البلاد ثمن باهظ تسببت فيه محاصصة النخب السياسية للمناصب والإختلاف حول حجم الحزم او “النسبة والنصيب” للتنظيمات حينها مع تجاهلها الكلي لقضايا السلام والحريات العامة والخاصة والحقوق السياسية والمدنية للشعوب المهمشة والتراخي الأمني الذي فتح ومهد الطريق للقوى الظلامية لإجهاض الحكومات بقوة من العسكريين المواليين للأحزاب في ذلك التاريخ.

هذه التجارب المريرة ما زالت أسباب وقوعها ماثلة أمامنا بالنظر لما يجري من صراعات علي المسرح العام بين المكونات السياسية، كما لا تزال الخلافات والإنقسامات تضرب تحالفات قوى الثورة والتغيير باسباب مختلفة تتعلق بتباين وجهات النظر وإختلاف المصالح وبعضها محاولات إستعراضية تزيد الضباب في المشهد السياسي ما يجعل البلاد في أشد الحوجة لمشروع وطني جديد يضع أسس مشاركة عادلة لكافة القوى الوطنية الديمقراطية في تشكيل فسيسفاء السياسة وإعادة بناء الدولة السودانية طبقا لأهداف ثورة ديسمبر المجيدة.

آن للقادة السياسيين والشباب والنساء والطلاب إعادة النظر بجدية ومسؤلية حول تأملات الحاضر ومآلات المستقبل وضبط الخطوط السياسية السودانية وفقا لمعيار المنطق، ويجب ضمانة حق المشاركة الفاعلة للجميع في إدارة هذه البلاد، كما يجب وضع حل شامل وجزري للمشكلات الوطنية المتفاقمة سياسياً وإقتصادياً وأمنياً بتقديم مبادرة جديدة تنادي بحقوق وحريات المجتمع دون فرز، فمن عمق القوة الإجتماعية الفاعلة تتكون دولة المستقبل، ومن الحركات النسوية والشبابية والطلابية وقوى الكفاح الثوري التحرري التي لا يمكن أن تتشكل مشاهد سياسية جديدة في السودان الجديد دون تكاملها وتناغمها وعملها كجسم وطني ديمقراطي يتحقق تطلع الجماهير وأشواقها لدولة السلام الشامل والديمقراطية وسيادة القانون.

المسؤلية تحتم السعي لبلوغ السودان الجديد كملطب جماهيري أساسي في أجندة الثورة والتغيير، ومن مقتضيات التطور السياسي والإقتصادي التصالح الوطني والإجتماعي لإعادة هيكلة كافة مؤسسات الدولة لصالح الجميع، وأيضا نحتاج لتأسييس قاعدة جديدة للعلاقات الخارجية بحيث تزيل في نهاية الأمر تشوهات الماضي وتبني وطن قابل للإستمرار والتطور، لذلك نطالب بمشروع وطني جديد متكامل الأضلاع ليمثل مرأة لكل السودانيين دون تمييز، وثورة ديسمبر جعلت السودان مضرب مثل ولا بد من إستثمار ذلك في إحداث التغيير الشامل بحجم الثورة وتطلعات الثوار الذين ضحوا لتحقيق الحرية والسلام والعدالة في سودان جديد يسع الجميع.

هؤلاء الثوار يجب أن يجدوا كل آمالهم التي خرجوا لساحات الكفاح من أجلها نابتة مخضرة ومثمرة، والآمال التي نرجوها عابرة للخطاب النخبوي التقليدي والذي يمثل المركز العنصري الإقصائي، نحن نعمل لترجمة خطاب ثورة الحرية والسلام والعدالة عبر تحويل تعابيير الثورة المتجددة لبرنامج وطني إستراتيجي يلبي حاجات المجتمع ويرد كافة الحقوق والحريات المسلوبة لسنوات من أجل بناء دولة كاملة التكوين لا تعيقها عوائق السودان القديم، ولأن الديمقراطية ترتبط عضوياً بالسلام الشامل والعدالة نعتبر عملية التغيير سلسلة متصلة الحلقات لا يمكن بلوغ المستقبل المنشود دون إستكمال حلقات التغيير.

آن للتنظيمات السياسية الديمقراطية الحرة والمنظمات الحقوقية والإنسانية والتجمعات المهنية النشطة أن تنهض من غفوتها وجمود نشاطها بترفعها كلياً عن السلوك الدوغمائي والإنكفائي والتخندق المفاهيمي كيما تخرج من دائرة الإحتجاج والإنشقاق وتطلع بدورها التفاعلي مع قضايا الثورة والتغيير والمشاركة في عملية البناء الوطني الديمقراطي الذي تراجع بسبب الخلافات، وقد لاحظ المتابعيين إحتدام خلاف حاد بين مكونات الحرية والتغيير في الفترة الماضية كنتاج سلبي لأخطاء سياسية جسيمة إرتكبتها عن قصد او بدون قصد بعض المكونات السياسية.

إمتدت هذه الأزمة لتصيب تجمع المهنيين السودانيين وبعدها الجبهة الثورية السودانية محدثة فيها إنقسام وإستقطاب علي اوسع نطاق، فما حدث يؤكد ضرورة وحتمية إجراء عدد من الإصلاحات الجوهرية لتلافي الوقوع في فخ الدولة العميقة التي تتربص بقوى الثورة والتغيير وتعمل بكل قوتها للإنقضاض علي السودان الذي قاد شعبه أضخم وأعظم ثورة في القرن الحادي والعشرون، والدولة العميقة ترصد نقاط الضعف للمكونات الثورية والحكومة الإنتقالية وتحاول أن تعمق هوة التباينات بين المدنيين والعسكريين لخلق فجوات وثقوب سياسية لتمرير أجندتها، وإذا كان السودان مهدد بخطر ما “داخلياً وخارجياً” فمن صميم المسؤلية الوطنية والتاريخية أن ننهض جميعاً ونزيل رهج الخلافات الإيدلوجية والسياسية ونتجاوز غيبوبة “محاصصة المناصب” ونعلي مصلحة الوطن علي المصالح الضيقة، فتكرار “تساقط الأحجار” علي وحدة وتماسك قوى الثورة والحكومة الإنتقالية سيؤدي إلي تقهقر القوى السياسية والمدنية وتراجع الثورة وتصلب حركة الحقوق والحريات وهذه خسارة كبيرة لسودان الثورة.

والسودان يواجه الآن مشكلات إقتصادية وأمنية كبرى تستوجب وحدة الشعب وقواه الوطنية، فالنزاعات القبلية التي حدثت في شرق وغرب ووسط السودان يجب أن تؤخذ في الإعتبار عند التفكير حول المستقبل الذي ننشده.

لا بد من خطط جديدة لمواجهة آثار الحرب ومن أهمها الفقر المستشري في الريف والمدن المريفة والنزوح واللجوء والتحسب للمشكلات الإقتصادية والإجتماعية بسبب إنتشار جائحة كورونا، وتعتبر هذه الأزمات من أهم دوافع الدعوا لضرورة بناء سودان السلام والديمقراطية والمواطنة بلا تمييز، لذلك ننادي باجراء مراجعات دقيقة للصفحات التي مهرت بدماء الشهداء ودموع الأبرياء الحالميين بالسودان الجديد وتصحيحها بقلم المنطق دون مزايدة أو إقصاء لأحد، والسودان يسع الجميع.

Loading

شارك على
أكتب تعليقك هنا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.