آخر الأخبار
The news is by your side.

ساخر سبيل … بقلم: الفاتح جبرا .. خطبة الجمعة

ساخر سبيل … بقلم: الفاتح جبرا .. خطبة الجمعة

الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والإيمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له. وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

أما بعد أيها المسلمون :
روى ابن ماجة وغيره (عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِىِّ قَالَ أَتَى النَّبِىَّ -صلى الله عليه وسلم- رَجُلٌ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ دُلَّنِى عَلَى عَمَلٍ إِذَا أَنَا عَمِلْتُهُ أَحَبَّنِىَ اللَّهُ وَأَحَبَّنِىَ النَّاسُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- (ازْهَدْ فِى الدُّنْيَا يُحِبَّكَ اللَّهُ وَازْهَدْ فِيمَا فِى أَيْدِى النَّاسِ يُحِبُّوكَ)
فهذه وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم لهذا الرجل بل ولكل من أراد أن يحبه الله ويحبه الناس أن يكون زاهدا في الدنيا ، والزهد لغة هو هو القلة في الشيء ، أما الزهد شرعاً ، فهو أن تجعل الدنيا مطيتك للآخرة ، يقول العلماء في تعريف الزهد (هو أن تنظر للدنيا بعين الزوال فتصغر في عينك فيسهل عليك الإعراض عنها ) ،لذلك ، سئل أحدهم : إن كان لرجل معه ألف دينار هل يكون زاهدا ؟فقال نعم على شريطة أن لا يفرح إذا زادت ، ولا يحزن إذا نقصت ،يقول سبحانه في الآية 23 من سورة الحديد : (لِكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ)
نعم ، الزهد في الدنيا هو الإنصراف عن كل ما لا ينفع في الآخرة ، وأن تخرج من قلبك حب الدنيا ،والحرص عليها ، والرغبة فيها ،فتصبح الدنيا في يدك وليست في قلبك ،فلا تحزن على ما فاتك منها ،ولا تفرح بما آتاك منها .

إخوة الإسلام :
اقدقسم العلماء متعلقات الزهد إلى خمس :
أولها :المال ،وقالوا ليس المراد من الزهد رفض المال ،ولكن كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كما في مسند الامام احمد (نِعْمَ الْمَالُ الصَّالِحُ لِلْمَرْءِ الصَّالِحِ). فالمال يكون نعمة إذا أعان صاحبه على طاعة الله ويكون نقمة إذا جعل صاحبه يفسد ويطغى ،يقول سبحانه وتعالى في سورة العلق : (كَلَّا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَيَطْغَى أَنْ رَآهُ اسْتَغْنَى ) .
وثاني متعلقات الزهد: الملك والرئاسة ،فليس المراد بالزهد أيضا برفض الملك والرئاسة ،فسيدنا سليمان وداود عليهما السلام كانا ملكين وكانا من أزهد الناس في زمانهما ،وإنما الملك الذي يطغي صاحبه هو الذي نهى الله عنه وذكر الله

أما ثالثها :الصورة والهيئة والشكل ،فليس من الزهد أن يكون المرء أشعث أغبر لا يحسن ما يلبس فعندما سأل رجل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ملبسهكما في صحيح مسلم عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ عَنِ النَّبِىِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ (لاَ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مَنْ كَانَ فِى قَلْبِهِ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ مِنْ كِبْرٍ ). قَالَ رَجُلٌ إِنَّ الرَّجُلَ يُحِبُّ أَنْ يَكُونَ ثَوْبُهُ حَسَنًا وَنَعْلُهُ حَسَنَةً. قَالَ (إِنَّ اللَّهَ جَمِيلٌ يُحِبُّ الْجَمَالَ الْكِبْرُ بَطَرُ الْحَقِّ وَغَمْطُ النَّاسِ).

أما رابع متعلقات الزهد فهو الزهد عما في أيدي الناس ،ويقصد بذلك عدم طلب ما في أيدي الناس والرضى بما أعطاك الله وعم التطلع الى ما في ايدي الغير ،فكله عرض زائل.

أما آخر متعلقات الزهد وخامسها :فهو النفس ويقصد بذلك عدم إعجاب الانسان بنفسه ،فلا يظن أنه سوف يخرق الأرض أو يبلغ الجبال طولا ،فلا يتكبر على خلق الله بمنصبه أو بماله أو بقوته فهو ضعيف وإلى زوال، قال تعالى في سورة الرحمن (كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ) .

أيها المسلمون :
اعلموا أن الحياة الدنيا ظل زائل (وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ ) ، واعلموا أن وراء الدنيا دارا باقية هي أعظم منها قدرا ،وأعلى منزلة ،وهي دار الخلود والبقاء .
اللهم لا تصدّ عنا وجهك يوم نلقاك، اللهم لا تطردنا من بابك فمن لنا إن طردتنا يا ربنا سواك يا رب العالمين ويا أرحم الراحمين.، جعلني الله وإياكم ممن إذا ذُكِّر تذكَّر، وإذا أذنب استغفر، وآخر دعوانا: أن الحمد لله رب العالمين.

الجريدة

Loading

شارك على
أكتب تعليقك هنا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.