آخر الأخبار
The news is by your side.

جيل التسعينيات “حكايات وجسارة “

جيل التسعينيات “حكايات وجسارة “

تقرير: سامي سمري
جيل التسعينيات ذلك الجيل الذي جاء ميلاده بعيد ميلاد حكومة الانقاذ بقليل ، هم ربائبها وأبناؤها عاصروها يوما بيوم سمعوا وحفظوا شعاراتها ، اغنياتها وأنشوداتها الجهادية، التي شكلت وجدانهم في فترة من الفترات، هتفوا لها ورددوا “سير سير يا بشير” ولعنوا “الروس والأمريكان” أيضا ، تعلموا من جيبوهم وليس من جيبها كما فعل آباؤهم ، ونجوا من ( عربات الكشة الإلزامية) بسنين قلائل،كانوا كلما تقدموا في العمر عاما نقض عمر الانقاذ عام وعندما بلغوا من العمر ما يقارب عمرها إنقلبوا عليها وأسقطوها دون تفيكر حتى فيمن ياتي بعدها.

يقول عضو المؤتمر الوطني ربيع عبد العاطي في إحدى تصريحاته الغابرة، ” هولاء الشباب لم يكونوا موجودين عندما جاءت الانقاذ فكيف علموا أنها جاءت بإنقلاب”؟

يعلم عبد العاطي جيدا أن هولاء الشباب يعلمون ما لا يعلمه جميع من حكم السودان وليس هو أو نظامه الغابر فحسب ، لكنه يريد أن “يخدرهم” أو يحيدهم على الأقل ، بعد أن أفاقوا وأوقفوهم.

كانت أولى معارك سقوط الإنقاذ مع أباؤهم وأسرهم من أولئك الذين يؤمنون بأن البشير (كويس لكن التحتو كعبين ) انتصروا في هذه المعركة دون أن يخسروا أحترامهم لهم ، حتى اولئك الذين كانوا يسألونهم عن البديل إن سقط البشير كانوا يجيبون بـ (تسقط بس ) ليس عنادا أو قفز إلى المجهول وإنما إيمانا بضرورة ذهاب تلك الطقمة الفاسدة أولا، وأجهوا الجميع في مجتمعاتهم ممن يخافون التغيير ويخشون الفوضى وأجبرهوم على المضي خلفهم أو تحييدهم على الاقل.

وبعد أن واجهو زويهم خرجوا وواجهوا الرصاص بصدور عارية لم تهاب الموت أبدا ، دون أن ينشدهم أحدا ” أخي انت حر ” أو فتى الأهوال “، بل صنعوا أناشيدهم واغنايتهم وهتافاتهم بأنفسهم ولحنوها ومن ثم مزجوها بحزنهم وفرحهم وبدماء شهدائهم الطاهرة وأضحى حتى الصغار يرددونها فيقول بعضهم على سبيل المثال وليس الحصر ” الحكوووومة بتكتل الطلبة … الحكوووومة اللييييلة في غلبة “.

سقط منهم الشهيد تلو الشهيد وكل قد تفنن في بسالته وجسارته وحكاية استشاهد وكأنه يحاول أن يضع بصمة رحيله الخاصة ليهدي من بعده إلى سراط الوطن المستقيم فصار بعضهم ايقونات يتحاكى بها الجميع ويستلهمون منها الدروس والحكم.

اقتحموا عريين الجيش وضربوا فيه اعتصاما كان نموذج للدولة المدنية التي يبتغون ، تجردوا فيه من كل شيء بغيض ، فأرتعب من في الخارج قبل من في الداخل خشية إنتقال صنيعهم هذا إلى ديارهم النائمة منذ فجر التاريخ.

خافوا أن ينجح هذا الاعتصام في إفاقة شعوبهم التي تغفوا في سبات عميق ، فتهدم عروش الطغيان التي ظلوا يبنوها منذ أمد بعيد ؛ فمكروا مكرهم ، واستخدموا أدواتهم وعملاءهم وفضوا الاعتصام، حرقوا وقتلوا وانتهكوا الأعراض وقذفوا الجثامين في النيل؛ حتى التي لازلت تسكنها روحها، ظانيين بذلك أن الأمر قضي، لا يعلمون أن هولاء الشباب قادرون على العودة إلى هناك مجددا إن دعا داعي الفداء.

البشاعة التي قتل بها هولاء الشباب أثبتت أنهم اختارو الثبات لاخر لحظات حياتهم ولم يستسلموا لقاتليهم فقط ليجبروا البقية على المضي قدما في طريق استعادة الدولة السودانية من اولئك الأوباش.

وهاهم الآن يعودون للشوارع في عهد حكومتهم التي جاءت بما قدموه من كل غالٍ ونفيس ، فهل يستمرون في دعمها رغم تقصيرها ، ويقومونها لإستكمال مابدأته ، أم يلحقونها سيرة الأولين ؟

Loading

شارك على
أكتب تعليقك هنا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.