آخر الأخبار
The news is by your side.

ترسيم دولة جديدة في غرب السودان.. (1_2)

وجه الحقيقية..بقلم: إبراهيم شقلاوي
– ترسيم دولة جديدة في غرب السودان.. (1_2)
– حرب السودان فشل النخب في إدارة التنوع.

بدأت الحرب في السودان في 15 أبريل من العام المنصرم بمحاولة انقلابية قامت بها قوات الدعم السريع التي تتبع للجيش السودان.. بعدها أعلن الجيش انه يحاول اخماد المحاولة وردع القوات المتمردة التي خالفت تعليمات القيادة العليا للجيش في صبيحة يومي 13 و14 أبريل بانفتاحها المفاجئ ودون تعليمات في عدد من المناطق الحيوية بالبلاد.. منها مدينة مروي التي تقع شمال السودان 350 ك من العاصمة الخرطوم مستهدفة مطار مروي الولائ والقاعدة الجوية في المنطقة حسب بيان الجيش.. في صبيحة المحاولة لم تمر الا ساعات معدودة خرج قائد قوات الدعم السريع في حديث مع القنوات العربية عن انهم يحاصرون قائد الجيش رئيس مجلس السيادة لأجل الاستسلام لقواتهم التي باتت مسيطرة علي 90٪ من ولاية الخرطوم وعدد من مرافقها الاستراتيجية بما في ذلك مطار الخرطوم الدولي والقصر الرئاسي.. كما أعلن قائد الدعم السريع ان الذي يجري هو محاولة لاستعادة الديمقراطية والتحول المدني الذي اتفق عليه اهل السودان بعد الإطاحة بنظام حكم الرئيس البشير في أبريل من العام 2019.. حتي تلك اللحظة كان ذلك هو الهدف المعلن لقوات الدعم السريع..(استلام قائد الجيش علي حد تعبيره واستعادة الديمقراطية).

بعدها تطور المشهد السياسي والعسكري.. وتطورت كذلك أهداف الحرب او فالنقل بدأت ربما تمضي نحو أهداف اخري منها.. ان الحرب قامت لازالة الظلم والتهميش الذي ظلت تمارسه دولة 56 في إشارة لاستقلال السودان ومابعده ظلت تسيطر على البلاد النخب النيلية.. وفي ذلك إشارة الي تقسيم السودان الذي يتوسطه نهر النيل برافديه النيل الأزرق والأبيض ومادون هذه الرقعة الجغرافية هي الصحراء التي اصطلح علي تسميتها بالهامش.. إذا بدأت تنتقل الحرب الي مرحلة جديدة بالحديث عن الظلم و التهميش و سيطرة المناطق.. سقط هذا الهدف سريعا مثلما سقط هدف استعادة الديمقراطية ذلك من واقع الممارسات اللا انسانية التي ظلت تقوم بها قوات الدعم السريع تجاه المواطنين من سلب ونهب للمتلكات واغتصاب للنساء. واحتلال البيوت وإخراج ساكنيها .. كما سقط هذا الادعاء من واقع التاريخ السياسي للسودان الذي بدا بالمنادة باستقلال السودان من النائب عبدالرحمن دبكة نائب دائرة نيالا الجنوبية بولاية دارفور اول من نادي باستقلال السودان من داخل البرلمان.. بعد أن انقسم السياسين حينها حول البقاء تحت التاج البريطاني او الاتحاد مع مصر.. ثم بعدها كانت مشاركات ابناء كافة اقاليم السودان في جميع مراحل الحكم التي شهدها السودان وظلت مشروعات التنمية لا تستثني اي إقليم عن سواه. خلا تفوق بعض مناطق السودان في توحيد صفوفها والانفاق المباشر بواسطة ابناؤها علي عدد من المشروعات الصغيرة هنا وهناك.

لكن في المجمل ظل السودان جميعه يعاني ويلات الحروب وفشل النخب في قيادة الوعي المجتمعي لإدارة التنوع وتجاوز المناطقية.. ذلك جعل من السهل اختراق البلاد عبر الأجنبي الذي يبحث عن تحقيق مصالحه وأهدافه .. والتي تم التخطيط لها من زمنا بعيد.. لذلك ضعف الوعي السياسي بأهمية وحدة الصف.. حيث تراجع الشعور الوطني وبرز الصراع الحاد حول حيازة السلطة.. كل ذلك جعل البلاد مكبلة بواسطة المستعمر الذي ظل متحكم في البلاد منذ الاستقلال مما أضعف السيادة الوطنية.. وغيب المشروع الوطني الجامع لأهل السودان .. لذلك تم الابقاء علي الصراع بكل عناصره بين النخب السياسية والعسكرية ليسهل القبضة السياسية علي البلاد..وهو مايعبر عنه الواقع المازوم الذي نعيشه اليوم.

انتقلت الحرب باهدافها الي مرحلة جديدة بعد أن ساهمت الأهداف السابقة في انضاج الظروف المطلوبه للانتقال.. ظهر هدف جديد وهو محاربة الإسلاميين ( الفلول) في إشارة للذين كانوا يمثلون نظام البشير ويتحكمون في السلطة بادعاء انهم من افشلوا البلاد خلال الثلاثين عام الماضية.. و تركوها تمضي هكذا حتي انحدرت نحو الحرب ظل هذا الهدف متحكما في المشهد السياسي والاعلامي وطربت له الاذان الإقليمية والدولية.. لآنه يتماشي مع الرغبة في ازاحتهم من السلطة كما ينسجم مع الهجمة الشرسة علي مايعرف بالاسلام السياسي في المنطقة العربية .. فثورات الربيع العربي التي تصدر مشهدها الإسلاميين في عدد من البلدان كادت ان تحدث معادلة جديدة في منطقة الشرق الأوسط تتعارض مع استراتيجية المصالح الأمريكية التي ظلت متحكمة في المنطقة.. إذ لابد من الابقاء علي الدول تحت الابتزاز الإقليمي والدولي بجانب الصراع السياسي وعدم الاستقرار الاقتصادي.. رغم الموارد الضخة التي تتمتع بها دول منطقتنا العربية والشمال الأفريقي.

بهذا فقد ظلت أهداف الحرب في السودان.. تخرج للعلن واحدا بعد آخر وهذه ليست صدفة.. انه مسار مرسوم بعناية كبيرة ومتحكم فيه بدقة شديدة كما أنه مرتبط ارتباط مباشر بتطور العمليات العسكرية علي الارض.. الامر اشبه بالتطور الدرامي الذي يعتمد علي تهيئة الجمهور من خلال الانتقال المدروس من مشهد لأخر.. لذلك من الواضح اننا قد بدأنا نصل لختام الحلقات التي تمضي نحو انفصال إقليم دارفور حيث بدا ذلك يتجلي بصورة متدرجة من خلال دخول لاعب جديد متمثل في فرنسا التي تبحث عن مصالها في منطقة إفريقيا جنوب الصحراء التي بدأت في التداعي في بعض البلدان الأفريقية مثال أفريقيا الوسطي، النيجر، بورركينا فاسو، لذلك حسب مراقبين بدأت تسارع الخطي منذ مؤتمر باريس للقضايا الإنسانية حول السودان الذي انعقد في منتصف الاسبوع الماضي للبحث عن دور يمكن من إكمال الاعداد لنهاية المشهد لصناعة دولة جديدة.. في ظل تحكم قوات الدعم السريع في أربع ولايات من أصل خمس.. وهنا لابد من الإشارة الي ما نقله موقع( الشرق الاخباري) ان حاكم إقليم دارفور مني أركو مناوي قال كلما “تساهلت” القوة المشتركة راغبة في التعايش السلمي “تتمادى” قوات الدعم السريع في توسيع دائرة سيطرتها بغرض “ترسيم دولة جديدة في غرب السودان”. من الواضح أن القائد مناوي يقرع أجراس الخطر وينبه الغافلين لماهو قادم.. عليه يظل التحدي عظيم امام النخبة السياسية السودانية اما ان تحافظ علي وحدة البلاد بالعمل علي تجاوز الخلافات واما ان تخضع للمخطط الإقليمي والدولي.. الذي يحاك في الخفاء.. نواصل..،
دمتم بخير وعافية.. Shglawi55@gmail.com

Loading

شارك على
أكتب تعليقك هنا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.