آخر الأخبار
The news is by your side.

التكلس اليساروي: شيطنة المعونة الأمريكية (10) … بقلم: دكتور: النور حمد

التكلس اليساروي: شيطنة المعونة الأمريكية (10)

  بقلم: النور حمد

لا يمثل التاريخ السياسي للحزب الشيوعي السوداني سوى سلسلة متصلة من الأخطاء. وهي

أخطاء فادحة لا يراجع الحزب فيها نفسه، وإنما يطأ عليها بقدميه ويمضي في حال سبيله. وقد

سردنا من هذه الأخطاء، حتى الآن، ما يكفي، وعلى رأسها ما كان منها تعبيرًا عن طبيعته

الانقلابية الفوقية. ونزيد عليها اليوم الزوبعة الشعبوية التي أثارها الحزب الشيوعي السوداني

حول المعونة الأمريكية، في خمسينات القرن الماضي. لم يتحرك الشيوعيون ضد المعونة

الأمريكية، حين تحركوا، دفاعًا عن مصالح السودان وإنما خدمةً للشيوعية الدولية. ومعلوم أن

أمريكا لم تقدم برنامج المعونة بدافعٍ إنسانيًّ محض، وإنما بدافع سياسي، هو وقف التمدد

الشيوعي في أقطار العالم النامي، بسد الثغرات الاقتصادية والاحتياجات التنموية لتك الأقطار.

روج الشيوعيون في عام 1957 على لسان حسن الطاهر زروق أن المعونة الأمريكية مشروطة.

ولم تكن تلك سوى فرية دعائية يساروية فالمعونة الأمريكية للأقطار النامية لا تأتي بشروط

ملزمة.

أرسل السفير الأمريكي في الخرطوم في 24/5/ 1958، رسالة إلى وزارة الخارجية الأمريكية،

كانت عبارة عن تقرير عن مظاهرة كانت قد خرجت ضد المساعدات الامريكية في السودان في

يوم 16 من نفس الشهر. ذكر السفير الأمريكي أن أول تظاهرة ضد المعونة الأمريكية جرت في

السودان كانت في مدينة الأبيض، وقد نظمتها الجبهة المعادية للاستعمار الشيوعية. وذكر أن

الحاج الطاهر، مرشح الجبهة المعادية للاستعمار، الذي خسر دائرته في الانتخابات في دائرة

الأبيض هو الذي خاطب التظاهرة. كما ذكر أن حسن الطاهر زروق، ممثل الجبهة المعادية

للاستعمار تحدث في البرلمان، شانًّا هجومًا عنيفًا على الولايات المتحدة، ذاكرًا أن هناك بنودًا

سريةً في اتفاقية المساعدات الأمريكية. وضمَّن السفير الأمريكي في رسالته إلى الخارجية

الأمريكية بتاريخ 14/4/1958، ردود الفعل التي ظهرت في عددٍ من الصحف السودانية. ومن

ضمنها ما جاء في صحيفة “الأيام” التي قالت: “لا توجد في الاتفاقية شروط، لهذا، نقبلها. لكن،

تجب مراقبتها، ربما فيها شروط وأهداف سرية”. وفي تقديري، أن هذا التحفظ الأخير الذي أبدته

“الأيام”، تجاه الاتفاقية، ليس سوى جزء من الفوبيا اليساروية المعهودة تجاه الغرب، إضافة إلى

سوء الظن العريض المعهود بالمسؤولين السودانيين واتهامهم في وطنيتهم. قالت “الأيام: “لا

توجد في الاتفاقية شروط، لهذا، نقبلها”، ثم ختمت نفس الجملة بقولها: “ربما فيها شروط

وأهداف سرية”!! وقد علق الأستاذ محمد علي محمد صالح، الذي ترجم الوثائق التي حوت هذه

الرسالة، بما يدحض فرية حسن الطاهر زروق، قائلا: “يبدو واضحًا أن الاميركيين كانوا حريصين

على الإشارة في الاتفاقية الى “احترام استقلال وسيادة جمهورية السودان”، وأن المستشار

القانوني للخارجية الاميركية وقع عليها للتأكد من ذلك”.

أورد السفير الأمريكي أيضًا، أن أربعة آلاف شخص تظاهروا في يوم 18/5 بقيادة بابكر قباني،

عضو الحزب الاتحادي في مجلس الشيوخ. وقد جرت التظاهرة قرب منزل إسماعيل الأزهري،

نائب دائرة امدرمان الشرقية، ورئيس الوزراء السابق. وقد خطب الأزهري في جمهور تلك

التظاهرة، قائلاً إن اتفاقية المساعدات الأمريكية الى السودان، “أسوأ من الاستعمار

البريطاني”. وخطب أيضًا كل من نصر الدين السيد، وعماد الدين عثمان، واحمد محمد الشيخ،

ورفع المتظاهرون لافتات قالت: “لا نريد المعونة الامريكية” و”المعونة الامريكية استعمار جديد”،

و”حزب الأمة يقود السودان نحو أحلاف عسكرية أجنبية”. وسوف أناقش موقف الأزهري

الانتهازي الذي ركب فيه مؤقتًا على سرج الشيوعيين في المقالة القادمة. (يتواصل).

التيار

Loading

شارك على
أكتب تعليقك هنا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.