آخر الأخبار
The news is by your side.

إعادة تدوير ذكرياتي كمدرس … بقلم: جعفر عباس

إعادة تدوير ذكرياتي كمدرس … بقلم: جعفر عباس

(يعني ذكريات سبق لي نشرها هنا وهناك)
في مدرسة البرقيق الوسطى كان الأستاذ الريح عطا المنان أبو زريبة جعليا حلو الروح ومحبوبا، وذات يوم وبعد ان شرح الدرس وقف تلميذ وقال له: والله أنا ما آرف (عارف) إنتي تقولي في شنو.. ممكن تشرهي (تشرحي) تاني، فانتفض الأستاذ: أفووو.. والله انا ارجل منك ومن عموم المحس، ثم انفجر ضاحكا.

وسردت قبل أيام تجربتي كمدرس في بحري الثانوية عندما منعت طالبا جاء متأخرا من دخول الفصل فاتهمني بالجنون عندما تساءل: انت ما نصيح؟ ثم شرح لي كيف ان المشوار من قريته الى المدرسة يستغرق نحو ساعتين، واعترفت في سري بانني “ما نصيح”.


عندما هجرت كلية القانون أمضيت بقية السنة مدرسا في بحري الاهلية الوسطى الجديدة، وفي ذات حصة طلبت من الطلاب كتابة موضوع ما، وجلست خلف التربيزة بعد ان خلعت حذائي وبعد انتهاء الحصة قلبت الفصل فوق تحت ولم أجد حذائي، وبعض الطلاب الخبثاء يصيحون: انت أصلا جيت حفيان، ثم أشار فاعل خير منهم الى طالب صغير الحجم اسمه محمود امين.. المهم اكتشفت ان محمود هذا حشر رجله بحذائها داخل حذائي ولما قفشته خرج هاربا ولما وجدني اضحك مع المجموعة أحس بالأمان وعاد الى مكانه.


وسبحان الله ففي نفس الفصل الذي شهد تلك الحادثة وجدت نفسي مدرسا ومشرفا على فصل “أولى خالد” ولكن تحت اسم بحري الثانوية، وجاءت حملة التطعيم ضد التهاب السحايا واعلن الطلاب العصيان المدني، ومن باب تشجيعهم على التطعيم مددت ذراعي للممرض وأتى بمسدس وطخني بالإبرة وصرخت حتى اهتزت بيوت حي الختمية، وعندما افقت من الصدمة كان الطلاب قد فروا من الفصل عبر الشبابيك وفشلت حملة التطعيم في عموم المدرسة.


في سنار الثانوية كنت ضابط داخلية “جمّاع” ومكلفا بالتالي بإطفاء الأنوار في التاسعة مساء، والتأكد من ان جميع الطلاب رقدوا، ثم اعود الى غرفتي الملحقة بالداخلية، وذات ليلة وفي نحو العاشرة ليلا تعالت الصرخات من احد العنابر وهرولت نحو مصدر الصوت بعد إعادة التيار الكهربائي للداخلية، ودخلت العنبر ثم صرخت وركضت كما بطل أولمبي مبتعدا عن الداخلية، وما حدث هو ان “تلقيمة” السقف انهارت وامتلأ العنبر بالعشرات من صغار الوطاويط بينما الكبار منها تتطاير على غير هدى، ولم أعد الى تلك الداخلية الا في اليوم التالي لحمل امتعتي، لأنني أشوف العمى لا اشوف وطواط، ورغم اعجابي بالمدرسة وطلابها النجباء إلا انني وبعد اكمال العام الدراسي ذهبت الى وزارة التربية وقلت: إما تنقلوني من سنار وإما هذه استقالتي.


ونقلوني الى رمبيك الثانوية المخصصة للطلاب الجنوبيين، وكانت قد انتقلت الى ام درمان جوار المجلس البلدي والمجلس الثقافي البريطاني، وشاركت في المدرسة في جهد دشنه الزميل شريف كرار لتشجيع الطلاب على الخضوع للختان، وذات يوم أرسلت دفعة الى مستشفى ام درمان لتلك المهمة، وبعدها بنحو ثلاثة أسابيع سمعت ان احد المختونين يعاني من متاعب صحية فقمت بزيارته في الداخلية، ولما رآني صاحبنا حتى صاح: جاي تعمل شنو انال (انعل) ميتينك!! مالك ومالي أشان تقول لي “تهور” كويس.. وضحكنا وصحبته الى المستشفى حيث خضع لعلاج بالمضادات الحيوية.

Loading

شارك على
أكتب تعليقك هنا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.