آخر الأخبار
The news is by your side.

وداعا جوليا فيلم يهتم بالتفاصيل

وداعاً جوليا

خالد عبدالحميد عثمان محجوب

بينما المآسي المحيطة بالسودان والسودانيين أينما يولَّوا وجوههم في ازدياد، والدنيا بما رحبت صارت كالبحر اللًُجِّي، ظلماتُ حربٍ من فوقها ظلماتُ شتات والوطن في تشظيه الكبير، يومض هذا العمل الباهر ويفوق كل التوقعات بفراسخ ضوئية.
قصة متماسكة كثيرة التفاصيل الصغيرة، لكنها منسوجة ببراعة فائقة وكأنها حيكت دفعة واحدة. هكذا، فكان الناتج (وداعاً جوليا) الفيلم السينمائي الذي قد لا تجد مفردات تصف هذا الإبداع السوداني. كل المُكونات كأجود مايكون… النص القضية، الأداء المدهش، وكل ما تعلم أنه هناك، من تصوير إلى صوت إلى إضاءة إلى موسيقى إلى غير ذلك من ضرورات الإنتاج. كما لوحة بارعة الجمال أو معزوفة في كامل التناغم، الأمر جميعه والجمع كلهم يقاربون الغمام إرتفاعاً،
(وداعاً جوليا) عمل سوداني خالص لكنه حتما يوازي الإنتاج العالمي ويتفوق على كثير، القصة سودانية كاملة الدسم، تخُصنا وتخاطب عقولنا، تضغط على عوراتنا علَّنا نستفيق وتشعل ضوءاً كاشفاً على سوْءاتنا، تلك التي تُقبِّح وجه التاريخ، على أمل أن نتعلم لأجل المستقبل..يوقظ العمل في من يشاهده تساؤلات كبرى عن تشوهاتنا كشعوب سودانية تجمعنا الجغرافيا (أو كانت تجمعنا) في حالة جنوب السودان، (وداعاً جوليا) يتناول ذلك في خطِّه الرئيسي وتقاطعات شِقَّي الوطن بأبعادها السياسية، الاجتماعيّة والاقتصاديّة.
(وداعاً جوليِا) يجوب العالم رفقة كاتب النص ومخرجه المبدع محمد كردفاني. حاصداً الجوائز العالمية، بلغ عددها حتى كتابة هذا ١٥ جائزة بالتمام، وتفصيل ذلك متاح على الإنترنت، قادما من فرنسا ومهرجانها الأشهر في عوالم السينما (كان)، تسعد هذه الأيام بعض المدن الكبرى في شمال شرق أمريكا بعروض خاصة للفيلم وبعدها لكاليفورنيا في الساحل الغربي، ومع بدايات العام الجديد سيدخل الفيلم مُنافساً على اللقب الأهم في صناعة السينما،، جوائز الأكاديمية الأمريكية المعروفة باسم (الأوسكار)…
اتيحت لي فرصة مشاهدة العرض في جامعة نيويورك العريقة، وكان من اللافت حقاً الحضور الكثيف من الشباب، وتتبيَّن بوضوح أنَّ أغلبهم وُلد في المنافي، تتوقف مبهوراً بهذا الاهتمام بحدث ثقافي سوداني أنتجه شباب، ويحتفي به آخرون أمثالهم. يقيناً قادهم الانتماء والعشق الموروث لوطن يحملون جميعا ملامحه ويحلمون جميعاً (بملحه وملاحه)، وأمنه وأمانه. هنَّ وهمْ، إن تأمَّلتهم تتنزل عليك طمأنينة أنَّ هذا الوطن سيكون بخير، صنعوا ثورة عظيمة وهاهم يصنعون فعلاً ثقافياً رفيعاً يأخذون به اسم السودان إلى أعلى، إلى مصاف عالمية مستحقّة. فهل يرى من بعينه رمد؟ ألم يئن أوان تسليم دفَّة الوطن إلى شبابه؟
إن كنت تقرأ هذا فوداعاً جوليا حتماً يتقاطع معك بصورة ما، فاحرص على مشاهدته… الفنون التي تُحرض على إعمال العقل والحث على خلق التغيير الذاتي أو مجرد التفكير فيه في حدِّها الأدنى تستحق أن تُضرب إليها أكباد الإبل. فشكرا للفريق الذي جعل هذا ممكناً. وأعاد تذكيرنا بأننا شعب قادر على الإبداع

Loading

شارك على
أكتب تعليقك هنا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.