آخر الأخبار
The news is by your side.

هل مايزت الثورة السودانية الصفوف داخل الوسط الفني ؟

هل مايزت الثورة السودانية الصفوف داخل الوسط الفني ؟

سودان بوست: سامي سمري

ظل معظم مشاهير السودان مفصولين عن الواقع العام منذ فترات طويلة لعديد من الأسباب ، غير انه كان من الصادم والمحبط لكثيرين غياب الكثير منهم عن ميدان الاعتصام وعن خط الثورة بشكل عام.

وبعد نجاح الثورة أنشغل الناس عنهم رغم غيابهم ” غير المبرر ” والمخيب للآمال هذا، والذي كان يمكن أن يؤثر إيجابا على الثورة السودانية التي كانت بدورها أكبر مهرجان ثقافي حدث في تاريخ السودان.

تناسى الناس غيابهم هذا ولم ينسوه، لكن أعتبروا أن الثورة تجب ماقبلها وأن الجميع يستحق فرصة ثانية – (عدا الكيزان طبعا ).

ومع مرور الأيام وتزايد الأزمات بالبلاد بدأت اصوات الكثيرين منهم ، تخرج متململة من الوضع العام ، بل ذهب بعضهم لمهاجمة الحكومة (الانتقالية) (عدييل كدا ) كان أولهم الكوميديان فضيل الذي خرج يتضجر من صفوف الرغيف والوقود وهاجم الحكومة هجوما مبطنا.

ليس العيب في هجومه أو شكواه فهذا حق الجميع لكن العيب أن يكون فضيل من أكثر الذين التزموا الصمت ودفنوا رأسهم في الرمل طيلة فترة الثورة وماقبلها، ثم يخرج بعد الثورة ليتضجر ويتململ من سوء الاوضاع وتطاول الصفوف التي شهدها أيام الانقاذ ولم تحرك فيه ساكنا.

وعلى هداه غير الحسنة تلك خرجت المغنية ميادة قمر الدين قبل أيام (تولول وتسكلب) من قطوعات الكهرباء ، ميادة التي غنت أغنية (كنداكة) بعد أن اقيم اعتصام القيادة وشارف الثوار على قطف ثمار ثورتهم فـ (تمحلست) لهم بهذه الاغنية فتقبلوها قبولا حسنا إعمالا لمبدأ ” أن تأتي متاخرا خير من أن لا تأتي ، لكن ظنت ميادة أنها وبهذه الأغنية ستصبح ثائرة مثلها مثل أولئك اللائي كن يمسكن بعبوات (البمبان) ويرجعنها أدراجها.

ميادة وفضيل وغيرهما من أنصاف المبدعين، نالا مايستحقانه على وسائل التواصل الاجتماعي ، لكنهما فتحا الباب مشرعا لعديد من الأسئلة عن مواقف الفنانين من الثورة .
فمن يصدق مثلا أن النصري بكل حنيته وشجنه غاب عن الثورة جسدا وغناء، أليس من الصادم والمخذل أن يتفقد الناس أرشيف الثورة فلا يجدون النصري قد تغنى بها أو تغنى لها، النصري حبيب الملايين ومبوصل مشاعرهم كيف تقبل هذه الغياب وهو الحاضر حيث يفترض به الغياب.

النصري الذي كان حاضرا بقوة في حملة قوش الانتخابية في دائرته بالولاية الشمالية وظل يدافع عن موقفه هذا بـ استماتة ثم ارتضى أن يدخل في صمت عميق منذ بداية الثورة.

الم يحرك فيه تساقط أولئك الشباب بين قتيل وجريح وفقيد أي شعور ؟ ، الم تستفزه مشاهد الجثث وهى مثقلة (بالطوب البلوك) بعد أن تم إخراجها من النيل بعد جهد جهيد، وليس هو فحسب ، أين جعفر السقيد بل أين كل مطربي وشعراء الأغنية الشايقية، الذين تغنوا حتى (للتمباك ) ؟.

الم يحرك فيهم توثيق اكثر من 216 حالة اغتصاب فتاة وأمرأة خلال فض الاعتصام ، هل كانت روابط المناطقية (الشريط نيلية) أقوى من روابط القومية الواحدة والوطن الذي تغنوا فيه لكل شيء واستثنوا الثورة والثوار منه ؟.

كيف استطاع هؤلاء تجاوز ثورة بكل هذا الجمال والتضحيات الجسام بكل هذه السهولة، هل إستشهد اولئك الشباب فداء وطن أخر غير هذا الذي يعيش فيه النصري وجعفر السقيد وغيرهم من مبدعي بلادي الصامتون حتى الأن (وبلا خجل).
أم أن لهم رأي في الثورة نفسها ، ولكن يخشون البوح به مخافة ان يخسروا جماهيرهم (النقاطة) ، لذلك يفضلون هذا الصمت الذي لاينتهي.

يقول الصحفي الفني علي عركي “إن الثورة إيمان ومواقف تاريخية وتراكمية لاتنحصر في موقف للفنان كـ زيارته لميدان الاعتصام أو المرور علية مرور الكرام ، ويقاس هذا الايمان بمساهمات الفنان ومواقفه المعلنة والواضحة إبان القبضة الأمنية الشديدة والبطش الذي تعرض له الثوار.

وقد كان هنالك فنانون ومبدعون لهم مواقف واضحة والكل يعرفهم أمثال ابوعركي البخيت الذي اعتلى سلم المواقف (الراكزة)، ايضا المبدعة الكبيرة نانسي عجاج والشاب أحمد أمين الذي أصدر البوما كاملا دعما للثورة.

هؤلاء المبدعون وضعوا بصمتهم بقوة وكانوا في الطلائع، ولا ننسى الأب الروحي وشاعر الثورة الأول أزهري محمد علي الذي سقى الثورة بقصائده التي ظلت تذرع الحماس في الجماهير طول فترة حكم الانقاذ وليس أبان الثورة فقط، بالمقابل خلقت الثورة أدب ثوري بمبدعين جدد من أمثال الجميلة زوزيتا التي صدحت ب (عشان وطنك عشان وطني) .. و(غني ياخرطوم غني) كذاك أيمن ماو الذي غنى (رصاصة حية ).. و(سودان بدون كيزان). وقد صعد نجم هؤلاء الشباب عاليا في صدور الجماهير ، وأفل بالمقابل نجم فنانين ومبدعين كثر بسبب مواقفهم المخذلة وعدم دعهم الثورة بأي شكل من الأشكال، والغريب أن بعض اولئك المتخاذلون جاء يتغزل في الثورة بعد نجاحهها ؟ ومثال لهؤلاء النصري الذي اخذ موقفا سلبيا وواضحا منذ بداية الحراك.

وأضاف عركي ” دعم الثورة أيضا لايعني صور السلفي (شوفوني جيت) بعدما تحقق الانتصار ، بل بموقف الفنان والخروج في المواكب وإعلان الموقف قبل الوصول للشارع أو ساحة الاعتصام والتعبير عن المواقف قبل سنين، لذلك مهما كان لا أعتقد انه توجد مبررات ليتخلف أحد عن ركب الثورة خاصة من المبدعين والفنانين الذين يجب أن يقودوا الشارع ، لكن كان هذا متوقع منهم فكثير من هؤلاء انتسب للقوات النظامية وأنفصل عن الشارع وأصبح ينتفع منه في تذاكر الحفلات والشهرة فقط.

يقول أحد شباب الاعتصام ” كنا نعمل في أذاعة الاعتصام وكان يأتي إلينا أفراد من (الدعم السريع) ويطلبون منا أن نقوم بتشغيل أغنية (رصاصة حية) فيرددون معها رغم أنها تهاجمهم”.

الخلاصة من هذه القصة أن للفن والفنانين تأثير سحري لذلك يجب توظيف هذا التأثير توظيفا ايجابيا كما أن على الفنانون القيام بأدوارهم وأن يبتعدوا عن السلطة وتقديم مصلحتهم على مصلحة الوطن ، و لينظروا إلى كثير من الفنانيين والشعراء اليوم وهم يستعطفون الدولة عبر برنامج بنك الثواب ولا تقدم لهم الدولة شيء بل يعينهم ابناء هذا الشعب فقط.

Loading

شارك على
أكتب تعليقك هنا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.