صاروا أصحاب ملايين بعدما كانوا معلمين الله
بقلم: جعفر عباس
آخر راتب شهري تقاضيته كمعلم كان 82 جنيها، وكنت وقتها متزوجا، وأعطي أمي منها عشرة جنيهات والباقي 72 جنيه بحبحة شديدة، وأتذكر انه قريب آخر كل شهر كنت وزوجتي نوقف الترف والبذخ فتكون التحلية بعد الغداء بالقريب فروت لأنه كان مع الموز فاكهة الفقراء، وطبعا الزمن داك (يعني بعد معركة كرري بشهرين) كان قمة البرجزة والفخفخة أكل الكستر والجلي، والناس الغلابة تشتري الفواكه الشعبية، وكزول قضى معظم سنوات عمره في كوستي فقد كان الشمام والبطيخ والمنقة والدليب والعنكوليب (الى جانب السمك البلطي) بالنسبة لي من فئة الفول في هذا الزمان (أما الموز فقد كنا نتصدق به للجيران لأن ابي كان يأتي به بالسبيطة من الجنوب ونضعها في وعاء ضخم ونصب عليها الذرة لنساعدها على الاستواء، وأنظر الى الموز المتداول في الأسواق اليوم وأتعجب لماذا كله مصاب بأمراض جلدية).
وبال82 جنيه شهريا تلك وعليها 35 جنيها من العمل في فصول اتحاد المعلمين المسائية تمكنت من توفير نفقات الزواج شاملة غرفة النوم وتكاليف الحفلات في بدين روتانا، ومع هذا كان عندي فائض من ميزانية الزواج اشتريت به لاحقا ثلاجة ومروحة.
وفي أواخر أيام رمضان حلت ليلة القدر بالمعلمين والمعلمات، وارتفعت رواتبهم بنسبة تتراوح ما بين 300% و450%، وفرحت وطربت لهم فهم من ينجبون الأطباء والمهندسين والمحاسبين والضباط وغيرهم، وكانوا على مر السنين النجار الذي باب بيته مخلع، وبالتالي يستأهلون رد الاعتبار والتقدير المادي والمعنوي، وأضحكني ذلك المعلم الذي كتب بأوراق نقدية فئة ال500 ج اسم حمدوك وعلق على ذلك أحدهم: والله ماهية زمان ما كانت تكتب ليك “طه”، وأعجبني ذلك الرجل الحمش الذي جاءت زوجته المعلمة حاملة راتبها وقدرها 25 ألف (ملايين بالقديم) جنيه، فصادره منها قائلا: كل آخر شهر تسلميني الماهية فسألته: لماذا؟ فأجاب خايفك تعرسي فوقي
التحية لجميع العاملين في قطاع التعليم: تستأهلوا كل خير وتذكروا دائما الشهداء الذين جعلوا تحسين شروط خدمتكم منصفة وعادلة وعلى رأسهم زميلكم الشهيد أحمد خير.