آخر الأخبار
The news is by your side.

“ستات الشاي” .. من لهن؟ … بقلم: عواطف عبداللطيف

 “ستات الشاي” .. من لهن؟ … بقلم: عواطف عبداللطيف

 حين تجالسهن قرب مواقدهن الدافئة وكاسات الشاي وفناجين القهوة المعتقة بالمستكة والزنجبل واوراق النعاع ونكهات منتقاه بعناية مثلها مثل اطراف ثوبها القطني المتسربل يغطي اطراف ساقها واياديها المسخنة برحلة الكفاح لتربية العيال لابد ان تحترمها .. وربما تدمن الجلوس بجوارها.

 ما تدفعه ثمنا للمشروب لن يخرج عن كونه مساهمة متواضعة لاعاشة اسرة من قبيلة الفقراء في جوفها الايتام والقاصرين والعاطلين وطلبة العلم والمرضى العاجزين .  

انها ” ست الشاي” تجدها في محطات الباصات وقرب دواويين الحكومة والجامعات وفي زوايا الشوارع المكتظة بالبشر تحت أشجار النيم والتبلدي .. انهن أحدى الايقونات التي لم تكتب في اسطر فن الحداثة ” هن حديث الشفاهة فقبل ان يعرف السودان الراديو والتلفاز كانت الاخبار تاتيه عبر ” مخبر القرية  ” و بالنقارة وضرب الطار والنحاس للملمات وللفزعة والنفير وللولائم و الان الخبر اليقين ياتيك من عند ستات الشاي بالخرطوم المتخمة بالاوجاع.

تحدثك عن الايتام وعن ثمن الحقنة و تفشي العطالة والسويكة والمخدرات و عن طلبة العلم ونجاح البنات و تغيير الوزراء و الرشاوي والمحسوبيات ولا يخلوا حديثهن عن المعاناة ووجع الرأس الذي تداويه أمهات الارض بالمسكنات والتغافل عن ذاتها لانها انسانه مسكونة بالمسؤولية الاسرية والوطنية. 

قبل سنوات ضاقت بهن الامكنة وكسرت ادواتهن وقطعت ارزاقهن ولكنها المرأة ” جمل الشيل ” صمدت وأوصلت صوت احتجاجها ..  احداهن كانت تجلس في ركن قصي بجوار مبنى للجوازات قالت احضر وصلاة الفجر ولا اغادر إلا والشمس غابت بين طيات السحاب ولله الحمد تخرجت بنيتي من الجامعة من تعبي وشقاي واليوم وعدني مدير مشيرة بسبابتها للابواب المغلقة بانه سيسعى لتوظيفها وإن عدمت الحيلة ستخرج لرحلة العمل كست شاي اخرى.

كاس الشاي بجنيهات وزبائني ما بقصروا بعضهم يدفع بدون عدد وآخرين ببلاش .. وناس البلدية اخوانا لكن ناس الشرطة وعيال الامن يهجموا علينا ويبقوا زي الثعالب غدارين ..  ما  “بندور” غير ستر الحال و المال  الحلال وتربية العيال مسؤولية الخضار غالي والسكر عدمان في دكاكين الحلة و “الراكوبة  ” مخلعة لا تسترهم من المطر وهجير صيف النهار الكاوي.

صورة مكررة لنساء ارهقتهن المسؤوليات كن المادة الدسمة لبرامح شهر رمضان المبارك هن لا يردن ان تكون اياديهن ذليلة تتمدد ” لله يا محسنين ” لذلك يفترشن الطرقات الكالحة انها نماذج للكفاح المضني  … لتراب الارض وملحه ورائحة الانسان الاصيل الذي يحفر باظافره لاجل لقمة العيش الكريمة التي تزدهر في قاع المدن أبناء وبنات وترجعهم لنفس محطات الشقاء والرهق حينما لا تكون هناك وظايف ولا حواشات و مزارع ولا صل.

Loading

شارك على
أكتب تعليقك هنا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.