حَسَراتُ نومٍ متقطع.. نسرين عيسى
حَسَراتُ نومٍ متقطع
أَتأويني طفلة،أتحرمني طفلة،أتسعدني،أتشقيني؟
-فإذا نظرت إلى الناحية الغربية للمدينة التعيسة تجد العمى عند الغروب يضجون والعجائز ينادون بغضب،فاجأني الأبرص بالسلام يحمل الأشياء الثقيلة وباغتني بالإبتسام،لم أتوقع منه. عند الشروق آيباً إلى الوطن وعند المغيب هارباً،من لايتوقع أن يأتي يوم من الأيام ويتفاجئ بالقرية الرائعة المطلة على النيل البهي أن يرحل ساكنوها ويتركونها يقتلونها فيهجرونها هل ماتوا جميعهم ألم تسمع بأنهم كانو يزعمون أن مقابرها الممتلئة بنساءها يحرسونها؟
الصلاة صلاتك والوطا وطاتك نقوم ونقع على ِجلّاتك.
بكل برود كانت تحكي أن المنزل كان يضيء من الداخل في حين أن الكهرباء منقطعة لثمانية ليالٍ وتسأل أمها دائما،أمي لم الغرف كلها تسطع كأنما الشمس بداخلها؟
لكن الزمن يشير إلى..،هسي لينا كم سنتين صح؟!
تتوصل تلك العجوز التي تقيم معهم لقناعة أن الكل بما فيهم هي؛يحتاج للخضوع للعلاج النفسي الدائم فتقترح علي الذهاب في رحلة لجلب الأعواد من المكان البعيد كل أسبوع،وتجبرني أن أستمع إلى قصتها القصيرة القديمة التي حدثت معها في بداية عهد شبابها والتي تصر على أنها نكتة تميت من الضحك”قالوا أن الخدار صديقتها قد ماتت وهي ثاني من يدري بذلك فانتفضت من مكانها كانت ملابسها ملتصقة على جسدها مغمضة العينين ثم تفتحهما محمرتين وتكرر”حفلة عروسها الخدار هيا لنلحقها”صارت تكررها حتى أصبح حاجبيها أبيضين.
أياما صعبة لكنها ثمينة؛قيمة.
المواصلات كانت متوجهة نحو القرية القريبة،للأسف وجدت الحافلة قد امتلأت بالركاب ظاهراً وباطناً إلا من عجوز تنتظر قدوم أي شيء يوصلها وقفت إلى جانبها في ملل يظهر في نظراتي وعلى مضض أقتنع بأنها قد امتلأت،قصدو أن يدخلوا المدينة هذه في يوم ولادتها،ما إن فرحت حتى أكملوا لها فرحتهما هي ومولودها،الآن أرى بوضوح “دينا” التي انتظرت مولودها سنيناً طويلة.
الطفلين أنا والمرأة والشارع،في هذا المشهد أن أحد الجوارح التي ضلت طريقها إلى العش ضيق فضاؤها وأغلقه الرصاص ورذاذ المطر الشديدين،كل شيء يؤشر إلى بداية حرب منازل معلن عنها بالخفاء وأول منزل بدؤوا به منزل دينا رصاص ومسيرات وعتمة شديدة ماتوا جميعا الأعداء والأصدقاء ومواليد الحي،الجزء الآخر من المدينة هادئ والكبار يغطون في سبات، والأطفال يشهدون كل لحظة و يتابعون كل رصاصة طائشة أو تصيب هدفها كانوا يتعاملون مع الحرب كمسرح خشبته رديئة.
وأنا أراقب الطائرات مختلفة الأحجام من فوقي وأمامي والمياه الآتية من السماء حتى السماء ذاك اليوم لم تسلم الرصاص يضرب كل متر خال جوّاً أو برّاً حتى يكاد صوت الطفل الآخر لاتميز صرخته الأولى حتى ظل يواصل صراخه في عالمه الثاني وأطفال آخرون.
الآن وحدي من بساحة الحرب هذه ظللت مع وقت تناول الوجبة التي يطلق عليها الصائمون”السحور” وقتوا ذلك التوقيت الممتاز مع مخاض المرأة التي تعبت كثيرا تعبت حتي بكت بكيتها الأخيرة وتصيب طفلها آخر رصاصة بالحرب تصيبه قبل أن يصرخ.
يا أمي أنا لم أنم جيداً البارحة صوت المعزة لم يفارق أحلامي أبداً،فانتهى بي المطاف في أن أستيقظ على صوت قطيع الأبقار يجيء مارّّاً عبر السور غير المكتمل وأُبهر كل يوم برؤية الظلال المتحركة من خلف اللمبة أم عويد.
*نسرينة عيسى فضل*