آخر الأخبار
The news is by your side.

العلاقات المدنية العسكرية (التجارب والأمزجة): الوضع السودانى

العلاقات المدنية العسكرية (التجارب والأمزجة): الوضع السودانى

بقلم: عثمان قسم السيد

ركزت مراكز الأبحاث فى الدول الغربية و أمريكا على وجه الخصوص منذ انقلاب عبود والنميري على دراسة العلاقات المدنية العسكرية في السودان ، ودور الجيش في السياسة؛ وذلك على خلفية الدور الذي قام به الجيش السودانى في بداية الثورة. وقد زادت تلك الأبحاث بعد ثورة 19 ديسمبر 2018 ؛ أيضا على خلفية الدور الذي قام به الجيش في خلع الرئيس الأسبق عمر البشير والإسلاميين عن الحكم.
وبشكل عام ينقص تلك الأبحاث أنها منزوعة من سياقها؛ فهي تحاول تطبيق العلاقات المدنية العسكرية ونظريتها المختلفة المطبقة في الدول الراسخة في الديمقراطية على الحالة السودانية التي مازالت تخطو خطواتها الأولي والخجولة في مسار طويل من التحول الديمقراطي. والأهم أن تطبيق نموذج العلاقات المدنية العسكرية وفقًا للتصور الغربي :خضوع القوات المسلحة لقيادة مدنية ديمقراطية (The Subordination of the Military to Democratic Civilian Control)(1)،هي عملية معقدة تتطلب إصلاحا تشريعيا شاملا وإصلاح للقطاع الأمني بأكمله(DCAF) Security Sector Reform وإجراء العدالة الانتقالية Transitional Justice وبناء المؤسسات الديمقراطية وتعميق للمثل للديمقراطية، ليس فقط لدى المواطنين، لكن أيضا لدى الأحزاب والنخب السياسية السودانية ، وفهم العلاقة بين آليات الديمقراطية – احترام نتيجة الصندوق – والمثل الديمقراطية التي تهتم بقبول الآخر المختلف دينيًا وسياسيًا وعدم الاقصاء والتسامح. ويتطلب أيضا إعداد نخبة من الخبراء المدنيين المتخصصين في قضايا الدفاع والأمن القومي والشئون العسكرية.

فوفقًا للتصور الغربي؛ فالعلاقات المدنية العسكرية سلسلة طويلة متعددة الحلقات والمراحل ومتشابكة مع التحول الديمقراطي، وليست منفصلة عنه. وهي جوهرة التاج في التحول الديمقراطي في الواقع السودانى اليوم . ولذلك فإن أصعب مرحلة في التحول الديمقراطي للسودان، هي إدارة العلاقات المدنية العسكرية، ولذلك فإن لم يُحسن إدارة هذا الموضوع المتشابك والمعقد، فمن الممكن أن تنتكس الدولة وربما تعود إلى الحالة السلطوية الديكتاتورية العسكرية القمعية التي كانت عليها قبل عملية التحول الديمقراطي. أما إذا أُحسن إدارة إصلاح العلاقات المدنية العسكرية فستخطو الدولة خطوات واثقة حتى تصبح من الديمقراطيات المستقرة (كنموذج البرتغال وإسبانيا).

فالسياق السودانى بهذا الفهم مختلف من ناحية درجة التحول الديمقراطي، وتعثر المسار، بالإضافة إلى اختلاف البيئة السياسية، ورؤية السودانيين وتقديرهم لقواتهم المسلحة؛ وهي معايير تغيب عن معالجة الباحثين الغربين للحالة السودانية. ولذلك فإن فهم مستقبل العلاقات المدنية العسكرية في السودان؛ تتطلب وضع الحالة السودانية في إطار أوسع من التجارب الدولية في العلاقات المدنية العسكرية في محاولة لوضع تصور للنموذج السودانى المحتمل في العلاقات المدنية العسكرية، والدروس التي يمكن أن يستفيد منها السودان من تلك النماذج. ولإظهار أنه ليس هناك نموذج واحد في العلاقات المدنية العسكرية، ولو كان مسارا واحدا يجب أن يحتذى. فالنماذج متعددة والتجارب متنوعة.

في البرتغال كمثال تولي الجيش بنفسه إصلاح العلاقات المدنية العسكرية؛ و حققت قصة نجاح في العلاقات المدنية العسكرية ودول حققت نجاحًا جزئيًا لخضوع القوات المسلحة لقيادة مدنية ديمقراطية كدولة إندونيسيا .

وإسبانيا ودول أمريكا اللاتينية – حققت العلاقات المدنية العسكرية من خلال التفاوض negotiation pacts بين النخبة السياسية للنظام القديم والنخبة السياسية للنظام الجديد أو بين المؤسسة العسكرية والنخب المدنية.

ودول كتركيا وباكستان – حققتا إصلاحا في العلاقات المدنية العسكرية من خلال صراع القوى power-struggle game أو الصراع على السلطة بين المؤسسة العسكرية والإسلاميين في تركيا، وبين المؤسسة العسكرية ومؤسسة الرئاسة في باكستان….

خلاصة الحديث :-

أزمة المدنيين والعسكر تتلخص فى نقطتان:-
أولا : الصراع بين كل من الأحزاب والنخب المدنية السودانية والمؤسسة العسكرية حول إصلاح العلاقات المدنية العسكرية، أنتجت إصلاحًا جزئيًا في تلك العلاقات؛ وربما تزيد من قبضة الجيش وتدخله في السياسة والحكم.

ثانيًا: السودان به تيارات إسلامية قوية و أحزاب دينية،و حركات مسلحة فاوضت وأخرى مازالت تحارب، وتوتر فى الوضع السياسي والإقتصادي ، يكون من الصعب أن تتبنى إجراء إصلاح في العلاقات المدنية العسكرية، بل تزيد قبضة الجيش على الشئون السياسية والحكم ، ويزيد تدخله في السياسة، وربما يكون من المستحيل ترك دوره المركزي في صنع السياسة والقرار وهذا هو حال السودان تم أضعاف الحكومة المدنية وإسقاطها فى المقابل أصبح العسكريين أقوياء وهكذا..

للقصة بقية

osmanalsaed145@gmail.com

Loading

شارك على
أكتب تعليقك هنا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.