آخر الأخبار
The news is by your side.

الإمام المنتظر…. الوصاية وتدليس المشهد السياسي ( ١ )

الإمام المنتظر…. الوصاية وتدليس المشهد السياسي ( ١ )

بقلم : عبدالعزيز ابوعاقلة
مدخل : (الحقيقة أنهم كانوا يخشون القيام بأي تغيير قد يخل بالعالم الذي درجوا عليه وهم يكبرون.) – باولو كويلو.

دوما أتذكر عندما كنا نحترف كرة القدم في الدوري كانت وصية مدربنا قبل أي مواجهة يقول لنا (اللاعب الذي يفتر ولا يقدر علي المواصلة في الملاعب عليه أي يختم مباراته الأخيرة بتقديم احسن ما لديه من مهارة ويتوقف ) انتهي وقريبا من هذا السياق في السياسي استمعت كغيري من المتابعين للمشهد السياسي الراهن لخطبة الإمام المنتظر الصادق المهدي في الجزء الخاص بالسياسة في عيد الاضحي المبارك وكما تعودنا عليه هي في مجملها حديث مكرر لما طرحه في السابق فيما اسماه (العقد الاجتماعي الجديد ) والذي في روحه اقصاء بامتياز( ولو سمع به اول من انتج فكريا كلمة (عقد اجتماعي) جان روسو لفر بجلده وتخلي عن تنظيره.

على كل حال لم نجد ما يمكن أن يضيفه الإمام من جديد سوي طمس التاريخ القريب الذي شاهدناه بأعيننا مثلما كان بارعاً في طمس التاريخ الماضوي للوطن .

ملخصه مجموعة من المفردات والمصطلحات الإنشائية المحفوظة والخطابات المربكة المتناقضة وعدد مهول من الرفض غير الموضوعيه لمرحلة انتقالية هشة ساهم فيها الإمام المنتظر شخصياً وحزبه فيها مبكراً منذ ديسمبر 2018 ابتداء من الاستخفاف بثوار لجان المقاومة التي انطلقت من هامشه في (الدمازين وعطبرة والأبيض ودمدني ..الخ) حتي انتظامها في المركز ودعوات حالات التشكيك المطلق في ثورة الشوارع التي أطلق عليها الإمام المنتظر بكل سخافة يحسد عليها (بوخة مرقة ) او (وجع ولادة فقط) وكان يقصد أنها لا تؤدي إلى  اقتلاع النظام النازي المتاسلم.

وبالطبع كانت محل دهشة وسخرية لدي كل المراقبين و الشعب السوداني وحتي منسوبي حزبه ولكن الحقيقة التي لم يذكرها الإمام المنتظر أنه لماذا عارض تلك الانتفاضات ولا يراها ، ببساطة لأنه ومن معه من نخب سياسية منذ عودته الطوعية من منفاه الاختياري كان رهانه خاطئ ومع من تحالف معه في تلك الفترة من قوي سياسية معروفة للجميع والشارع على طريق (الهبوط الناعم وحلاوة قطن انتخابات النظام ٢٠٢٠ ) وبالطبع ذاكرة السودانيين ليست كخياشيم أسماك النيل وكل ذلك موثق بالمقالات والتاريخ والبيانات الصادرة.

ومن المؤكد أن الموقف المربك الذي اتخذه الإمام المنتظر بتجميد حزبه في تحالف قوي الحرية والتغيير وحزبه جزء منها ظل يقدم نقده ومعاركه المتواصلة من لحظة التوقيع علي ميثاقها حتى وصفها أخيرا بالفشل.

لكي يسهل الانقضاض عليها ويقدم بديله علي حسب مقاسه وطموحاته في وقت كان الواقع السياسي في الوطن أكثر هشاشة و كان الغرض الاساسي أيضا منه ( لوي) ايادي حلفائه داخل قوي الحرية والتغيير وممارسة وصاية ابوية مفرطة عليهم .

وليس هذا بجديد فالذي يدرس بعمق سيكولوجية الصادق المهدي يدرك انه بالفعل نرجسي لا يري إلا نفسه وهو الحقيقة المطلقة .

وظل كذلك منذ أن وضع يده على السياسة السودانية يرفدها دوما بالإرباك والتردد وتضيع كل الفرص التي كانت متاحة للوطن أن يخلق دولة فاعلة وحديثة ومستمرة .

ومن المدهش في خطابه الأخير لا زال حتى الان يمجد ويريد أن يستنسخ في الدعوة المهدية مستشهدا بمقولة (الأرض هززها خجاها وركزها..الخ ) انتهي .

والقراءة الصحيحة للحركة المهدية في سياقها التاريخي اذا استبعدنا التخليص من طغيان الدولة التركية السابقة ولابد لنا أن نركز في أبعادها الفكرية والايديلوجية ندرك تماما من المنفستو الأول التي اطلقتها بأنها أصولية دينية ممعنة في التطرف (والكهانة ) كما أسلفنا من قبل بالتفصيل في مقالاتنا السابقة و باختصار فهي جمعت بين الدين والسياسة في أن واحد او كما يقول الدكتور منصور خالد (هي فرضت علي السودانيين حكم ديني صارم لأول مرة في تاريخ السودان وبصورة لم تألفها الممالك السودانية القديمة مثل ممالك الفونج والفور وتقلي ) انتهي .

والخلاصة التاريخية الحقيقية أن السودانيين بالرغم من توحدهم حول الحركة المهدية لمناهضة استبداد الترك لكن سرعان ما انفضوا من حولها سريعاً لما وجدوه عملياً من استبداد جديد و تطرف واحتكار الدين كله والسياسة وتكفير الآخر الذي لا يعترف بالمهدي المنتظر أن كان مسلما او غير مسلم. وبالتالي فهي كان لها السبق في القضاء علي روح التسامح الديني في الوطن مبكرا.

والان يتوهم الإمام المنتظر انه الوحيد الذي اختارته المشيئة الإلهية لكي يكتب آخر كلمة في كتاب الوطن المتكارث به وينسي مسيرة فشله الطويل التي أتيحت له وهو في اعلي سلطة تنفيذية (رئيس وزراء ) مرتين.

ذكر الإمام المنتظر في خطابه ( أن الحكم المدني حكم ١٥% منذ الاستقلال ) انتهي . ولكنه لم يسال او يجيب علي سؤال لماذا كانت الفترة قصيرة جدا (الديمقراطية الليبرالية) ولم يحافظ عليها ويصونها مقارنة بالحكم الديكتاتوري العسكري ؟ وخاصة هو شخصيا كان من ضمن المفرطين في تلك الفترات منذ الخمسينات من القرن الماضي بل ظل يستهلك كل أحلام الشعب السوداني في جدل وقضايا تافهة اختزلها ومن معه من نخب فاشلة سياسية حينذاك في صراعات طائفية وشخصية كان أولوية أجندتها الأول و الوحيد (من يحكم السودان )؟.

بل هم وحدهم كان لهم السبق التاريخي في إقحام الجيش السوداني في السياسة وايضا (تديين السياسية ) بمشروع ما يسمي (الدستور الاسلامي) في الستينات ،كما يجب أن نضيف اليه مناسبة خطابه الأخير كانت فرصة تاريخية اخيرة له بأن يعتذر علنا بكل شجاعة للشعب السوداني عن فشله الذريع في تلك الحقب السابقة في تحقيق السلام العادل المستدام والتنمية المتوازنة والاقتصاد والفشل في التوافق على دستور دائم يراعي خصائص الشعب في التنوع وإدارة شئون البلاد بعدالة ومواطنة متساوية .

ويقدم نفسه بصورة جديدة فالاعتذار قيمة لصيقة بالقادة العظام الشجعان .

نكمل في الجزء الثاني تفنيد ما تم ايراده من قضايا نتطرق لها .

azizabuaglah@gmail.com

Loading

شارك على
أكتب تعليقك هنا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.