أدينيق / إبراهيم الخليل
أدينيق
بقلم /إبراهيم الخليل
إسمي كمبو تناديني الحبيبه جنابو ويهتف لي الرفاق سعادة ويظن عم جابر أني أبن مسئولا كبيراً في الحكومه لذا دائماً مايعاتبني علي إنقطاع التيار الكهربائي، وغلاء الاسعار، وحتى في ارتفاع الدولار
جميعهم لايعلمون أني مجرد جندي، ولو أن هنالك رتبه أقل قدراً من الجندي لحظيت بها، لم أفز بأي شاره او شريط أو أي شئ سوى الحجاب الذي أعلقه في كتفى بصراحة لست مؤمناً بهذه الأشياء لكن أرتديه لأنه يذكرني بحبيبة قلبي “أدينيق”
وحينما يُذكر إسمها يجب علي العالم التوقف لساعات أو أيام أعلم عزيزي الأحمق أن الفضول يعتريك لتعرف كيف تكون “أدينيق”
هي فارعة الطول للحد الذي يمنحها إمتيازية أول من يستقبل المطر في القرية ، تمتلك عينان واسعتين كأنهما المدى ولديها شعر طويل يصل إلى ما أسفل ظهرها، لونها مزيج إفريقي رائع مسكوب بعنايه إلاهية دقيقه ، ملامحها تجلجل داخلي الاحاسيس، وصوتها تراتيل مريحه في معبد قديم، دائماً ماتعامل قلبي بوداعه فيميل إليها، كانت فقط تضحك وتجمل سوء العالم في عيني
لم يكن جمالها محدوداً بل كان يتخطى حواجز الإستيعاب
—
كالعادة استيقظ قبل ولادة الفجر أرتحل المواصلات وأسند رأسي في منتصف النافذة الأخيرة ،
أُخرج كيسي المرافق منذ ثلاثة أيام
اصنعها بأصابع لم أعد أشعر بها، واضعها تحت شفتين لم تذق إلا طعم العدس والماء المتسخ لكنه ماء في الأول والأخير هذا مايردده المسؤول عني في الجيش بجانب جملته الشهيرة
“الكتاب والعلم مابحلوا قضيه الكلاش
والدوشكا بتحل”
حين العودة للمنزل يكتسح قلبي شعور بالغربة
لا أستطيع النوم في السرير المريح، أفتقد الخنادق كثيراً حتى انه في مرة راودتني فكرة حفر
حفرة في الحوش والنوم فيها
لاتستمر راحتي المليئه بالقلق حتى يرن هاتفى
لم يكن نداء الوطن لأن الوطن أطهر من أن يدعوا للموت، جهزت حقيبتي لكن هذه المرة كان النداء غير كل نداء كان جميع الجنود أمثالي يتهامسون بشي يدعونه الثورة وكان التوتر واضحاًً بازغاً كالشمس في جباه القادة، تلوى علينا وقتها خطاباً غريب من نوعه مليئ بالتكبير، كان طويلاً أضافوا كل الاشياء التى نخشاها نحن الجنود صورا لنا ان الثورة وحش كبير تعاون في خلقه امريكا واسرائيل وسينفذه الموساد سيبتلع الوطن إلى الهاوية وسنكون عبيداً ، أغلب الجنود اظهروا سخطهم للمدعوة ثورة وأكدوا جاهزيتهم، لم تكن لدي مشكله في أن اكون عبداً مقابل ان ينتهي الموت وأعود لحضن أدينيق ليتملكني إحساس الأمان وتحيط بي فراشات المسرة.
—
عند بزوغ الفجر تحركنا رأينا جموعا من الغاضبين أحسست لوهلة انهم يحبون الوطن اكثر مني، مستعدون للموت من أجله كانوا ينظرون لي بشفقه وبعضهم عطف علي ببعض الماء لم يكن متسخاً كان نظيفاً كأنه وارد من انهار الجنه، داعبوني بإبتسامة لم أرى مثلها منذ كنت في الخامسه وقبل وفاة امي كلتومة رضى الله عنها رددوا بعض الأناشيد التى تجعلك تشعر بالإنتماء والطمأنينة
كنت اتأملهم مذهولاً مُعجباً نصف منتمي لهم
افكر في كذب القادة والهراء السابق ،
وفي ثواني جاءتني التعليمات
“أضرب أضرب ماتجيبوا حي” وجهت الكلاش إلى الأمام واطلقت لكن الصدمة كانت حينما رأيت أديبينق حبيبتي ساقطة ارضاً والدماء تملأ المكان. لايستطيع كمبو التكمله لأنه سينتحر بعد ثوان سأكمل أنا، كمبو يقف مذهولاً يسمع دقات قلبه الزمن حوله متوقف العرق يتساقط من كل جسده يضع يديه في وجهه كأنه يجسد لوحة الفنان إدفارت مونك علي أرض الواقع توسعة بوبؤة عينيه وطغى الصفار علي وجهه
إقترب من جثة حبيبته واطلق النار علي رأسه.