آخر الأخبار
The news is by your side.

استراحة الجمعة … بقلم: ناهد قرناص .. شاي في الخمسينة

استراحة الجمعة … بقلم: ناهد قرناص .. شاي في الخمسينة

..التقيت جارتي العاملة باحدى المؤسسات الحكومية ..كانت غاضبة تطنطن بصوت مسموع ..مازحتها قائلة (الجميل مالو زعلان ) ..قالت بامتعاض واضح ( مشيت اصرف الماهية ..حسبت القروش..لقيتها (زايدة حبتين ) ..قلت ماشاء الله ..ياها المدنية العايزنها ..لكن قلت برضو اسأل عن سبب الزيادة ..فكانت الصدمة ) ..صدمة شنو ؟..كان ردها تغيير صوتها وقلب سحنة وجهها الغاضب وهي تحاكي صوت الصراف ( يا اووستاذة الضرائب اترفعت عنك لانك ماشاء الله بقى عمرك خمسين سنة ) ..ومن ثم استعادت صوتها وقالت (يخمس قيودك يا بعيد) ..

تحاشيت الابتسام ..المشكلة الازلية ..عمر النساء والاجتهاد في اخفائه ..تظهره مصلحة الضرائب التي تصدر اعفاء كاملا من الضرائب لكل من بلغ الخمسين في الخدمة العامة ..يعني ما في مفر ..كل ما نشتل الأفراح ..تجي الضرائب تذكرك بالذي مضى ..ترى من هو صاحب هذه الفكرة العبقرية في كشف الأعمار ؟ ..(عليك الله هسه ذاتها نعمل بيها شنو القريشات دي ؟ نشتري حبوب الضغط ولا السكري ؟ الضرائب يا يمة مارفعوها لمان دخلت صرفة عفش البيت ..ما رفعوها لمان جازفنا حق مصاريف الجامعة للولد ..يرفعوها هسه ؟ يضربهم الضريب بركة رب الشفق والمغيب) ..فلتت الضحكة مني ..((المداعاة عايزة مقال منفصل)) ..قلت لها (كدي روقي ..انت زعلانة من رفع الضرائب ؟ ولا من عمر الخمسين ..عشان اركز معاك وكدا) ..نظرت الي بغيظ وقالت (ماعارفة) .

ولكني يا صديقتي اعرف ..انها الاعمار التي بيد الله ..لكننا نظل ندعي الصغر الى آخر العمر ..نحن النساء اصلا عندنا ازمة فعلية مع السنين ..واصعب سؤال هو (عمرك كم ؟) ..واكثر شخص نتحاشى لقاءه هو ذلك الذي يعرف بالضبط سنوات عمرك ..اها تجي مصلحة الضرائب وتفضحك على الملأ ..فيعرف الصراف والادارة المالية وناس شؤون العاملين ..وسرعان ما يتفشى الخبر ..ويعم القرى والحضر ..

الخمسون بالذات سن صعبة ليس للنساء فقط وانما حتى لحملة الواي كروموسوم ..الرجل ما ان يخطو ناحية الخمسين ..الا وتظهر عليه علامات ازمة منتصف العمر ..قمصان مشجرة ..وزيارات منتظمة للجيم لشفط الكرش وازالة الدهون المتراكمة في الرقبة ..صبغة للشعر والدقن ..والايام دي (جابت ليها زرع شعر في الرأس )..رغم كل هذه الحشود اللوجستية على نهايات الاربعينيات …ورغم الشعار المرفوع لسن التاسعة والأربعون (فايت مروح وين ..لسه الزمن بدري ) ..الا ان جحافل الخمسينات ..تتقدم باصرار ..غير عابئة بكل صيحات الاستعطاف والاستجداء.

قلت لها (ياخ ما تزعلي ..انا اقدر اديك اكثر من مثال لي ناس حياتهم بدأت بعد الخمسين ..عندك مثلا كولونيل ساندرز بتاع كنتاكي ..اشتغل عدد من الشغلانات ..لكن ما قدر ينجح الا بعد نزل معاش في 65 سنة ومشى عمل اول مطعم كنتاكي ..هسه ياختى اريتو حالي وحالك ..محلات كنتاكي فروعها في 100 دولة ..عندك تاني مثل جوزيه ساياجو ..كاتب لاتيني ..اول كاتب ياخد جائزة نوبل باللغة البرتغالية ..الزول دا قال لو مت قبل الستين ما كان عرفني زول …امثلة كتيرة تعرفي منها انو الخمسين ما نهاية العمر ..هي مجرد رقم فيهو )..

فكرت قليلا ومن ثم قالت (طيب ليه ناس القشاير (الضرائب) اختاروه من دون الأرقام ؟ ) ..(سؤال منطقي نحولوا لي ناس الضرائب ..لكن تعالي اشربي معاي شاي في الخمسينة ) ..(خمسينة ؟ تاني خمسين ؟ قصدك شنو ؟ المطاعنات دي مافي داعي ليها ..انت الخمسين ماشة منها وين ..ماياها ديك جاية عليك ) ..وسارت في حال سبيلها وهي تمتم (خمسينة قال خمسينة قال ) ..كنت اود ان اوضح لها ان (الخمسينة) كوب زجاجي عادي ..لا فرق بينه وبين بقية الأكواب الا في الاسم .

Loading

شارك على
أكتب تعليقك هنا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.