آخر الأخبار
The news is by your side.

حاطب ليل … بقلم: د. عبداللطيف البوني  .. عقبال الجامعات

عقبال الجامعات

(1)

الحمد لله أن الشهادة الثانوية انتهت بسلام، فأيدي التلاميذ الممتحنين وأسرهم وبدرجة أقل بقية المواطنين، كانت على قلوبهم خوفاً من أن تتعرض الامتحانات لمصيبة تلغيها أو تعيدها أو تعيد بعضها، وأي من هذه المتاحات كانت ستُكلِّف البلاد والعباد الكثير، ناهيك عن التلاميذ وأسرهم، فالظرف الذي تمر به البلاد، فيه الكثير من المدلهمات التي بعثت الخوف على هذه الامتحانات، إذ كان واردا عملية تسريب أو اعتداء على بعض جلسات الامتحان أو إضراب من قبل القائمين عليها لدواعٍ مختلفة. فالشهادة الثانوية أمر أكاديمي لا صلة له بالسياسة، مثله مثل الزراعة والصناعة والتجارة والوظيفة العامة، فالثائر أو الموالي، أي مجمل السياسيين، لا يضحون بعملهم ورزقهم من أجل هدف سياسي، فهو يظاهر ويحتج ويوالي بعيدا عن أكل عيشه، فشكرا للجميع أنهم أبعدوا امتحانات الشهادة الثانوية عن التسييس فالناس (فيها المكفيها).

(2)

ما حدث من إنجاز رائع جعلنا نطرح قضية الجامعات، فالمعروف أنها كلها أغلقت بواسطة السلطات الأمنية، بحجة أنها سوف تغذي الاحتجاجات وتضخم التظاهرات، فجامعاتنا معروف عنها النشاط السياسي الزائد وغير المنظم، وعندما فتحت بعض الجامعات الخاصة أبوابها طالتها يد التظاهرات والاحتجاجات، لا بل تمزيق الامتحانات والتعدي على الطلاب الذين أرادوا استمرار الدراسة، وبالتالي حدثت التدخلات الأمنية، فأغلق بعضها واستمر بعضها يعمل بـ(نص أو ربع ماكينة)، وما حدث في الجامعات الخاصة أغلب الظن سوف يحدث في الجامعات الإقليمية التي أعلن عن فتحها الآن، وهذا يشي بأن الجامعات الحكومية إذا فتحت أبوابها سوف تشهد وابلا من التظاهرات مما سيغلقها مرة أخرى أو ربما يستمر الإغلاق الحالي لفترة قد تطول، وبهذا سيكون العام الدراسي الجامعي معرضا للخطر، وقد يتم تجميده في كل السودان، فإذا حدث هذا – لا سمح الله – ستكون سابقة لم تحدث من قبل، رغم أن بعض الجامعات شهدته إلا أن كل السودان لم يحدث فيه هذا من قبل.

(3)

إذا جمد العام الدراسي ستحدث خسائر فادحة للمواطن والوطن، فالطلاب في المرحلة الجامعية يُحسبون الآن بالملايين في طول السودان وعرضه، وتكلفة الطالب الجامعي بالنسبة لأسرته تُحسب هي الأخرى بملايين الجنيهات حتى في الجامعات الحكومية، إذ لا توجد إعاشة ولا ترحيل إذا وجدت الداخليات، أما إذا حسبنا تكلفة الطالب في الجامعات الخاصة والقبول الخاص في الجامعات الحكومية، فإن التكلفة الإجمالية سوف تصبح هائلة، ويكفي أن نشير هنا إلى أنه توجد 63 كلية طب في إحدى الإحصائيات، معظمها في الجامعات الخاصة، وإذ أضفت إليهم القبول الخاص في الجامعات الحكومية يمكننا أن نقول إن أكثر من 70% من طلاب الطب يدرسون على حسابهم، وهي تشمل المصاريف الدراسية التي تُدفع للجامعة والسكن والإعاشة والترحيل. أكثر الفئات تضررا سيكون أبناء المغتربين وما أكثرهم وهناك طلاب أجانب اختاروا بلادنا ويدفعون بالدولار في كل شيء وهذا النبع قد يتوقف نهائيا إذا جمد العام الدراسي. أساتذة الجامعات الذين يسدون ثغرة ضعف الرواتب بالعمل في أكثر من جامعة هؤلاء حالتهم أصلا (شلش) وسوف تزداد (شلشا) كل هذا بالإضافة لتكلفة الدولة نعم الدولة وليس الحكومة. فيا جماعة الخير جنبوا أولادكم وبلادكم هذا الثمن الباهظ، فعام كامل من عمر البلاد قد يكون مدخلا لضياع البلاد نفسها، فالامر ليس بسيطا، فلماذا لا يتفق الجميع؟ أكرر “الجميع” على صيغة تجنب البلاد والعباد هذه المصيبة، ولعل ذلك يكون مدخلا لوفاق أكبر

Loading

شارك على
أكتب تعليقك هنا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.