آخر الأخبار
The news is by your side.

حديث المدينة  … بقلم: عثمان ميرغني  .. البطولة لمن؟

حديث المدينة  … بقلم: عثمان ميرغني  .. البطولة لمن؟

قصة الشهيد أحمد خير مثال رائع للتضحية ثم المحاسبة والعدالة، أمس صدر قرار قاضي محكمة أم درمان وسط مولانا الصادق عبد الرحمن بإدانة 29 من منسوبي جهاز الأمن والمخابرات الوطني “سابقا” (المخابرات العامة حاليا) بالقتل العمد والإعدام.. و في الحال سرت موجة ارتياح جماهيرية ليست فرحاً بالحكم فحسب، بل لاحساس الناس بأن العدالة بدأت تتحقق.. على المبدأ القانوني (العدالة لا تتحقق حتى تُرى وهي تتحقق)

“Justice must not only be done; it must be seen to be done.”

ولكن لأن الحكم مبدئي ولا يزال أمامه مزيداً من مراحل التقاضي ليستقر، فالأجدر – صوناً للعدالة- أن نتحاشى التعليق عليه حالياً، ولننظر في اتجاه آخر مهم لترسيخ العدالة وحكم القانون.

الشهيد أحمد خير ليس وحده من قتلته آلة القمع الوحشية للنظام المخلوع، هناك مئات الأسماء، فلماذا أحمد خير وحده من سارت به حلقات العدالة حتى بلغ مرحلة صدور الحكم؟

بكل يقين وسام البطولة هنا لأسرة الشهيد أحمد خير، الأسرة عامة والأشقاء خاصة.. الذين ومن أول ساعة بعد مقتله لم يترددوا أو يخشوا شيئاً رغم أن النظام المتسلط كان حاضراً وشاهراً سيفه إلا أنهم أظهروا قدراً عالياً من الشجاعة..

أصرت أسرة الشهيد أحمد خير على تشريح الجثمان، ولم يتركوا جثمان الشهيد على قارعة التزوير والعبث بنتائج التشريح، فاستطاع أخوة الشهيد وببراعة وشجاعة منقطعة النظير أن يصوروا مشاهد من داخل المشرحة، ثم صوروا الجثمان من عدة زوايا ليثبتوا ما تعرض له من تعذيب ويوثقوا الجريمة..

عندما أشهرت السلطات شهادة الزور وقالت إن سبب الوفاة التسمم بطعام فاسد، كان من الممكن أن تنطلي الكذبة على الجميع ولا يجد أحد ما يكشفها، لكن أسرة الشهيد خاضت معركة (إعلامية) جسورة وكشفت للعالم كله براءة طبق الفول المتعفن الذي قدموه للمعتقلين.. فقد رفضه الشهيد وزملاؤه ولم يتناولوا لقمة واحدة منه.. حتى مدير الشرطة في كسلا وقع في فخ التحايل الرسمي وقدم شهادة أظنه اليوم يلعن تلك اللحظة التي تجاسر فيها على الظهور في تسجيل مصور ليضلل العدالة..

ثم حملت أسرة أحمد خير القضية إلى منصة العدالة رغم أنها كانت عرجاء حاولت أن تطمس وجه الحقيقة، ولكنهم قاوموا بكل السبل القانونية وبمنتهى الرقي والتحضر، حتى كتب الله لثورة الشعب السوداني أن تنتصر وتغيِّر الحال وأصبح الطريق معبداً للإنصاف.. وتوفرت كل سبل العدالة للجميع، حتى نطق القاضي بقراره المدجج بحيثيات طويلة..

رحم الله الشهيد أحمد خير فقد رفع بجسده التعذيب عن كل معتقلات النظام، فقد توقف التعذيب مباشرة بعد مقتله.. والآن يفتح صفحة جديدة في كتاب العدالة في السودان..

لو فعلت كل أسرة ما فعلته أسرة الشهيد أحمد خير، لما دفع الشعب السوداني كل هذا الثمن الباهظ من دماء أبنائه.

 

التيار

Loading

شارك على
أكتب تعليقك هنا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.