آخر الأخبار
The news is by your side.

وداعا جدي المُنتحل  … بقلم: (تلخيص جعفر عباس)

وداعا جدي المُنتحل  … بقلم: (تلخيص جعفر عباس)

الدكتور الباقر العفيف مفكر ومناضل سوداني رفيع القامة (والقوام)، لاذ ببريطانيا بعد أن ضيق نظام البشير عليه الخناق، وهناك شارك في تأسيس حركة القوى الجديدة (حق)، وعاد الى السودان مديرا لمركز الخاتم عدلان للاستنارة، ومجددا ضايقه الكيزان فرحل بالمركز الى أوغندا، ثم خاض قبل عام- وكسب- معركة ضارية ضد السرطان، وفاجأ الجميع بهذا المقال الذي سرد فيه نتيجة قيامه بفحص الحمض النووي الخاص به في مختبرات بريطانيا (أعتذر له لبتر أجزاء من المقال)، وكان العفيف أصلا من القائلين بأن القبائل النيلية في شمال السودان نوبا مستعربون، وأن جَدّهم العباس جَدٌّ مُنتَحل. وأنَّهم قتلوا جَدَّهم الحقيقي (النوبي) قتلا معنويا ورمزيا، ومحوا ذكره من وجدانهم
يقول الباقر نحن السودانيين الشماليين، لا نقبل أنفسنا كما هي ولا نتصالح معها ولا نريد أن نكون سودانيين وكفى، ولا نريد أن تمتد جذورنا داخل حدودنا مع النيل الخالد، ولا نريد أن نعانق الاهرامات التي بناها أجدادنا الحقيقيون الذين أنكرناهم، فصرنا كمن ينكر ضوء الشمس من رمد.
“وبما إني رباطابي من جهة أبي المتحدر من (الجزيرة أَرتُل قرب الشِّرِيْك) وجعلي من جهة أمي المتحدرة من (نواحي كبوشية وكَلِي)، ووفق الأسطورة الشائعة فمن المفترض أن أكون عربيا من الجهتين، وأن يفيض جسدي بالدماء العربية “العباسية المباركة” رغم أنف سحنتي النوبية، فماذا كانت نتيجة فحص الحمض النووي؟
دعونا نفحص النتيجة: نسبة جيناتي المنتمية لأفريقيا جنوب الصحراء هي ٩٧.٩ ٪ وهذه منها ٩٦.٨٪ تنتمي لشرق أفريقيا. وبالطبع نعرف أن هناك تداخلا كبيرا بين ممالك النوبة القديمة مثل كوش ومروي وممالك الحبشة القديمة مثل بنط وأكسوم. فنحن في الحقيقة شعب واحد من الناحية الجينية ولكن تعددت لغاتنا وأدياننا. أما بقية الجينات المتبقية العالقة بشجرتي النوبية فتبلغ ٢.١٪. ومتوزعة بين غرب ووسط وشمال وجنوب أفريقيا وغرب آسيا وأوروبا، ولعلي عوضت خسارتي للعباس بأنني والزعيم الخالد نيلسون مانديللا تحدرنا من جد واحد. عاش قبل ١٤٠ ألف سنة”
“هذا ما قله العلم وليست غايتي التقليل من شأن العرب والعروبة، وإعلاء من شأن الأفارقة والأفريقانية، لأنني أؤمن إيمانا راسخا بأن الناس كلهم سواء لا يتفاضلون إلا بالقيمة والنبل والأخلاق. وإنني أدعو فقط أن نكون “نِحْنَ يانا نِحْنَ/ ما غيرتنا ظروف ولا هدتنا محنة”. أي أن نكون كما خلقنا الله، وألا نحاول تبديل خلقه، وانتحال خلق غيرنا.. وألا نقيس أنفسنا بمعيار خارجنا، وأن نكون ممتنين كوننا أصلاء في هذه الأرض التي يباركها النيل سليل الفراديس.. وأن نستعيد آباءنا النوبيين رواد الحضارة الإنسانية.. وأن ننفض عنهم تراب القرون، ونفخر بهم.. وأن نرعى إرثهم الذي أورثونا لأنه ميراثنا أبا عن جد. فإهمالنا للتاريخ والآثار النوبية والكنوز المعرفية التي تركوها لنا ناتج عن نكراننا لأصولنا..
لن نسعد في هذه الحياة ونحن نسعى في مناكبها بشخصيات زائفة.. والشخصية الزائفة هي التي لا تعرف نفسها، وتكره ذاتها وتنكر نفسها وتريد أن تكون شيئا آخر
لقد جَسَدَتْ الطبقة الحاكمة الشخصية الزائفة منذ الاستقلال، فقد شهدنا كيف أنها فضلت الانضمام للجامعة العربية وأدارت ظهرها للقارة الأفريقية، وأهملت الانضمام للكومونويلث. وسعت لتعريب المناهج التعليمية في الجامعات من منطلق سياسي وايديولوجي استلابي، وليس من منطلق تربوي كذلك أهملت تحقيق السلام في مناطق النزاعات ولم تحمل لأهلها سوى الحرب.. وما ذلك إلا لأن تلك الطبقة كانت مغتربة عن هويتها الحقيقية.. تنظر لنفسها كنخبة عربية تجري في عروقهم “دماء شريفة”، وتنظر لمواطني المناطق المهمشة، حيث تدور الحروب، كأشباه بشر “تجري في عروقهم دماء رخيصة”، وهم من ثم لا يستحقون شرف المواطنة، بل في ظنهم أن مثل هؤلاء لا يساقون “إلا والعصا معهم” كما قال الكارثة الذي يُسَمَّى رئيسا (البشير)

Loading

شارك على
أكتب تعليقك هنا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.