آخر الأخبار
The news is by your side.

استراحة الجمعة : بعيدا عن الكورونا .. وماذا عن خديجة ؟

استراحة الجمعة : بعيدا عن الكورونا .. وماذا عن خديجة ؟

بقلم: د. ناهد قرناص

كتبت لي معاتبة (يعني يا دكتورة وعدتيني تكتبي عن السيدة خديجة رضي الله عنها .. وما انجزت .. لكن خلاص الحصل حصل) ..يا صديقة شغلتني الكورونا وتبعاتها عن كل شئ ..لكني لم انس قصتك وانما ارجأتها الى حين ..ويبدو ان الوقت حان خاصة بعد ان (حصل الحصل).

كتبت لي تلك الصديقة الاسفيرية رسالة طويلة قبل شهر تقريبا كان فيها (يا دكتورة ..اتمنى انو تلقي وقت تقري رسالتي وتكتبي عنها ..انا وزوجي دفعة واحدة من الجامعة ..ابناء منطقة واحدة ايضا ..جمعتنا حاجات كثيرة غير المحبة التي بدأت منذ السنوات الأولى .

وبما اننا الاثنين من اسر كادحة ..قررنا نتزوج باقل التكاليف ..تزوجنا من غير شيلة ولا ذهب ولا حفلة ولا يحزنون ..وكانت امي حزينة لانها تعتقد اني (رخصت ) نفسي ..لكني كنت ومازلت اعتقد انني فعلت الامر الصحيح ..بدأنا من الصفر وعملنا سويا في مؤسسة حكومية ..وسكنا منزلا صغيرا في اطراف العاصمة ..لم نكن نملك حينها غير ذلك الود ..وطموح بلا حدود ..استقال زوجي من الحكومة وبدأ عملا صغيرا لحسابه ..شيئا فشيئا ..بدات اعماله تزدهر ..ووجد المال طريقه الى جيبه .

اشترينا قطعه ارض وبنينا عليها بيتا صغيرا ..نسيت ان اقول لك ان الله رزقنا ثلاث زهرات ..وولدين ..بدأت الامور تستقر بعد ان انشأ شركة خاصة ..واصبح صاحب عمل يرأس مجموعة من الموظفين والموظفات ..كنت ارفل في السعادة والشكر لله تعالى ..عندما أتى زوجي ذات يوم .وقال انه تقدم لخطبة السكرتيرة حديثة التخرج التي تعمل عنده ..عندما حزنت وبكيت …زجرني قائلا ..ان التعدد سنة النبي صلى الله عليه وسلم ..حينها لم استطع الرد ..لكني فكرت وبحثت وقلت لنفسي ..وماذا عن خديجة ؟).

نعم يا صديقة ..وماذا عن خديجة رضي الله عنها ؟ لماذا يظل الرجال يحدثوننا عن عشر سنوات في اخريات حياة النبي صلى الله عليه وسلم ..ولا يحدثوننا عن خمسة وعشرين عاما قضاها سيد الخلق اجمعين مع امرأة واحدة اغنته عن بقية النساء ؟

السيدة خديجة كانت تكبره بعدة اعوام ..وكان قد سبق لها الزواج مرتين ..لكن هذا لم يمنع محمد عليه افضل الصلاة والسلام من الاقتران بها ..والاخلاص لها حتى بعد وفاتها ..هل كان الامر هو الحب فقط ؟..فقد قال عنها (اني رزقت حبها) .

لا لم يكن الحب فقط ..لكنه الوفاء لمن شهدت معه البدايات ..وقاست معه الأهوال والصعوبات ..انه حفظ الود لمن كانت هناك عندما اتاها خائفا يرتجف قائلا (دثروني زملوني ) فطمأنته وبشرته بأنه نبي هذه الامة ..انه الاخلاص لمن كانت له سندا ورفيقة وصديقة وشريكة حياة ..ليس فقط انه لم يفكر ان يتزوج عليها ..ولكنه ظل وفيا لذكراها حتى بعد وفاتها ..يهش لصوت هالة اختها لانه يذكره بصوت خديجة ..يبسط ردائه لتلك التي كانت تزورهم ايام خديجة ..تدمع عيناه عند رؤية ذلك العقد الذي اهدته خديجة لابنتها زينب يوم عرسها ..ويتغير وجهه بغضب على السيدة عائشة ام المؤمنين عندما قالت عنها (عجوز ابدلك الله خيرا منها ) ..فقال (لا والله ما ابدلني الله خيرا منها ..امنت بي حين كفر بي الناس ..وصدقتني حين كذبني الناس ..وواستني بمالها حين حرمني الناس …ورزقني منها الله الولد دون غيرها من النساء) .

انه الوفاء النادر ..ذلك الذي يحفظ لك البدايات ..(الختة) التي اعطيتها له عن طيب خاطر ..الاسورة التي خلعتيها وابتسامتك تملأ وجهك ..بيوت الايجار التي تنقلت بينها وانت تبحثين عن اقلهن اجرة ..واقربهن الى شارع الظلط ..الامراض التي تحاشيت فيها الذهاب الى الطبيب لغلاء اجرته وعالجت نفسك واولادك بالنعناع والشيح والقرض ..الدروس التي عكفت على مراجعتها مع الاولاد حتى لا تضطرين الى الدروس الخاصة ..كنت ترتيبن وتطبخين وتهيئين البيت ليصير اجمل ..كنت السند والشريكة حتى بلغ اعلى الدرجات …كنت وكنت ..ما اكثر الذي حكيته عن تفانيك واختصرته …لا ادري ما الذي كنت تعنيه بعبارة (الحصل حصل ) لكني اعلم ان الله لا يضيع اجر من احسن عملا ..وقد احسنت العمل يا صديقة ..انت والكثيرات من امثالك اللاتي كن في تفاني خديجة ..ولكن القليل من هم في وفاء سيد الخلق اجمعين .

كسرة
لو حتى حق الريدة هان ..انا لي عليك حق الولف
خليك في البيت ..الزم دارك وافقد جارك

الجريدة

Loading

شارك على
أكتب تعليقك هنا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.