آخر الأخبار
The news is by your side.

وقفة مع القائد فاروق أبو عيسى 

وقفة مع القائد فاروق أبو عيسى

بقلم: سعد محمد عبدالله

لقد غادر العالم من كان شمساً للحرية والديمقراطية والعدالة، رحل واحد من أبرز وأصلب قادة التنويير لثورة التغيير والتحرر الوطني السوداني، غاب عنا المناضل التاريخي الجسور فاروق أبو عيسى الذي قاد أعظم الثورات ببسالة وصمود من أجل سودان ديمقراطي، واليوم لا تكفينا العبارات للتعبيير عن الحزن الذي خيم علي الوطن وطوق قلوبنا بفراق العم فاروق الصنديد الصامد، فقد كان الراحل من قدامى القادة المناضليين المنحازين لقضايا الكادحيين في كل ربوع السودان، وقد قاوم بشدة كافة الدكتاتوريات حتى أخر نفس، وسنتذكره كلما طلعت الشمس علينا فهو خالداً مثلها في صدر السماء وتاريخ السودان.

المناضل فاروق أبو عيسى من جيل الأباء الذين خاضوا معارك التحرير في ساحات الثورة وسطروا أروع البطولات في صفحات التاريخ السوداني، ويعتبر المناضل فاروق أبو عيسى قانوني فذ ومدافع صلد عن الحقوق والحريات الإنسانية وعلامة كبيرة في كتاب تاريخ الكفاح الشعبي التحرري وشعاع ساطع من الحزب الشيوعي وزعيم خالد لقوى الإجماع الوطني وتعرفه كافة ساحات الثورة في أرض السودن التي سطى عليها نظام إستبدادي فتح أبواب سجونه للمعارضيين السياسيين وعلي رأسهم المناضل فاروق الذي أعتقل عشرات المرات وكان يقف بجسارة بين جدران السجن شامخاً لا يهاب السجان، وقد شهد ليلة سقوط رأس النظام الطاغي والباغي وسط هتاف الشعب الداوي “حرية سلام وعدالة” وهنا فتح الشعب مجدداً ذاكرة الثورة فوجد الثائر فاروق صانع “المتاريس” ما زال صامداً يقاوم “الكجر” ويلوح بشارة النصر لجموع الجماهير في الشوارع.

عندما يقف المرء أمام “معلم الثورة” يصعب عليه التحدث عن قيم ومبادئ الثورات، فما بالك بالحديث عن المعلم نفسه، هذا صعب للغاية، واليوم ندخل في إمتحان النطق ولو بكلمة واحدة أمام الثائر فاروق أبو عيسى الذي علمنا كيف ولماذا نثور؟، فمهما تحدثنا لن نفيك حقك يا معلم الثورات، ولكن رغم كل شيئ نتذكر شجاعتك وصمودك ونستقوي علي شبح الحزن لنقول كلمة الوداع أمامك، نحن نودعك اليوم ببالغ الأسى، ونحملك منا السلام للمناضليين المعلميين القادة السابقيين جون قرنق وأمين مكي مدني ومحمود محمد طه والأم فاطمة أحمد إبراهيم وكل الذين غادروا وتركونا نمشي علي الأرض المظلمة بلا مصابيح تضيئ لنا الطريق، كم هذا مؤسف ومحزن، ولكن رغم ذلك سنستمد من تاريخكم الراسخ شجاعة الإستمرار في الكفاح من أجل سودان الحرية والسلام والعدالة، وسنمضي في طريقكم الممتد من أجل الوصول للسودان المتحرر والديمقراطي وحياة جديدة للكادحيين الذين يحلمون بالسلام والطعام والمواطنة بلا تمييز.

لقد كتب لي في دفتر حظي أن ألتقي بالمناضل فاروق أبو عيسى في إحدى أيام الشدة، أيام الكفاح ضد بطش وقهر النظام الإنقاذي الإسلاموعسكري الذي سقط بارادة وأمر الشعب، إلتقيت به في العام 2014م عندما حضرت ندوة سياسية لقوى المعارضة السودانية بميدان الرابطة – شمات برفقة الأستاذ عبدالقيوم الأمين العام لحزب المؤتمر السوداني آنذاك والذي قدمني للعم فاروق الذي أحاط به الثوار، وقد كنت حينها أشعر بالرهبة وأنا أسالم مناضلا عالٍ الكعب وأحد أكبر القادة الثوريين والسياسيين في السودان ولكنه بادلني بكل عفوية وطيب خاطر وبروح المعلم الذي يحمل رسالة نبيلة لكل الناس، وقد بكينا بحزن عندما رفع الجمهور صور القائد جون قرنق في تلك الندوة التاريخية، وبكى الجميع بحرقة عندما إعتلى العم فاروق بهمة أعلى المنصة مخاطباً شعبه بحماس، فما لبس إلا قليلا من الوقت وهجمت قوة عسكرية مسلحة علي الندوة بوابل من قنابل الغاز المسيل للدموع الأمر الذي تسبب إختناق الكثيرين ونقل المناضل الثوري أبو عيسى إلي المستشفى للعلاج حيث رافقته دعوات قلوب مئات السودانيين الذين كانوا يهتفون مع رفيقهم للحرية والسلام والديمقراطية، وكلما ذكر إسم المناضل فاروق تذكرت شدة ذلك اليوم المشحون بالبطولات الكبيرة والجراحات والدموع وآمال الثورة التي لا تموت.

اليوم ننعي المناضل فاروق أبو عيسى الذي عاش مع شعبه “الحلوة والمرة” ودافع عن قضايا السودان حتى الرمق الأخير دون أن يتراجع للوراء، ننعي في هذا العالم العجيب روح مناضل وطني لا يعوض، ونتعهد بالمضي في طريق الثورة حتى يتحقق السلام وتعم الحرية ويعود النازحيين واللاجئيين إلي بيوتهم سالمين، فاذا تحقق ذلك سيرتاح قادة الثورات الذين ينتظرون رفاقهم في عالم الخلود، وهم في عالمهم الجديد يشعرون بهموم شعبهم، وعلينا أن نمد الدرب نحو تحقيق جزء من أحلامهم قدر الممكن والمستطاع، وتلك أحلام القائد الثوري الراحل فاروق أبو عيسى.

لروحه الرحمة والسكينة والسلام.

Loading

شارك على
أكتب تعليقك هنا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.