آخر الأخبار
The news is by your side.

حمدوك في كاودا رفع المتاريس عن مسار الشلال المتدفق

حمدوك في كاودا رفع المتاريس عن مسار الشلال المتدفق

عند مدخل البرام وبين أسوار غابة سرف الجاموس الكثيفة، تهبط طائرة الأمم المتحدة التي تقل رئيس وزراء السودان عبدالله حمدوك ووفده المرافق، و ترجل حمدوك من الطائرة مثل الذي يترجل من صهوة نسر، حيث تتمزج اللحظة التاريخية بحرارة الذكرى القديمة وقتما كان الرئيس المخلوع يتوعد سكان كاودا بأنه وجنوده سوف يصلون الفجر في أرض الأطورو، والنيمانج والكواليب والميري والمورو وتيرة. إنتهى تاريخ الإنقاذ الطويل ولم يضع البشير قدميه في كادوا، ولم تفتح كاودا أبوابها إلا لحكومة الثورة التي أدخلت البشير السجن. وفي كاودا تعانقت أشواق السودان القديم والجديد في محراب السلام، وانصهرت تحت أقدام الزوار براكين الحلم الفسيح، وفتحت الجبال (كراكيرها) للأطفال والنساء ، ولم تعد طائرات (السوخوي) ترهق سماوات كادوا العصية. وهناك كانت الخرطوم ترسل قُبلاتها الحارة لأرض النوبة، وترفع القبعات احتراماً لنضالاتهم الجسورة لصد الترسانات الحربية للنظام البائد، ثم تُعلن بأن النيل سيظل حبلاً سرياً ينعش أوراح كل السودانيين بالأمل والسلام والوحدة بين مكوناته المجتمعية.

الخرطوم : عبدالناصر الحاج/ أحمد جبارة

مخاض وطن
قالت التنسيقية المركزية لقوى إعلان الحرية والتغيير في بيان اطلعت عليه (الجريدة)، أمس، زيارة رئيس وزراء حكومة السودان الانتقالية د. عبد الله حمدوك منطقة كاودا بجبال النوبة استجابة لدعوة تلقاها من القائد عبد العزيز الحلو رئيس الحركة الشعبية لتحرير السودان – شمال. وأكدت الحرية والتغيير بأن هذه الزيارة تأتي في خضم مخاض تاريخي لولادة وطن جديد تنتهي فيه كل المظالم ويتساوى الناس على أساس المواطنة دون تمييز أو إقصاء. وأضافت، فجرت ثورة ديسمبر المجيدة هذه اللحظة التاريخية ووفرت لبلادنا فرصة سنعمل جميعاً على اغتنامها استكمالاً لمهام الثورة وتحقيقاً لشعارات السلام والعدالة والحرية التي حملتها. ومضى البيان قائلاً: إننا في قوى الحرية والتغيير نؤكد أن هذه الزيارة التاريخية هي خطوة جبارة في طريق بناء السلام العادل الشامل، ونأمل أن تساهم في التأسيس لسلام عادل وشامل يستجيب لآمال وأحلام اللاجئين والنازحين ومن طالتهم آلة بطش نظام الإنقاذ وعنجهيته في سنوات حكمهم الظلامية. وقطعت قوى الحرية والتغيير إن هذه الزيارة التاريخية هي ابتدار لعهد جديد يعمل فيه السودانيين والسودانيات سوياً لاستكمال مهام ثورتهم ، وتابعت إننا سنسير هذا الطريق سوياً لنعبر صعابه وتحدياته فإرادة شعبنا غلابة وقد اختارت السلام كأولى اولوياتها وستبلغه لتصمت البنادق وتنتهي المظالم ونبني وطناً يحتفي بتنوعه وتعدده ويعبر عنه ويتساوى فيه الجميع في الفرص ويبنى بسواعد أبناءه وبناته كأفضل ما يكون.

حرارة الاستقبال
في خطوة اعتبرها مراقبون بأنها تاريخية وتعجل بعملية السلام ، وصل رئيس الوزراء د. عبد الله حمدوك أمس مدينة كاودا معقل الحركة الشعبية شمال، حيث كان في إستقباله قائد الحركة الشعبية عبد العزيز الحلو ، بجانب إستقبالات حاشدة من مواطنين المنطقة ، وأجرى حمدوك في كاودا مباحثات مع عبد العزيز الحلو تتعلق بإحلال السلام ووقف الحرب في إطار دفع العملية السلمية والمفاوضات التي تحتضنها عاصمة جنوب السودان جوبا . وزير الثقافة والاعلام فيصل محمد صالح، قال في تصريحات لـ(إذاعة بلادي) وصلنا إلى كادوا بخير وعبر ثلاثة طائرات على دفعات، مؤكداً سعادتهم بما وجدوه من حرارة استقبال، ومما أدخل الحاضرين في موجة من البكاء لما شاهدوه من حفاوة استقبال جماهيري ضخم في المطار، تغمره دفء المشاعر الانسانية العظيمة، والتي تؤكد الرغبة المشتركة للعيش في هدوء واستقرار، وقال فيصل أن كلمة القائد عبدالعزيز الحلو كانت كلمة قوية مفعمة بالمشاعر الصادقة والتي حيا فيها الشعب السوداني وثورته العظيمة، وشبابها الذي جعل هذا ممكناً، وجدد الحلو دعوته للحكومة الانتقالية بوضع يدها على يده لجعل السلام ممكناً، وأضاف فيصل كذلك تحدث المبعوث الأمريكي دونالد بوث و السفير النرويجي والسكرتير لمنظمة الغذاء العالمي والذين رافقوا الوفد الزائر لكادوا، وبحسب فيصل فإن رئيس الوزراء عبدالله حمدوك، تحدث حديثاً قوياً وجريئاً وحيا خلاله نضالات الحركة الشعبية منذ المناضل الوطني يوسف كوة، مؤكداً الرغبة في الوصول للسلام، وقال فيصل بعد ذلك قمنا بجولة داخل مدينة كادوا زرنا من خلالها مدراس ومراكز صحية، وفي رئاسة حكومة الإقليم اجتمع حمدوك والحلو اجتماعاً مغلقاً، وبعدها سيعود الوفد إلى مدينة كادوقلي.

عرف سائد
القيادي بقوى الحرية والتغيير دكتور إبراهيم الامين قال في حديثه ” للجريدة “إن في السودان جرت العادة على أساس أن كل ما كان هنالك تواصل بين الناس كانت إزالة العوائق بينهم حاضرة ، مشددا على ضرورة أن يكون السلام بالداخل ، معتبرا عملية السلام بالداخل خطوة كبيرة ومهمة ، وزاد ، الحركات المسلحة تحدثت من اول يوم في لقاءها معنا بأنهم يريدون السلام وبأنهم يريدون التفاوض بالداخل مع الحكومة المدنية ،وأضاف ، الحلو هو الأقرب إلى وصول إلى سلام في منطقة جنوب كردفان ، باعتبار أن الرجل له مكانته وله وجود عسكري على الأرض ، مثمنا اللقاء المباشر الذي سيجمعه اليوم بحمدوك في هذه الزيارة ، وزاد ، دائما اللقاء المباشر بين الأطراف مهم ويعزز ثقة المتحاورين ، وقال الأمين ، إنهم مع أي خطوة تتم في الداخل لعملية السلام حيث نؤيدها وندعمها .

فشل المخلوع
الشاهد في الأمر أن قيادات النظام السابق ظلت تطلق تصريحات متكررة بأن زعيهم المخلوع سيؤدي صلاة الشكر في كاودا ، بيد أن الغرض من تلك التصريحات بحسب كثيرين كان هو بث الحماس في نفوس الجنود والمقاتلين الذين يقاتلون حوله ، والملاحظ أن تلك التصريحات لم تكن كافيه في زرع الثقه في نفوسهم الأمر الذي دعا المخلوع نفسه بأن يعدهم بأن معركتهم النهائية مع الحركات المسلحة ستكون في كاودا وليس القصر الجمهوري ، وقال البشير وقتها أمام حشد نظمته قوات الدفاع الشعبي بأن كاودا ستكون محطتهم الأخيرة في إنهاء التمرد ، ويضيف قائلا ، مثلما صلينا الصبح في الكرمك سنصلي الصبح قريبا في كاودا ، وكل هذا يؤكد بجلاء أن كل الوعود التي قطعها النظام البائد كانت كاذبة ، بجانب أن كل محاولاتهم بالوصول إلى كاودا باءت بالفشل ، وأن المنطقة ذات الطبيعة الجبلية صعبة المراس على النظام البائد في تسلقها .

كاودا في سطور
مدينة كاودا تقع في ولاية جنوب كردفان، وتتبع إداريّاً إلى محليّة هيبان وتبعد مسافة 96 كم شرق العاصمة كادوقلي، بجانب كونها العاصمة السياسية والاقتصادية والأمنية للحركة الشعبية شمال بقيادة عبدالعزيز الحلو ، و كاودا عقد بها عدد من المؤتمرات التي نظمتها الحركة الشعبية إبان عهد رئيسها الراحل د جون قرن ، وأصبحت منطقة نفوذ للحركات المسلحة التي سيطرت على كل مؤسساتها والخدمات التي توجد بها ، حيث تفرض الحركة الشعبية الرسوم والضرائب على من يقطنون بها ولا تخضع لقوانين ولاية جنوب كردفان ، بجانب أن ذات المنطقة كان الدخول إليها من سابع المستحيلات سواء من المواطنين والمسؤولين في عهد النظام البائد ، بمن فيهم ذلك ولاة الولاية الذين عملوا بها .

رسائل الحلو
الخبير الإستراتيجي محمد يوسف العركي أعتبر دعوة الحلو لحمدوك تحمل في جوانبها عدة رسائل إلى بريد الحكومة حيث قال إن الرسالة الأولى ، هي إن كاودا وما حولها مفاتيح دخولها يملكها الحلو حيث كانت عصية على الانقاذ من قبل ، أما الرسالة الثانية ، هي أن للحلو القدرة على فرض أجندته طالما أنه يملك القوة العسكرية التي تحمي فكرته القائمة على العلمانية ، وأن رفضت الفكرة فلديه أوراق أخرى منها حق تقرير المصير ، وتساءل العركي عن دعوة الحلو لدكتور حمدوك هل هي ستكون بدلاً عن حضوره هو للمركز ؟ قبل أن يجيب على السؤال بنفسه بالقول ” يريد الحلو أن يوصل رسائل منها عدم رضاه عن قوى الحرية والتغيير وطريقة تعاملها مع ملف السلام ” ويضيف ” الزيارة لها ما بعدها ويمكن قراءتها من عدة اتجاهات لكن محصلتها النهائية أن الحلو سوف يجهر برأيه هذه المرة من معلقه وليس في منصات التفاوض ” .

مناورة جديدة
إزاء ذلك ، يلفت المحلل السياسي عبدالرحمن أبوخريس إلى أن زيارة حمدوك إلى كاودا تعد واحدة من المؤشرات المهمة في تنفيذ عملية السلام باعتبارها بادرة من عبدالعزيز الحلو نفسه ، وبحسب أبوخريس الذي تحدث لـ( للجريدة ) فإن كاودا تعتبر جزء من السودان وهي مفتاح تقارب بين الحلو والحكومة حول ملفات السلام ، باعتبار أن الحلو فتح المنطقة للحكومة ليؤكد إنه راغب وجاد في عملية السلام ، ولم يستبعد أبوخريس أن تكون دعوة الحلو لحمدوك مناورة جديدة منه على منطقة كاودا بدلا من النيل الأزرق وجنوب كردفان ، بجانب أن الحلو قد يريد أن يغيير الصورة الذهنية التي في مخيلة العالم بأنه رجل حرب وليس سلام ، داعيا حمدوك بأن يأخذ معه تقرير شامل عن أوضاع المنطقة ، وأن يستصحب معه منظمات وآليات للتقديم العون لإنسان المنطقة باعتبارها منطقة داخل السودان وتتبع إلى سيادة وطنه ، مؤكدا هذا يراعي حقوق المنطقة في كل ما تحتاجه من معينات ، مشددا على ضرورة أن يكون العمل الانساني في المنطقة من الحكومة وأن لا تقوم به المنظات الاجنبية ، بجانب أن تحدد نسبة أو جزء مقدر من الموازنة لإنسان المنطقة .

 

الجريدة

Loading

شارك على
أكتب تعليقك هنا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.