آخر الأخبار
The news is by your side.

بلا حدود  … بقلم: هنادي الصديق  .. أحمد الخير طبت حياً وميتاً

بلا حدود  … بقلم: هنادي الصديق  .. أحمد الخير طبت حياً وميتاً

دولة العدالة تحققت، ودولة القانون تقدمت على دولة الفساد والقهر والاستبداد، الآن فقط يحق للشهداء ان يتوسدوا فرحتهم بميلاد دولة العدالة التي خرجوا باحثين عنها ولم يبخلوا عليها بدمائهم وأرواحهم، الآن من حقهم ان يرتاحوا في قبورهم بعد أن أسدل الستار على واحدة من أفظع وأبشع الجرائم التي ارتكبت في حق أحد رسل العلم والإنسانية، بالحكم بإعدام (29) من منسوبي جهاز الأمن السوداني بتهمة قتل المعلم أحمد الخير، في محكمة استمرت جلساتها لأكثر من ١٦ اسبوعاً، بينما تمت تبرئة (7).

قضية أحمد الخير، كانت هي القضية الابرز منذ انطلاق الثورة المجيدة بعد أن شغلت الرأي العام السوداني قبل سقوط النظام، وأسهمت بشكل كبير في تصاعد وتيرة الاحتجاجات ضد النظام البائد، بعد تعرض المعلم للتعذيب الفظيع قبل أن يتم اغتصابه ببشاعة تموت لها الفائدة عشرات المرات، وهي الجريمة التي كان مسرحها مكاتب جهاز الامن بمنطقة خشم القربة، بحسب إفادات المعتقلين معه، واعترافات اللجنة فيما بعد.

وجميعنا يذكر اختلاف التصريحات للمسئولين بولاية كسلا وعلى رأسهم مدير شرطة الولاية والاكاذيب التي كشفتها حقائق المحكمة التي قضت باعدام الجناة والمشاركين معهم والمتسترين عليهم.

النيابة العامة استحقت الإشادة عندما فتحت النار على جهاز الأمن بعد إعلانها وفي سابقة، أن الخير توفي نتيجة التعذيب بآلة حادة دحضا لأقوال والي كسلا ومدير شرطتها الذين تباروا في تكذيب الاخبار الحقيقية ليضللوا الرأي العام والعدالة بأن الفقيد مات مسموماً بوجبة فول، ولم يدروا ان حبل الكذب قصير، وخيرا فعلت النيابة وهي تضغط حكومة كسلا لمدها بأسماء الأفراد الذين حققوا مع الخير وأحضروه إلى كسلا.

بعد النطق بالحكم الذي أثلج صدور ملايين السودانيين، حق على السودانيين ان يفاخروا بمؤسساتهم العدلية وقواتهم النظامية بعد أن فقدوا فيها الثقة لعقود، وأن يتأكدوا ان دولة العدالة قادمة بقوة لتجرف كل من أجرم في حق هذا الشعب، وخاصة من تلطخت أيديهم بدماء أبناء الشعب الأبرياء، فكل مجرم من هؤلاء عليه ان يتحسس رأسه انتظاراً لحبل المشنقة الذي ينتظره وكذا الحال بالمغتصبين وشركاء المشروع الدموي. الفاشل، ويبدو ان سير العدالة لن يستثني أحداً من الشركاء، وكان من المفترض أن تشهد ذات القضية الحكم على كل من ضلل العدالة والرأي العام، وأعني مدير شرطة كسلا، وتجريده من رتبة لواء بداية، ثم محاكمته على المعلومات التي أدلى بها، وفي الحالتين هو ضالع في الجريمة، فإن لم يكن يملك المعلومة الحقيقية وقتها، يحاسب على تقصيره في أداء مهمته في كشف الحقيقة، وأن امتلك الحقيقة وأخفاها، فعقوبته الإعدام أسوة ببقية الجناة لأنه من وجهة نظري لا يقل بشاعة عنهم وهو يحاول ان يحمي نظاماً جنح إلى العنف والظلم، وكذا الحال ينطبق على والي كسلا الممتلئ فساداً من قمة رأسه لاخمص قدميه.

النطق بالحكم أمس في القضية الابشع والافظع، يستدعي من القائمين على أمر التحقيقات في حادثة فض اعتصام القيادة وما تبعها من أحداث دامية بوضع قضية الاستاذ احمد الخير كتيرمومتر لقياس عمل لجنتهم وتقفيل جميع الثغرات التي يمكن ان يفلت منها شركاء جريمة العصر، فلا الشارع ولا أولياء الدم يمكن ان يقبلوا بأقل من القصاص العادل، وما حدث اليوم من هزيمة لجهاز أمن الدولة وانتصار باذخ للأجهزة العدلية للدولة ينبغي أن يكون منهاجاً يدرس لطلاب القانون وللمنتسبين للقوات النظامية بما فيها جهاز الأمن نفسه، وحتى المدارس ينبغي أن يعي طلابها وتلاميذها عظمة هذا الشعب الذي رفض القهر وقهر الظلم بوعيه واصراره على أن تأخذ العدالة مجراها وان تعيد الحقوق السليبة لأهلها بعيدا عن الوصايا وحكم الغاب.

شكراً شعبي ولترقد روحك بسلام استاذنا الجليل، فقد علمت هذا الشعب معنى أن يعيش ويموت وهو منتصر.

 

الجريدة

Loading

شارك على
أكتب تعليقك هنا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.