آخر الأخبار
The news is by your side.

مجتمعان معافيان في السودان … بقلم: حاتم صفوت كبلّو

مجتمعان معافيان في السودان … بقلم: حاتم صفوت كبلّو

عشت في السودان زهآء ثلاثون عآماً تنقلت فيها بين جميع أطرافه شرقا وغربا وجنوبا وشمالا و وسطاً ، عاشرت فيه جُلّ قبائل السودان سكنت معهم وسافرت معهم أكلت طعامهم و صادقتهم ، منّ الله علىّ بشرف الجندية والعمل مع القوات المسلحة زمناً سأظل أسرد حكاياته علي إبنتاي إن مدّ الله في عمري ، و منّ الله عليّ أن صحبت كبار شيوخ المتصوفة في السودان وجالستهم وسافرت معهم ، فوالله وجدت كل أمراضنا النفسية من حسد ، وغل، وعنصرية بغيضة ونظرة دونية أو إستعلائية في كل قبيلة عاشرتها وفي كل مدينة عشت فيها ، إلاّ في موضعين فقط ، أو قل مجتمعين فقط.

مجتمع الجندية والقوات المسلحة ومجتمع التصوف والخلوة والمسيد ، فوالله كنا عندما نلبس زيّنا المبرقع الذي لا لون له ويحمل رائحة الموت التي لا يشمها إلاّ من دفنّ أعزائه بيده.

فوالله حين نرتديه كأننا دخلنا مجالاً جوياً آخر أو سافرنا عبر الزمن عندها  تزول كل الفوارق القبلية والطبقية والعنصرية والدينية  ولا نري فضل عربي علي عجمي إلاّ بالتقوي وحب الوطن والتراب ، ونفس هذه الصورة تبدو لنا جلية واضحة عندما نزور المسيد والخلاوي فوالله نجلس علي الأرض كلنا سواسية كأسنان المشط متحابين متوادين نؤثر أنفسنا إيثار المهاجرين والأنصار ، لا نتدافع إلاّ في السلام علي شيخنا الذي نحبه..

فهنيئاً لمن منّ الله عليه بالعيش في تلكم الكواكب النيّرات..

الجنود جُل جلوسهم علي الأرض ..

والمتصوفة جُلّ جلوسهم علي الأرض ..

والجالس علي الأرض لا يقع ..

Loading

شارك على
أكتب تعليقك هنا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.