فكر حر … بقلم: حليم عباس .. معركة الأجندة
فكر حر … بقلم: حليم عباس .. معركة الأجندة
المعركة الأساسية في الساحة الآن هي معركة الأجندة و الأهداف الوطنية، و ليست معركة بين ثنائيات يمين/يسار هامش/مركز قوى التغيير الثوري/قوى الحوار الى آخر الثنائيات.
هل أنت مع السلام و الديمقراطية و العدالة و التنمية و الرفاهية للشعب ؟ هذا هو التحديد الذي له دلالة و معنى ، و ليس كونك في هذا الفريق أو ذاك. من الممكن أن تكون ضمن قوى الثورة، و لكنك لا تعمل بشكل حقيقي من أجل هذه الأهداف، و تعتقد بأن موقعك هو بمثابة صك براءة مسبق الدفع.
و العكس، و هذا هو الأهم خصوصا للإسلاميين المعارضين لقوى الحرية و التغيير و للسلطة الانتقالية الحالية ، كونك في موقع معارض لأجندة الحرية و التغيير لا يعني بأنك تعمل بشكل حقيقي من أجل الأجندة و المصلحة الوطنية (يُمكن أن تكون بالفعل من النظام البائد و تريد إعادة عجلة التاريخ الى الوراء). يجب أن نخرج من فكرة الرهان على خطأ وسوء الطرف الآخر من أجل اكتساب الشرعية. و هذه هي العقلية التي ظلت تحكم معارضة النظام السابق طوال الوقت، و ما تزال متحكمة في أداء قوى الحرية و التغيير.
النقطة الأساسية التي أريد أن أخلص اليها و هي موجهة إلى التيار الإسلامي الواسع، و الذي تستمر معارضته للوضع القائم في التوسع و القوة، هي أنه يجب على هذا التيار أن يجعل من صراعه من أجل المضي قدما نحو المستقبل، و ليس العودة الى الوراء. أن تكون لديك معركة مع فصيل سياسي أو ايديولوجي هذا أمر طبيعي و مشروع، و لكن يجب عليك أن تتخذ الموقف الصحيح و المسئول في هذا الصراع، فهو في النهاية لا يجب أن يكون صراعا عدميا بلا معنى، أو صراعا من أجل تدمير الخصم و حسب.
أنا هنا لا أدعو الى أي شكل من أشكال المهادنة أو الموادعة لقوى الحرية و التغيير، و هي تستحق أن تُعارض حتى تعود الى حجمها و و ضعها الطبيعي، و لكن هذه المعارضة يجب أن تكون مبدئية و مسئولة، و يجب أن تكون على أساس الأجندة و المصالح الوطنية، هذا هو المعيار.
ما يجب أن يفعله الإسلاميون ليس هو تأييد قوى الحرية و التغيير، و لا السكوت عليها، و إنما هو امتلاك الرؤية و الأهداف التي تجعل هذه المعارضة ذات معنى، و الوقوف في الموقف الصحيح من الأهداف النظرية للثورة و للشعب. و من ثم لها أن تعارض كما تشاء، بل يجب عليها ذلك.
في المقابل فإن قوى الحرية و التغيير تتحمل المسئولية في الدفع بالصراع نحو العبثية و الفوضى، و ذلك بتعاملها مع كل من يخالفها على أنه عدو ضد إرادة الشعب و ضد الوطن و ليس مجرد خصم سياسي و ايديولوجي لها هي بالذات و ليس الشعب، و بعملها على تجريد أعداءها السياسيين من أي محتوى موضوعي و تصويرهم على انهم مجرد شيطان لا توجد أي مساحة للتفاهم معه إلا عبر الحرب. ففي النهاية سيتحول هذا الخصم الى شيطان بالفعل.