آخر الأخبار
The news is by your side.

زاوية منفرجة  … بقلم: جعفر عباس  .. خميس اتهامات التحشش والتحرش

زاوية منفرجة  … بقلم: جعفر عباس  .. خميس اتهامات التحشش والتحرش

بالمناسبة، فإن المقالات التي نشرتها هنا خلال الأيام الماضية مقتطفات من كتابي “سيرة وطن في مسيرة زول”، وإليكم جانبا منها:
= كان عمري نحو سبع سنوات عندما قررت صوم رمضان كي أثبت أنني “راجل”، ونزلت الى النهر مع مجموعة من الصبية للاستحمام لتمضية الوقت في انتظار الغروب، وخلال الغوص اكتشفت ان الماء تحت السطح بااااارد، فشفطت منه كمية صغيرة، فانفتحت شهيتي وواصلت الشرب حتى أحسست أنني تامبيره وهي سمكة تنتفخ وتصبح مدورة كحيلة للدفاع عن النفس، فانسحبت الى الشاطئ وأنا عاجز عن التنفس، وفجأة انفتحت الحنفية وتدفق الماء عبر فمي، وانفجر الجميع حولي ضاحكين وصاحوا: أرمدان كبي (فاطر رمضان)، وأرمدان هو رمضان، واللسان النوبي لا يتعامل مع حرف الضاد ومن غرائب اللغة النوبية أنه لا توجد فيه كلمة تبدأ بحرف الراء، ولهذا نضيف همزة مكسورة لكل كلمة تبدا بالراء نستعيرها من العربية ويصبح اسم “رابحة = إرابه” وطبعا عندنا حساسية مع حرف الحاء أيضا.
= في جامعة الخرطوم كنت أسبق طالبا أحبه كثيرا بسنتين وكان مستهترا رغم ذكائه الفطري، وكان يحشش بالبنقو، وفي امتحان نصف عام ما، رسب بالمزيكة، وغضبت ودخلت غرفته وفتشت خزانة ملابسه ووجدت فيها لفافات بنقو وصادرتها والقيت بها في برميل نفايات قاعة الطعام، وعاد الى الغرفة في نحو الثالثة فجرا ولم يعثر على البنقو و”جاط” زملاءه في السكن، فقالوا له ان جعفر صادر البنقو، ثم ايقظني زملائي في الغرف المجاورة وطلبوا مني ان ارد على “المجنون” الذي يناديني فجرا، وأرخيت السمع فإذا به يصيح بي وأنا في الطابق الأول من داخلية بحر الجبل وهو على الأرض: جعفر وين البنقو؟ والمصيبة هي أنه كان سكران طينة، وتوجهت اليه وبعد تحانيس نجحت في اسكاته، ولكن “جعفر وين البنقو” طاردتني لسنوات لأن زملاء الداخلية استخدموها تحية مساء وصباح.
= أبلغتني السفارة البريطانية انني نجحت في الامتحان التحريري لوظيفة ضابط إعلام/ مترجم، وقبل الموعد المحدد للانترفيو بساعات قال لي صديق إنه تم منح الوظيفة سلفا لشخص آخر “مسنود” فلعنت الاستعمار وتوجهت بجلابية البيت من منزلنا في حي الشعبية في بحري الى مسكن فيه أصدقاء عزاب في حي المزاد، ودخلت عليهم وأنا محبط وهم يجلسون في غرفة شبابيكها وبابها مغلق، ويتسامرون ويلعبون الكنكان ويدخنون بشراهة، وبعد نحو ساعتين سألوني عن الانترفيو فحدثتهم عما سمعته من منح الوظيفة لشخص مسنود، فقالوا لي: كلام فارغ ولازم تخوض التجربة، وأتوني بقميص من هنا وحذاء من هناك، ورافقني ثلاثة منهم الى السفارة في الموعد المحدد، ودخلت على مستر دونالد قرايمز مستشار السفارة وأنا قنعان من الوظيفة، وهترشت معه في الفاضية والمليان فإذا به يفاجئني بأنني أملك سنس أوف هيومر “حس دعابة” رفيعا، وأنني فزت بالوظيفة.
وبعد ان زاولت عملي في السفارة قال لي قرايمز: ليه دمك تقيل في الشغل وفي الانترفيو كنت طاقة من المرح؟ فشرحت له إنني اكتشفت ان جماعتي العزاب كانوا يجلسون في غرفة مغلقة وهم يدخنون البنقو، وأنني بالتالي جئت الانترفيو مسطولا بنظام الانسطال السلبي بشفط هواء مشبع بالبنقو، وأنهم أبلغوني بكل ذلك عندما عدت اليهم ظافرا وشكوت من صداع فظيع، فسقوني عصير الليمون بكميات تجارية ولم يرحل عني الصداع الا في اليوم التالي.
= كان مكتبي في السفارة البريطانية في الطابق الثالث من عمارة أبو العلا، وفي الطابق الرابع شركة موبيل أويل، وكان الجميع يستخدمون الاسانسير، وكانت أول مرة اتعامل مع ذلك الصندوق السحري، ولم أكن أدخل فيه إلا إذا وجدت فيه رفيق رحلة، ولهذا كنت كثيرا ما أطلع وانزل مستخدما درجات السلم وأنال ثناء الخواجات بأنني شخص رياضي ونشيط، وذات يوم كنت احس بالإرهاق ولم أكن قادرا على مواصلة تمثيل دور الشاب الرياضي، ووقفت أمام الاسانسير في انتظار فاعل خير يصطحبني معه الى أعلى، وجاءت حسناء تعمل في موبيل اويل وطلبت الاسانسير وما ان دخلت فيه حتى دخلت وراءها، فخرجت منه مرعوبة، فخرجت وراءها، وربما زادها ذلك شكا وخوفا مني لأنها غادرت المبنى كليا، وبعد نحو ساعتين صعدت الى مكاتب موبيل أويل ووجدتها جالسة، ولما رأتني رأيت الهلع على وجهها فاستجمعت شجاعتي ووقفت أمامها وشرحت لها كيف أنني لا استخدم الاسانسير الا مع كفيل لأنه يذكرني بتابوت الموتى الذي أراه في الأفلام، فابتسمت وبدا الارتياح على وجهها فطلبت منها ان “تسترني” بحيث لا يتفشى الخبر في القرى والحضر.

Loading

شارك على
أكتب تعليقك هنا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.