آخر الأخبار
The news is by your side.

مناظير … بقلم:  زهير السراج  .. التهريج الصحفي !

مناظير … بقلم:  زهير السراج  .. التهريج الصحفي !

* تنتشر بشكل كثيف ظاهرة التهريج والتهريج المضاد وتوجيه الاتهامات والشتائم في الاعمدة الصحفية، سواء من انصار النظام البائد او انصار الثورة، أو الذين يزعمون الآن في كتاباتهم أنهم كانوا يتعرضون للاعتقالات والمضايقات خلال العهد البائد، بينما كانوا يشاركون في مناسبات واحتفالات جهاز امن النظام البائد ويحصلون منه على الحوافر المادية والعينية، وهم على اهبة الاستعداد لقلب الصفحة بسرعة مذهلة، والانضمام للتغيير وتقديم خدماتهم للحكام الجدد !

* نفس هذا التهريج كان متفشيا خلال فترة الديمقراطية الثالثة بعد نجاح ثورة ابريل المجيدة في إسقاط نظام المخلوع (جعفر نميري)، ولقد أدى للأسف الى حدوث فوضى شديدة في المشهد السياسي، وانتشار الشتائم والشائعات والتظاهرات والاضرابات، التي استفاد منها حزب (الجبهة القومية الاسلامية) في تقويض الدستور والانقضاض على النظام الديمقراطي والسيطرة على السلطة بانقلاب عسكري باسم القيادة العامة للجيش، بينما لم يشارك فيه إلا مجموعة صغيرة من الضباط والجنود تساندهم مليشيات الحركة الاسلامية، وما كانوا لينجحوا في حركتهم الغادرة لولا احساس اليأس الذى كان يسيطر على الجميع، والفوضى التي تسود المشهد، وعدم جدية الحكومة في التعامل مع المعلومات الاستخبارية الوثيقة والتحركات المكشوفة لـ (الكيزان) للقيام بانقلاب عسكري!

* كانت المعلومات والتحركات مكشوفة للجميع لدرجة أنها كانت الموضوع المفضل للصحف طيلة الاسبوع الذى سبق يوم الانقلاب، بل إن العنوان الرئيسي لعدد صحيفة (الاسبوع) السياسية اليومية الذى كان من المفترض ان يصدر صبيحة يوم الثلاثين من يونيو عام 1989 وطبع ولكنه لم يوزع بسبب الانقلاب، كان: (وقوع انقلاب عسكري صباح اليوم)، ورغم كل التحذيرات والتوقعات ظلت الحكومة تتجاهل الانقلاب بشكل غريب، لدرجة انها كانت (تسهر) بكامل عضويتها بالإضافة الى عدد كبير من السياسيين في حفل زواج بالخرطوم في نفس ليلة الانقلاب، وقبض على بعضهم في مكان الحفل!

* كان تهرج الصحفيين الموالين للجبهة الاسلامية رأس الرمح في تهيئة الرأي العام للانقلاب، وهو نفس التهريج الذى يمارسه انصار النظام البائد الآن بتوزيع الاتهامات والشتائم والاساءات البذيئة في كل اتجاه من خلال الصحف والاعمدة الصحفية، لشغل الناس في معارك انصرافيه واستقطاب الباحثين عن المتعة الزائفة في الكلمات البذيئة، لإحداث فوضى تقود للإخفاق في تحقيق اهداف الثورة، ويظلوا مهيمنين على الدولة التي يمسكون بمفاصلها، وإعاقة تصفية دولة التمكين ومحاسبة المفسدين ومعالجة الازمات الخانقة، وتظل الأوضاع السيئة كما هي بدون تغيير، ويصاب الناس باليأس، وينكفئ الجميع على انفسهم لا يدرون ماذا تخبئ لهم الايام!

* ومن المؤسف انهم وجدوا في بعض الصحفيين والكُتاب سواء الذين كانوا معارضين للنظام السابق بالفعل، أو كانوا ممسكين بالعصاة من المنتصف يوجهون بعض الانتقادات للنظام البائد ويتهافتون في نفس الوقت لحضور مناسبات واحتفالات جهاز الامن ويحصلون منه على الحوافز ثم تلبستهم روح الثورة بعد سقوط النظام، أو الذين ركبوا الثورة بعد نجاحها وصاروا ثوريين اكثر منها .. المطية التي يبحثون عنها والشخصيات الهوائية المولعة بالهتافات الساذجة، فأخذوا يوجهون لها الاتهامات والاساءات، وهم واثقون انها ستعاملهم بالمثل وترد على (شتائمهم) بشتائم مماثلة أو أسوأ منها فتنتشر الكتابات الغثة واللغة الركيكة، وتسود صحافة الشتائم وتعم الفوضى وتصبح الثورة المجيدة والبلاد في خبر كان !

* إذا وجدنا العذر لأنصار النظام البائد في ممارسة هذا العبث في سبيل تنفيذ مخططهم الخبيث لإجهاض الثورة، فما هو العذر الذى نجده للآخرين، وهل يساوى الحصول على التصفيق والهتافات الساذجة التكلفة العالية لنشر الفوضى وإفشال الحكومة واغراق البلاد في الازمات وإصابة الناس باليأس، وإسقاط الثورة؟!

Loading

شارك على
أكتب تعليقك هنا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.