آخر الأخبار
The news is by your side.

الإصلاح والأمل والمستقبل … بقلم: روبرت وليم اسكندر  .. الاحياء الثقافي للهوية السودانية

الإصلاح والأمل والمستقبل … بقلم: روبرت وليم اسكندر  .. الاحياء الثقافي للهوية السودانية

كان يجب ان يكون هذا العنوان المبدأ الأساسي لتعزيز الهوية السودانية ، كمرجعية دستورية وثقافية توصلنا إليها في مؤتمر الحوار الوطني، وقد رفع هذا المبدأ كشعار وطني مرات عديدة في تاريخنا الثقافي تحت شتى انظمة الحكم ، ولم يتخط رفعه المناسبة التي قدمته ، بمعنى آخر لم تجر خطوات من وزارة الثقافة لوضع هذا المبدأ الوطني رهن التنفيذ،ولم يظهر في المقررات الدراسية بالمدارس والمعاهد والجامعات ، ولم تقم المؤتمرات الفكرية لتحديد دراساته وبحوثه للمشروع في انجازها وذلك حتى انحصر الاحياء الثقافي للهوية السودانية في فرق استعراضية ساذجة الغايات والممارسات.

اولاً:لابد لنا من تحديد مقومات هذا الاحياء الثقافي حتى نكون على بصيرة من خطوات التنفيذ .

واهم هذه المقومات:-
اعادة كتابة تاريخ السودان القديم والحديث بعمل اكاديمي غزير الدراسات والبحوث حول العصور السودانية كافة.
وضع دراسات مستفيضة حول الجغرافيا الطبيعية والاقتصادية والسياسية للسودان ، حتى نثري اكاديمياً الجغرافيا ، وبخاصة الخرائط التاريخية منذ اقدم العصور حتى هذا العصر لفائدة الاجيال السودانية والمراجع الاكاديمية.

انشاء المكتبة السودانية بجميع الاعمال الفكرية والادبية على مر العصور ، بما في ذلك الكتابات الصوفية والدواوين الشعرية والمؤلفات الفكرية للسودانيين ، وذلك باعادة نشرها على يد لجنة محايدة غير مؤدلجة.

جمع الاعمال التشكيلية لكبار الشخصيات المشتغلة بهذا الفن الجميل في عصور سابقة ولاحقة ، وذلك في معرض دائم مفتوح للجمهور.

قيام الجامعات السودانية بدراسات التخصص في نيل الدرجات العلمية حول مقومات الهوية السودانية : تاريخياً ، وجغرافياً ، وفكرياً ، وثقافياً. ونشر هذه الدراسات على اوسع نطاق كمساهمة في الجامعات في تعزيز الهوية السودانية.

تصميم مادة مدرسية للتدريس حول الهوية السودانية ، بهذا العنوان حتى لا يختلط مع مناهج التربية الوطنية الاخرى.

التعبير الدستوري عن مقومات هذه الهوية لدى صياغة الدستور الدائم المرتقبة.

تشجيع فن الغناء والموسيقى للتعبير عن هذه الهوية السودانية الممتدة عبر العصور.

دعم الدراسات الاجتماعية حول المكونات العرقية والدينية للهوية السودانية ، وبخاصة الاعراف القبلية الحميدة والخصائص العرقية الجيدة ، والقيم الاخلاقية العالية.

ايلاء الدور الترويجي لمقومات هذه الهوية من خلال اجهزة الاعلام ومنصات المعلومات العامة والخاصة.

ابرز مقومات الاحياء الثقافي:-
اولاً: جمع الوثائق والمعلومات ووضع الدراسات والبحث وكافة المرجعيات الوطنية والاجنبية التي تثبت ان الحضارة النوبية هي اقدم الحضارات في التاريخ ، مع دراسة خاصة لحضارة الحديد بمروي وامتدادها الى غرب افريقيا ، وعبورها المحيط الى الامريكتين. وذلك مع تشجيع الحفريات التي تبحث هذا المبحث. وكذلك البحوث حول شمال السودان كموطن اول للفلسفة وللدين بل كمهد لخلق الانسان الاول.

ثانياً: البحث العلمي في مكونات الشخصية السودانية المتمازجة عرقياً وثقافياً بصورة سلمية منذ اقدم العصورالتراكم الحضاري النوبي المسيحي الاسلامي ، والتزاوج العرقي بين الزنوجة والعروبة ، وآثار هذا التماذج والتزاوج في تكوين الخصائص السلوكية المسالمة المتسامحة ، والجوادة الشجاعة.

ثالثاً: اثر التصوف الاسلامي الاكبر في اثراء الشخصية السودانية ببعد ثقافي صاعد ، وذلك بالاتجاه الى اصلاح الفرد كمحور لاصلاح المجتمع والسلطة (يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل اذا اهتديتم)) المائدة الاية 105. وذلك هو الترياق المضاد لاي ثقافة أخرى منسوبة للاسلام وتتجه للتكفير والارهاب. فالبيئة السودانية لا تعرف مثل هذا الاتجاه المنحرف عن الاسلام ، ولا يمكن ان يكون حاضنة اجتماعية له. فالتصوف بعد تنقيته من الممارسات الشكلية التي ألحقت بأصوله ، انما هو الاقرب الى اصول الاسلام.

رابعاً: تركيز الدراسات على معالم منسية من تاريخ السودان كدولة مروي (حضارة الحديد) والدولة السنارية التي دخل في عهدها المد الصوفي وتغلغل في الحياة السودانية واثر في الشخصية السودانية ، وهي التي كان لها الفضل في تحديد حدود الدولة السودانية بصورة اجمالية ، مع وضع اساس الدولة الفيدرالية بين الاصول العربية والاصول الزنجية.

خامساً: ابراز الشخصيات الشعرية السودانية المضاهية للشخصيات الشعرية العربية كشخصية التيجاني يوسف بشير مقابل أمير الشعراء احمد شوقي ، وهو على قلة انتاجه تفوق في المستوى الادائي على الاخير (قصيدة النيل للشاعرين).

هويتنا مصدر تفردنا:-
اقصد تفردنا الحضاري القديم ، قبل ظهور الحضارة المصرية في جنوب مصر وهي كشمال السودان سمراء البشرة ، وتفردنا بهذا المزيج العجيب بين خير الاعراف العربية وخير الاعراق الزنجيةوتفردنا بتراكم الحضارات على الدولة السودانية المتعاقبة منذ القدم وتفردنا بميراثنا الصوفي المتميز بمحاسن الاخلاق.

تميزنا مصدره سودانيتنا ، فلا يجب ان نفقدها للجامعة العربية او للاتحاد الافريقي او منظمة التعاون الاسلامي ، وانما نشارك فيها كمنتمين لها ، ولكننا لا نفقد هذه الهوية الفريدة ونحن مقبلون على تحول حضاري حديث علينا ان نحافظ على القيم السودانية وهي القيم التي تفقدها الحضارة الغربية المادية الراهنة، وسيكون اسهامنا في الانفتاح الحضاري هو بادخال القيمة الاخلاقية في القيمة المادية وهو الزواج الشرعي المفقود اليوم.

علينا ان نتخذ هذه الخطوات مدخلاً لعهد جديد من الصعود الاقتصادي المسنود بالارتفاع التعليمي الذي نستمده من هويتنا السودانية.

(انا سوداني) لابد ان تصير مصدر فخرنا واعتزازنا الذي نحرص عليه ولا نفرط فيه ، وهو مصدر اعتدالنا الذي لاينحو الى التكفير من جهة ولا الى التحلل من جهة اخرى. فالميزة الكبرى للسودانيين هي في اعتدال المزاج واعتدال التفكير واعتدال القيم الاخلاقية.

والله المستعان

روبرت وليم اسكندر
المرشح القومي المستقل لرئاسة الجمهورية.

Loading

شارك على
أكتب تعليقك هنا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.