آخر الأخبار
The news is by your side.

الاقتصاد السياسي للسودان .. الذهب لعبة المال والسياسية والحرب

الاقتصاد السياسي للسودان .. الذهب لعبة المال والسياسية والحرب

بقلم: د. سبنا امام
مما بات مسلما به في الاقتصاد ان الدول ذات الثروات الطبيعية يكون مسارها الاقتصادي المحتوم هو الفقر والفساد الا من رحم ربي ولكن لماذا نجحت دول مثل النرويج وماليزيا واندونيسيا و بتسوانا في تجاوز لعنة الموارد هذه، فهذا مايزال محل بحث في هذا الباب.

والسودان هو دولة غنية فشلت في ترجمة مواردها في صناعة اقتصاد قوى يكفل الرفاه لشعبها. فالسودان اقتصاد اعتمد على الزراعة كمصدر اساسي للدخل الحكومي والعملة الصعبة لسنوات بعد استقلاله .

وتعتبر الزراعة اخف وطأة على الاقتصاد من الموارد الاستخراجية فهي لا تتيح التنافس على الريع فريع الارض ليس ضخما بالقدر الذي يحفز النخب على التنافس عليها مما يؤدي الى النتيجة الحتمية وهي الفساد وتراجع النمو الاقتصادي .

ولكن ببداية الالفية انتج النفط في أسوأ ديكتاتورية عرفتها البلاد منذ استقلالها ولان ريعه كبير تنافست النخب عليه فاستشرى الفساد وانهار الاقتصاد نتيجة للفساد والمرض الهولندي. ثم مع افول شمس النفط عرفت النخبة ان البديل الحتمي لهذا الاقتصاد هو الذهب فبدأ التنافس عليه منذ العام 2010 اي قبل انفصال الجنوب بعام .

اليوم يشكل الذهب 40%من عائد الصادر ولكنه منذ العام 2013 لا يدخل خزينة الدولة. الذهب يدر في المتوسط 7 الى 8مليار دولار سنويا وما يحصل منها في افضل الاحوال هو 1مليار دولا ر فقط ويتسرب الباقي خارج الاقتصاد واذا علمنا ان النفط في احسن احواله كان يدر في المتوسط 7مليارات دولار وانها مكنت الاقتصاد ان يكون الاسرع نموا في افريقيا خلال الاعوام من 2000الى 2010 وجعلت العملة السوانية من اقوى العملات في شمال افريقيا فيمكننا تخيل حجم الخسارة التي يتكبدها الاقتصاد السوداني اليوم بضياع ايرادات الذهب .

هذا بالاضافة لكون عائد الذهب يمثل نصف ايرادات الدولة ومصدر دخلها، وايداع ايرادته بالبنك المركزي هو الضامن الوحيد المتوفر لوقف تدهور العملة ورفع قيمتها مقابل الدولار. وعدم تحصيل ايراده يعني ان الدولة تعمل بنصف امكانياتها المالية . ويعني ايضا ان من يسيطر على استخراج وتجارة الذهب هو المتحكم الفعلي في الاقتصاد وهذا المتحكم هو حتما النخب المتنافسة على الريع . هذا وللعلم مازال النفط يمثل ايضا 15%من ايرادات الصادر.


عليه يتعين على رئاسة الوزراء ووزارة المالية العمل بشكل مكثف على الإصلاح المؤسسي لتقليل التنافس الريعي ومحاصرة المتنافسين. ومن اولى الأولويات هي ادخال السودان في مبادرة الشفافية للصناعات الاستخراجية Extractive Industries transperncy initiative فنحن لا نعلم كم ينتج من الذهب وبكم يباع ولأي جهة. وهذه المبادرة ستمكن السودان من محاصرة متنافسي الريع والمسيطرين على الذهب وستتيح اي معلومة عن الموارد الاستخراجية للعامة .

وقد ساعدت كثيرا من الدول على السيطرة على عوائد مواردها الاستخراجية ومحاصرة الفساد. والسودان اولى فهذه الموارد تمثل خمسين بالمائة من دخل الدولة وبدون بسط سيطرة الدولة على عائدها لن تبارح الازمة الاقتصادية مكانها.

Loading

شارك على
أكتب تعليقك هنا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.