آخر الأخبار
The news is by your side.

أصداء الساحة  … بقلم: معاوية عبد الرازق  .. نفاق اجتماعي ونفخة كاذبة

أصداء الساحة  … بقلم: معاوية عبد الرازق  .. نفاق اجتماعي ونفخة كاذبة

سيل من الانتقاد وهجوم كبير وجه للفيلم السودانى الذي فاز في مهرجان فينيسا (٧٦) (ستموت في العشرين) والذي يبث حاليا بدور العرض، وقد قامت الدنيا ولم تقعد بسبب ما حواه الفلم من مشاهد والفاظ وصفها البعض بالخروج عن المألوف وانها لا تشبه موروثاتنا وعاداتنا وتقاليدنا.
في ليلة وضحاها أصبح الغالبية نُقّاداً ومتنمرين بل سار بعضهم لأبعد من ذلك، كما أناب العديد عن الله تعالى في إنزال اقسى العقوبات وتحديد مصيرهم نحو جهنم التي تجنبوها وكأنهم مالكون لها دون ان يغضوا ابصارهم.
لا أدعي القداسة ولا المثالية ولكن ما نراه الآن أحسبه جزء من النفاق الاجتماعي ليس إلا.. نظهر خلاف ما نبطن فنحن يا سادة وأقصد بها غالبية مجتمعنا هجر القنوات السودانية واتخذ من الأخرى ملاذاً له فهم ذات الأشخاص الذين وجهوا جهاز التحكم نحو زي ألوان، وبحثوا عن العُري الذي يكلف البعض تركيب أطباق باتجاهات مختلفة ومقاسات متعددة لرؤية مقاطع تشبع رغباتهم، والاغرب من ذلك خروج من عدّ نفسه عفيفاً من موقع التلفاز تاركاً المساحة لعرضه من الزوجة والأبناء، ويتفرع لانتقاد مشاهد فلم يجسد واقع يتنكر حتى لسماعه.
دون مساحيق تجميل أو رتوش .. نرفض مشهد (البوسة واغتصاب المرأة) في العلن ونقبل بتبادل الافلام الاباحية وتناول الخمور بانواعها والمبيت في بيوت مغلقة خفاءً، ولا يعد ذلك تعميما بل ما يعرفه الجميع.
المعلوم ان المشاهد التمثيلية تنبه لشئ ما اعترى المجتمع ايجابيا كان ام سلبيا، بهدف محاربته ومعالجته او الحث على المواصله فيه اذا كان حميدا، ولكن من المدهش ان نحارب المشهد ذاته بدلا عن الداء المستشرى في جسد مجتمعنا، وتزيد الدهشة في ان بعض منتقدي الفلم هم ذاتهم الذين هللوا لفلم يعد اكثر جرأة انذاك انتج في السبعينات وحمل اسم (تاجوج) لبطله الراحل المقيم صلاح بن البادية والقديرة ماجدة حمدنا الله والذي لم يخلو من الايحاءات المباشرة ان كان في الرأس ذاكرة، فهل كانت المشاهد عادية انذاك؟
بغض النظر عن مع او ضد قد اتفق مع الغالبية بان هناك جرأة في المشاهد ولا يختلف عليها اثنان، ولكن دعونا نقر بان واقعنا اختلف كثيرا عن السابق وقد لمس الفيلم لمحة مما يحدث في الحقيقة وعكس ما يدور بشكل يومي،
لمن يقول ان الفلم لا يشبه عاداتنا وما يدور بالبلاد، دعونا نعيد صياغة مشاهد تعبر عنا لنجعلها فلما يضم موروثاتنا… ولكن بكل صدق وامانة ونعرضه بكل شفايفية، ونؤكد ان جميع ما سيحتويه الفلم هو واقع معاش دون زيف، اذا سلمنا ان الشر يعم فنحن ندعي النزاهة، واليكم بعض السيناريو اليومي ليكون جزءا اصيلا في فيلمنا الجديد، واول مشاهده التحرشات التي تتعرض لها النساء في المؤسسات ومكاتب المسؤولين وربط تعيينهم وترقيتهن او زيادة الراتب بتقديم تنازلات.. خلاف الملامسات على ابواب المواصلات وداخلها، بجانب سفر المقتدرين من الرجال لبعض الدول الاكثر حرية وانفتاح ليحظوا باوقات ممتعة بعيدا عن الاعين، واقعنا ياسادة ان دور الايواء (المايقوما، المسنين) تمتلئ يوما بمقيمين جدد من فحش العمل وعقوق الوالدين وضياع القيم، ولا تنسوا بأن تضيفوا مشاهد لمسؤولي المؤسسات الدينية كالحج والعمرة وبعض بيوتات الإفتاء بضبطهم في اوضاع مخلة، وبعض الحالات الفردية لشيوخ خلاوي ومعلمون اغتصبوا تلاميذهم.. في وقائع سجلتها مضابط الشرطة، كما يجب ان تزيدوا دخول النساء والرجال السودانيين في عالم الافلام الاباحية التي شاهد او سمع عنها الجميع وهذا خلاف مقاهي الشيشة التي يعمرها الجنسين.. قطعا هذا قليل من كثير فلنبدأ في صياغة ذاك الواقع ولنرى ايهم اخف وطئا، ما سننتجه ام الموت في العشرين؟ وليسأل الجميع زوجته.. والدته.. ابنته وشقيقته.. هل تتعرضين للمضايقات والتحرش ام (المشاغلات) وليستعد لسماع الاجابة.
لابد ان نسأل انفسنا.. بنات من اللاتي يخرجن بما تنتقدوه من لبس، وابناء من يتبادلون الافلام الاباحية ويُتهمون بجرائم الشرف والامانة؟ احفاد من يملأون دار المايقوما والفتيان؟ فمن اين يأتي هؤلاء والجميع لا يريد تحمل المسؤولية ابتداءً من الاسر بالمنزل والاستاذ بالمدرسة والجامعة مرورا برجال الدين والعلماء والفقهاء ومن يعتلي المنابر والمساجد.. انتهاءً بالمسؤولين والنافذين والقائمين على امر البلاد.
صدى اخير
يا من تتحدثون باسم الدين ذات الدين الذي تتبنونه يحارب الفساد الإداري والمالي والرشاوي والمحسوبية والوساطات، فوجهوا الحديث للمسؤولين مباشرة واتركوا الانتقاد بعيدا عن الميديا ولا تصمتوا على برامج الأغاني في شهر الذكر والتوبة والغفران فليس هناك فرق بينه والمسلسلات.
ومن يتحدثون عن العادات والتقاليد ابحثوا معنا عن قيم التكافل والتراحم فهناك من يبيت دون حتى لحم بطنه، تفقدوا من يرقد بالمستشفيات ومن يموت بسبب نقص الدواء، طوفوا على من يلتحفون السماء ويفترشون الأرض في العراء فهناك من لم يشاهد ما تتحدثون عنه ويمثل التلفاز الذي تمتلكونه قمة الرفاهية له فهذا هو الذي نريده وليس فلان وعلان ولبس فرتكان فذلك لا يروي عطشاً ولا يستأجر منزلاً.

Loading

شارك على
أكتب تعليقك هنا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.