آخر الأخبار
The news is by your side.

حاطب ليل … بقلم: د.عبداللطيف البوني .. بلد في بيت

بلد في بيت

(1)

على الهواء مباشرة وفي اتصال تلفوني قال عدد من مزارعي السمسم في القضارف إن إنتاج هذا العام غير مسبوق وبدأت البورصة بأسعار مرتفعة لدرجة إعاقة التصدير ثم تآمر التجار فانخفضت الأسعار لدرجة تكبد الزراع الخسائر، فأحجم المزارعون عن السوق، فانفخض الوارد للبورصة، اذ لا يبيع المزارع الا ما يكفي مصاريفه اليومية، فأصبح السمسم مكدسا في المخازن الخاصة. وقد حدث نفس الشيء مع الذرة، وسيحدث مع زهرة الشمس إذا تآمر التجار.

(2)

رغم أن الفول السوداني ليس من المحاصيل الرئيسية في الجزيرة، إلا أن المزروع منه يفوق المائة ألف فدان وإنتاجيته عالية جدا هذا الموسم، وبدأ يدخل السوق وأسعاره بدت مجزية، ولكن في بداية هذا الأسبوع انخفضت الأسعار فجأة وأصبحت العربات التي تشتري الفول من (التقاة) أي مكان الحصاد تجوب الحواشات لا تحمل إلا ما يبيعه المزارع أو العامل لمقابلة تكاليف الحصاد.

هذا إذا علمنا أن أسعار زيت الفول في السماء وكل الفول في طريقه للمخازن (يلا أشبعوا اولين). القمح ينتظره نفس المصير، اللهم إلا أذا تمت عملية المصادرة التي أشار إليها وزير المالية المكلف في قراره الكارثة وساعتها لكل حادث حديث. المحصول الوحيد الذي لن يدخل المخازن هو القطن، فجاءه مرض الملئ بق ولحقه أمات طه.

(4)

كثير من منسوبي الطبقة الوسطى في البلاد الذين لديهم شوية فوائض مالية في حجم (ضنب العنز) لا تستر عورة ولا تطرد ذباب أي لا تمكنهم من الدخول في مشاريع (قدر حالهم) حولوها إلى دولارات، فأصبحت الدولارات بين الألف والخمسة آلاف موجودة في كثير من منازل تلك الطبقة (طبعا البنوك هنا لا محل لها من الإعراب)، وأكاد أجزم أن شوية الدولارات المدكنة في البيوت في جملتها تصل المليارات. توصلت لهذه الحقيقة في جلسة مطولة مع من يشتغلون في هذا المجال. أما من كان لديه (شوية ألوفات) من الجنيهات السودانية (المسكينة) أقل من (ضنب العنز) فقد احتفظ بها في دولاب الملابس بعد أن أرهقه التجوال من صرافة إلى صرافة لسحبها من البنوك (المدسترة) وهذه من (دستور يا أسيادنا). خلاصة قولنا هنا أن هناك أموالاً عينية ودولارية وسودانية (مدكنة) في البيوت لا يقترب منها إلا (للشديد القوي).

(5)

إذن ياجماعة الخير هذه البلاد (ماشة بالشديد القوي)، فالبلاد مليئة بالثروات، ولكنها مدكنة في البيوت وهذا أدى إلى إفقار الدولة وجعلها تمد قرعتها فترتد عليها فارغة وأدى إلى إفقار القطاع الأكبر من الشعب الذي يعتمد على السوق في معاشه، إذ قلت حركة النقل وحركة البناء وحركة الاستثمارات الصغيرة فتمددت البطالة، لا بل حتى الذين تفيض مخازنهم بالمحاصيل ودولايبهم بالقروش أصبحوا ممحنين لا يدرون ماذا يفعلون بها والأموال مثل العجلة (البسكليت) إذا لم تتحرك سوف تسقط أو تحتاج إلى تكالة وفي هذا تكلفة.

(4)

بلادنا ليست فقيرة بلادنا غنية لكن (بلادي سهول بلادي حقول)، لكن دي مهمة جدا. بلادنا فيها من الثروات ما يجعلها في ازدهار، لا أقصد الثروات المطمورة في باطن الأرض او في سطحها ، ولا الثروات الموجودة خارجها تهريبا (الحرامية)، أو ادخارا (المغتربين)، بل أقصد الثروات الموجودة في البيوت، وهي حق مشروع حلالا بلالا لأصحابها لا فيها شق ولا فيها طق، فيبقى السؤال: كيف يمكن أن تخرج هذه الثروات التي هي أصلا تتوق للخروج لتبتل عروق البلاد وتنهي المعاناة والجوع الكافر؟ أقول ليكم حاجة؟ اسألوا العنبة الرامية.

Loading

شارك على
أكتب تعليقك هنا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.