آخر الأخبار
The news is by your side.

الإصلاح والأمل والمستقبل  … بقلم: روبرت وليم اسكندر .. البرنامج الإسعافي بدأ وسيتسع

الإصلاح والأمل والمستقبل  … بقلم: روبرت وليم اسكندر .. البرنامج الإسعافي بدأ وسيتسع

البرنامج الإسعافي لاقتصادنا المأزوم بدأ كأولوية قصوى، بسعي السلطة الثورية لكسر العزلة الاقتصادية العالمية التي أوقعنا فيها النظام المباد بكل آثارها المدمرة، وبدأ داخليا بوقف النزيف المالي الذريع على مدى ثلاثين عاماً لمصلحة سياسة التمكين والتمويل للحركة الإسلاموية وظلها الحزبي. وظهرت آثار ذلك في تحسن السيولة في النظام المصرفي وفي التقليل من الصفوف للحصول على الحاجات الضرورية.

أما صلب البرنامج الإسعافي فيمكن استخلاص ملامحه من الإعلان السياسي والوثيقة الدستورية، أما تفاصيله فمتروكة لكفاءة د. عبد الله حمدوك وطاقمه الوزاري، وبخاصة القطاع الاقتصادي وقد صارت لديهم بانوراما كاملة عن الوضع الاقتصادي بحكم المائة يوم من ممارسة السلطة التنفيذية.

أما طلب رئيس الوزراء من قوى الحرية والتغيير بمده بمقترح من البرنامج الإسعافي فهو من باب السلوك الديمقراطي الذي اتبعه في اختيار حكومته بالتشاور مع هذه القوى، وهو أقدر منها على وضع هذا البرنامج الذي يحتاج إلى تخصص وخبرة لا تملكها. يكفي هذه القوى أنها نظمت صفوف الثوار كأنجح ثورة سلمية على نظام شمولي في العصر الحديث مما نال إعجاب العالم.

وليسر د. عبد الله حمدوك في وضع البرنامج الإسعافي، حيث أمضى المائة يوم الأولى في التمهيد له. ونحن أهل الرأى سنكون عوناً له بما لدينا من دراية ودرية.

التعاونيات الاستهلاكية كمحور للبرنامج الإسعافي:

يشكو المواطنون، مر الشكوى، من الغلاء كأثر من آثار النظام المباد. الغلاء بعضه حقيقي مرتبط بالأزمة الاقتصادية، بنيوياً وهيكلياً، ولابد من الإصلاح لهذا الخلل بخطة استراتيجية بعيدة المدى لا تكفي الفترة الانتقالية إلا للإعلان عنها،.أما البرنامج الإسعافي فهو للقضاء على الغلاء المفتعل الناجم من الجشع والطمع لدى الوسطاء بين المنتج والمستهلك، وقد تربوا على ذلك من النظام المباد على الارتزاق من قوت الشعب. وترياقه المضاد ليس بالتدخل الحكومي أو المقاطعة الشعبية للسلع، ومعظمها غير قابل للمقاطعة. أما التدخل الحكومي فيتناقض مع تحرير الاقتصاد، ونحن نسعى لترشيده، لا لإلغائه، حتى لا نعود مرة أخرى إلى سيطرة الحكومة على النشاط الاقتصادي، حسب التجارب الشيوعية الفاشلة، وحسب التجربة السودانية في تقديم القطاع العام على القطاعات الأخرى في عهد مايو. البديل هو الجمعيات التعاونية في ظل التحرير الاقتصادي للسلع والخدمات، وهو أقرب إلى القطاع الخاص منه للقطاع العام، من حيث هو قطاع خاص واسع، وليس قطاعاً حكومياً، ويتميز عن القطاع الخاص بأنه ينظم نفسه في جمعيات، وليست شركات، وعضويته ممتدة إلى كل أفراد الشعب وليست قاصرة على أفراد بعينهم.

وهناك تجارب ناجحة ومتطورة في التعاونيات وبخاصة الاستهلاكية، كتجربة الكويت، الامارات، السعودية،الاردن فهي تتبنى هذا النظام على الرغم من أنها دولة نفطية غنية، وحرة الاقتصاد. ولدول الاتحاد الأوربي تجارب أقدم وأوسع. ولا يصدن الشعب عن التعاونيات التجارب السابقة الفاشلة التي أطاح بها الفساد المالي والإداري، فإن النظام التعاوني لا غنى عنه في ظل التحرير الاقتصادي، وليس للدولة تدخل في نشاطه ولا تدخل إلا فيالرعاية الفنية والمساعدة القانونية، وهذا يقتضي إنشاء وزارة للتعاون ضمن وزارات القطاع الاقتصادي يتولاها وزير متخصص وله خبرة في النشاط التعاوني.

والنظام التعاوني يقوم على جمعيات تعاونية شعبية، على المستوى المحلي، قليلة التكلفة من حيث الإنشاء والإدارة والتسيير، وتبدأ بتوفير السلع الاستهلاكية الضرورية: اللحوم البيضاء والحمراء، والبيض، والخضروات، والفواكه، والسكر والدقيق… إلخ. وتتطور في توسيع قائمة السلع، ومن مواقع الإنتاج (المزارع والمصانع والمسالخ)، ومباني الجمعيات جملونات في الأحياء، بعمالة رخيصة وإدارة شعبية محدودة، تحت إشراف لجان المقاومة في الأحياء، حتى يضيفوا إلى مهامهم في حماية الثورة من الثورة المضادة مهام أخرى في حماية الثورة من الغلاء. وأنا لستُ ضد تجارة الجملة والتجزئة، وإنما ضد الربح الفاحش من قوت الشعب. كما أن التعاونيات الاستهلاكية تشكل معياراً للأسعار يؤدي إلى استقرارها، بدلاً من هذه الفوضى التي أطلقها النظام المباد باسم تحرير الاقتصاد.

ويمكن بالطبع أن تتطور الجمعيات الاستهلاكية إلى جمعيات إنتاجية، تاركةً للقطاع العام توفير الخدمات التعليمية والصحية في مستوى الجودة، وللقطاع الخاص ، المحلي والخارجي للمشروعات الاستراتيجية الكبرى ذات الاستثمار الكبير.

هدفي هو الحفاظ على درجة حرارة الثورة والثوار بتحولهم إلى فعل ثوري من نوع آخر، كالنشاط التعاوني، بجانب نشاطهم في نظافة الأحياء، وتجميل المدن والقرى، والإشراف على محاسبة المفسدين في المستوى المحلي، وتحديداً في المحليات، حيث ضرب الفساد أطنابه في الأراضي الزراعية والسكنية، وفي دكاكين الأسواق وميادين الرياضة الخماسية، لصالح منسوبي النظام ومحسوبي المؤتمر الوطني.. بمعنى أن يعدوا ملفات الفساد محلياً. الشعب، الذي قام بالثورة هو صاحب المصلحة الحقيقية في حماية المستضعفين من شعبه مما وقع عليهم من ضيم وجور، وله الدور الأساسي في تنظيم الجمعيات التعاونية التي تحد من جنون الارتفاع في الأسعار، فلا ينتظر من السلطة الثورية لتعمل له كل شيء.. المسؤولية مشتركة بين سلطة الثورة والشعب الثائر.

روبرت وليم اسكندر
المرشح القومي المستقل لرئاسة الجمهورية

Loading

شارك على
أكتب تعليقك هنا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.