الحصة الأولى … بقلم: عبد الجليل سليمان .. القضاء على الدفاع الشعبي وتسليم المخلوع

الحصة الأولى … بقلم: عبد الجليل سليمان .. القضاء على الدفاع الشعبي وتسليم المخلوع

يعتبر المخلوع البشير أحد أبرز مجرمي الحروب على مستوى العالم خلال الثلاثة عقود المنصرمة، وكانت المحكمة الجنائية الدولية أصدرت أمرين باعتقال البشير في 2009 و2010، لاتهامه بـ”تدبير إبادة جماعية وأعمال وحشية أخرى”، في إطار حملته لسحق التمرد في إقليم دارفور.
ومع إطاحة هذا المجرم الخطير والفاسد الكبير عن السلطة، أصبح لزاماً على أي حكومة تتوخى تحقيق العدالة والحرية والكرامة الإنسانية للشعب السوداني، أن تسلم البشير إلى المحكمة الجنائية، وأن لا تتوانى ولا تتأخر في ذلك تحت أي دعاوى أو ذرائع أو مبررات، خاصةً وأن الحكومة الماثلة الآن؛ وعدت الثوار وكافة السودانيين بأنها بصدد تحقيق (العدالة الانتقالية).
وما العدالة الانتقالية إلاّ أن تجبر ضرر الضحايا وتعترف بكرامتهم كمواطنين وكبشر، وقد طالب هؤلاء– أثناء زيارة رئيس الوزراء عبد الله حمدوك لهم في معسكراتهم، بعدم تجاهل الانتهاكات الواسعة التي ارتكبها نظام المخلوع بحقهم، لذلك وجب على الحكومة اليوم قبل الغد أن تُجدد الالتزام الصارم بجعل هؤلاء المواطنين على يقين بالأمان، وهذا لن يحدث ما لم يُسلم المطلوبون للعدالة الدولية، وعلى رأسهم البشير؛ فوراً، نظراً إلى الفظائع الجماعية والانتهاكات المنهجية التي ارتكبوها لسنوات طويلة ضد المجتمعات الدارفورية.
إنّ تسليم البشير وزمرته من المجرمين المطلوبين، يحقق قيماً كبيرة، أولها، أن لا أحد سيفكر لاحقاً إنه سينجو من مصير مماثل إذا ما سولت له نفسه السير في ذات الطريق، ما يعزز من قيم حقوق الإنسان وتكريسها في الواقع وضمان عدم تجاوزها مرة أخرى راهناً أو مستقبلاً.
بطبيعة الحال، لن يكون أثر تسليم المخلوع إلى العدالة الدولية فعالاً، ما لم تتم تصفية المؤسسات المسلحة الخارجة عن قانون الأمن والقوات المسلحة، وأولها ما يعرف بمجاهدي الدفاع الشعبي– خاصة الذين أصدروا البيان الأخير، الذي هددوا خلاله الأمن الوطني والسلم الاجتماعي، فهذه الفئة عبارة عن عصابة خارجة عن القانون، ينبغي القضاء عليها فوراً، وبشكل قاطع ومبرم، والقبض عن الفاعلين فيها، وزجهم في السجون، ومصادرة ممتلكات هذه المنظومة وأموالها وأيلولتها للقوات المسلحة التي تعتبر الجهة الشرعية الوحيدة التي من حقها احتكار القوة (السلاح) واستخدامه لصد العدوان الخارجي وحماية البلاد منه، فقط لا غير.
إن ما يعرف بالدفاع الشعبي، ما هي إلا قوات مسلحة خارجة عن القانون، أشبه بالعصابات المارقة، وعلاوة على ذلك فهي ترهن أمن البلاد وسلامتها بمجرم حرب وفاسد، وتصدر البيانات بشكل علني على الصفحات الأولى للصحف، مهددة بإشعال النيران إذا ما سلمت الحكومة هذا المجرم إلى العدالة الدولية، وبالتالي فإن من واجب الأمن والجيش والحكومة والمواطنين أن يتصدوا لهذا العدوان غير المسبوق عليهم، وأن يحثوا الخطى لنزع سلاح هذه المليشيا المارقة، واعتقال قادتها وتسليمهم إلى القضاء، باعتبارهم يهددون الأمن القومي والسلم الاجتماعي ويعلنون الحرب ضد الدولة.
ما لم تفعل الحكومة ذلك، فإنها تعتبر متواطئة مع هذه العصابة، وعليها أن تتحمل مسؤولية صمتها عن هذه الفوضى التي لا يمكن لأي دولة ذات سيادة (محترمة أو غير محترمة) أن تقبل بها.

شارك على
Comments (0)
Add Comment