ملاحظات حول اتفاق تنسيقية القوى المدنية مع الدعم السريع

ملاحظات حول اتفاق تنسيقية القوى المدنية مع الدعم السريع

بقلم: د. أحمد بابكر
عندما تم الإعلان عن لقاء تنسيقية القوى المدنية (تقدم) مع قائد الدعم السريع محمد حمدان دقلو الشهير بحميدتي، في إطار الجهود المبذولة لوقف الحرب، رحبنا بهذا اللقاء ولكننا قدمنا بعض الملاحظات لإخوتنا في تنسيقية القوى المدنية (تقدم) تمحورت حول تركيز الحوار حول إيقاف الحرب والمساعدات الإنسانية وفتح الممرات الآمنة وو.. الخ، وعدم ربط عملية إيقاف الحرب بأي رؤية سياسية.
لكن بعد إطلاعنا على الاتفاق الذي وقع عليه دكتور حمدوك ممثلا ل(تقدم)، والجنرال حميدتي قائد الدعم السريع، حدث ما حذرنا منه وهو أن الاتفاق قد تضمن رؤية سياسية، تمثلت في الحديث عن نظام الحكم، (الفيدرالية)، وكثير من القضايا السياسية الأخرى، وهو خطأ استراتيجي كبير وقعت فيه تنسيقية القوى المدنية بقيادة
د. حمدوك، وذلك للآتي:
شرعنة الدعم السريع كقوى سياسية وليس مؤسسة عسكرية، مما يعني في المقابل إنك تعطي ذات الحق للقوات المسلحة أن تكون قوى سياسية، وهو مايتناقض مع ما ذكرته في الاتفاق في إبعاد القوات المسلحة من العمل السياسي.
وبهذا الاتفاق الثنائي رسخت لوجود القوات المسلحة كحزب سياسي شارك في العملية السياسية بالإضافة لإمتلاكها للسلاح.
الاتفاق مع الدعم السريع حول رؤية سياسية يعني تحالف ثنائي بين قوى مدنية وقوى عسكرية مما يجعلك بشكل أو بآخر جزء من الحرب، وبالتالي لا تستطيع أن تعمل على إيقاف الحرب إلا بشروطك التي شكلت محور الاتفاق بينك وبين حميدتي لأنه أصبح من حق القوات المسلحة أن تطرح رؤية سياسية مغايرة، وأن يكون لها حلفاء مدنيين وبالتالي عدم الاتفاق يعني استمرار الحرب.
عسكرة الحياة السياسية مما يعني أن أي مجموعة عليها حمل السلاح ليكون لها موطئ قدم وتأثير في الحياة السياسية، وذلك يستدعي وجود ممولين وبالتالي فتح الباب أمام العمالة في أبهى صورها، مع تقزيم المدنية التي شكلت عمود ثورة ديسمبر المجيدة.
الأخطر في هذا الاتفاق السياسي هو تأثيره السلبي على القوى المدنية وبأنها متحالفة مع أحد طرفي الحرب، (الاتفاق السياسي يعني تحالف).
هذا الاتفاق السياسي يعني وضع البلاد أمام تسوية سياسية بين الدعم وقيادة الجيش وتقدم مما يعني إعادة إنتاج الأزمة من جديد.
أي اتفاق سياسي لكي ينجح يجب أن يمثل أكبر قاعدة من القوى السياسية وأن يضمن خروج قيادة الجيش والدعم من المشهد السياسي والعسكري القادم.
هذا الاتفاق السياسي يكافئ أحد طرفي الحرب ويرسخ لقاعدة إذا أردت التواجد في السلطة عليك أن تحمل السلاح.
هذا الاتفاق سوف يعطي ذريعة وشرعية للإسلاميين لحمل السلاح لضمان مشاركتهم في السلطة.

خاتمة:

هذا الاتفاق يمثل انتكاسة كبيرة للقوى المدنية، لا أدري هل وراءه عدم الخبرة السياسية وغياب الأفق الاستراتيجي في التفكير، أم أسباب أخرى.

نأمل أن يتعامل الإخوة في (تقدم) مع هذه الملاحظات بعقل مفتوح.

شارك على
Comments (0)
Add Comment