الحب بالإنترنت مطب “الحب الإلكتروني” … بقلم: جعفر عباس

الحب بالإنترنت مطب “الحب الإلكتروني” … بقلم: جعفر عباس

استعدت الشابة التونسية لليلة العمر، وجلست في غرفة شهر العسل في الفندق في انتظار دخول الحبيب الذي أصبح زوجها.. وفور دخوله عليها هجم على ملابسها ومزقها واغتصبها.. هل تستنكر وصفي للعلاقة الحميمة بين الزوج والزوجة بالاغتصاب؟ أنت حر.. استنكر..

أنت نتاج الثقافة العربية التي لا تفعل غير ان تستنكر وتنكر وتتنكر: اغتصبها من قُبل ودُبر (الآن اقتنعت بأن الأمر اغتصاب).. ثم طفق يشعل السيجارة تلو السيجارة ويكوي بها جسدها، وهو يشتمها بأقذر الألفاظ المأخوذة من قواميس مواخير الدعارة، وبعد ان نزفت الدم الكثير وصارت عاجزة عن الحركة ترك الغرفة بعد ان توعدها بالعودة لاستئناف تعذيبها..

واستجمعت الفتاة قواها وتمكنت من الاتصال بشقيقها الذي وجدها بين الحياة والموت ونقلها الى المستشفى وأدركتها العناية الإلهية ولم تمت، وإن كانت ما تزال تعاني من اضطرابات نفسيه مدمرة.

تلك الشابة تعرفت عبر الانترنت على من تزوجت به وفعل بها ما فعل في ليلة الدخلة، كان هو مغتربا في ألمانيا ومارسا الدردشة لفترة طويلة وأوهمها بأنه الحبيب المنتظر، وصدقت هي أنه فعلا يحبها.. نتوقف عند هذه النقطة قليلا: كيف يمكن ان تحب شخصا كل ما تعرفه عنه هو ما يقوله هو عن نفسه كتابة او نطقا عبر الأثير؟

وحتى لو أحسست بالحب تجاه شخص لم تلتق به ولكن حادثته عبر الهاتف والانترنت فمن الغباء افتراض ان مثل هذا الحب يمكن أو ينبغي ان ينتهي بالزواج، هب أنني جعفر عباس شبكت في بنت عمرها 17 سنة وصرت أتونس معها هاتفيا أو بالمسنجر، وطلبت مني أن أكلمها عن نفسي!! ماذا لو قلت لها: لوني برونزي وأنفي حجازي وشعري حرير طبيعي أسود كالليل وناعم كالحنان وطويل كطابور الخبز/ واسم الدلع الذي يطلقه علي أصدقائي هو مهند السوداني. وإذا طلبت صورتي أبعث لها بالصورة فيها شغل فوتوشوب احترافي، وشيئا فشيئا نتبادل أرقام الهواتف، وتبدأ الونسة في ساعات متأخرة من الليل.. أبادلها الكلام بطريقة محسوبة ومدروسة، وأنثر هنا وهناك كلمات مثل: صوتك يجعلني أحس بالاسترخاء ويهدهدني.. واصلي الوشوشة حتى أنام على صوتك ..

وقد تكتشف لاحقا صورتي الحقيقة وتسألني بالتحديد: شعر حرير أم وبر بعير؟.. بسيطة: خلال زيارتي لجزر البهاما لفتح حساب بنكي جديد دخل لص مسلح غرفتي وتحت تهديد المسدس سرق مني 176 ألف دولار وهرب وشاب شعر رأسي من هول التجربة.

بعد دخولنا الحياة العملية بقليل، حكى صديق كيف أن الهاتف رن في نحو الثانية صباحا أثناء عيشه في بيت للعزاب، ورد على المكالمة وهو مستاء ومنزعج فجاءه صوت نسائي رقيق.. المهم.. كانت النمرة غلط ومن باب تخفيف الحرج عليها قال لها: يا بنت الناس.. نامي الآن والمكالمات ملحوقة باكر.. فصارت تشكو له هجر الحبيب.. واستمرت المكالمة زهاء الساعتين ثم صارت المكالمات روتينا يوميا حتى أحس كلاهما بأن الآخر هو الحبيب المنتظر، وتواعدا ذات يوم على اللقاء ووصف كل واحد منهم الملابس التي سيرتديها للمناسبة التاريخية وقبل الموعد المحدد بنصف ساعة كان صاحبي العاشق الأثيري يقف في مكان الموعد ثم توقفت سيارة تاكسي ونزلت منها فتاة ترتدي الملابس المتفق عليها هاتفيا.. اترك الكلام لصديقي: نظرت اليها بتمعن وأدركت أنني في خطر.. كانت في شكل وحجم وحيد القرن وتحركت مبتعدا عنها بخطى سريعة وسمعتها تنادي علي “بالاسم”، فتحولت الى بطل أولمبي وقطعت نحو خمسة كيلومترات خلال عشر ثوان سالكا طرقا جانبية.

في كل يوم ضحية جديدة للحب الذي يتم عبر فيسبوك والمسنجر والتلفون.. ولكن كيف تسمي إعجابك بصوت شخص ما أو اسلوبه في الكتابة حبا.. الحب الصحيح لا يكون إلا بالرؤية والتلاقي.. والتلاقي الحقيقي هو تلاقي الأمزجة والعقول والميول.. فاحذروا الحب الالكتروني فقد تصبح ضحية وحيد القرن كما صاحبي الدون جوان الفاشل.

شارك على
الحب الالكترونيضحايا الانترنت
Comments (0)
Add Comment