الجدلية الفلسفية في فكر ومنهاج محمود محمد طه

الجدلية الفلسفية في فكر ومنهاج محمود محمد طه

بدر الدين العتّاق

 

 


في الرد على حضرة
الأستاذ المفضال الزكي الذكن السيد / علاء الدين بشير

يجدك بخير إن شاء الله

أطلعت على كتابيك المحمولين على أجنحة الميديا لشخصي الضعيف ، ولما التقيك بعد ، فقد باعدت بيننا الأقدار حين قاربت بيننا الأفكار والتطبيقات الذكية التي ألغت المسافات والأزمان والأمكنة ، طي السجل للكتب ، بطريق جلالة الأخ الحبيب / عبد الماجد التاي ، وهو الإنسان المباشر والأول في تعريفي بالفكرة الجمهورية والإخوان الجمهوريين ويعود له الفضل بعد الله تعالى إلى معرفتي وتعميق علاقتي بالأستاذ وبالفكرة وبالاخوة الجمهوريين ، وذلك قبل ثمانية وعشرين سنة أو عليها تزيد ، فلكما جزيل الشكر مجدداً وكثيراً على بعث مثل هذه المراسلات ما عساه أن يصب حاق المعرفة والفائدة ، ذلك لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد .

هذه الكلمة من الرد عليك مقتضبة وناقصة ، لا بسبب غير ضعف النظر مع صغر حجم مفاتيح الهاتف ، فلك العتبى حتى ترضى ، واحيلك للاستزادة من كتابي حول موضوعينا إن أحببت ، تحت الطبع والنشر الآن بدولة الإمارات العربية المتحدة ( الفكرة الإنسانية العالمية) لمزيد عن فهمي وما درج عليه قلمي المتواضع عن الأستاذ الكبير الإنسان محمود محمد طه ، وفكرته ، صاحبي في طريق العرفان بالله ، وقد شرحت مواقفي معه والإخوان في كتابي ( ملتقى السبل) رغم أني لم التقيه في دنيا عجيبة وما سعدت برؤيته ولا غنمت بصحبته ، ولكن قابلته في أكثر من موضع في رحم الغيب المجيد ، في الآفاق وفي الأنفس ، وكذلك علاقتي به والإخوان الجمهوريين في فصلين كاملين وأنا بصدد كتابة كتاب يتناول فكرة الأستاذ الكبير محمود محمد طه ، من طريق العرفان لا من طريق العقل الذي أشرت إليه أنت مشكوراً بأنه يعرف بالضديات لا كما القلب الذي يعي بسعة الوعي والإدراك الوتري ، عسى أن يمن علي الله بالعافية والوقت للكتابة عنه فهو نقطة ومساحة لا يمكن تجاوزهما لذي اللب الحكيم كما تعلم.

أستاذي الفاضل ، علاء الدين

في عموم تعليقي على كلمتيك السابقتين المشار إليهما آنفاً ، دعني اختصر لك الكلام اختصاراً ، واطوي لك الحروف طيا ، وما طاب لذيذ القول عندي استطالة إلا بالحديث المستطاب عن الأستاذ وعن الفكرة وعن الإخوان فهم ديدن الساعة والبعث من جديد ونواة الإنسانية العالمية القادمة وأنا بذلك زعيم ، وهم أول من صلى صلاة الجمعة في غياهب الجهل وصلف الأشياء في عصر الثورات العلمية الحديثة ولعلهم لا يدرون ، الله أعلم أي ذلك كان ، وأنا أزعم وبهذا الزعم زعيم ، أنني أول إنسان يؤذن بأذان صلاة الجمعة والناس نيام ، حين يذهبون لصلاة الظهر من يوم الجمعة يؤدونها ظناً منهم أنها صلاة الجمعة وما هي بذلك ، إنما هي صلاة الظهر من ذلك اليوم.

هذا ! ذهبت إلى أستاذنا الكبير المرحوم عبد اللطيف عمر – طيب الله ثراه ونفعنا به وبعلمه وبجاهه – في منزله بأم درمان ، وبدون مقدمات قلت له : يا أستاذ ، أنا أفهم منك ومن الإخوان الجمهوريين بفكرة الأستاذ محمود ، فقال لي بنباهة العارف الثبت الواثق : ( علم الله واسع يا ابني بدر الدين ) ، وكان متكئا فجلس ، وليس ههنا موضع التفصيل من علاقتي به الروحانية فهنا لا مقام لي فارجع إليك لاحقاً إن مد الله في الاجال.

عليه ، بلا غرور ولا شخصنة ، أنا أعلم تماماً كل أحاديث وكتب الأستاذ محمود وما قاله ، هذا إن لم أكن احفظها ، ولكن بدا لي يقيناً أنها خطوة في مجاهيل الغيب والشهادة ، خطوة في ظلامات العقل الحادث والحديث نحو إنارة العصر من معاريف الغيب المهيب ، مفتاحها عندي وعلمها عنده ، لا يعلمها إلا القليل ممن رحمه ربي.

قال المتنبي :

ودون سميساط والمطامير والملا * وأودية مجهولة وهجول

هذا ! عن ردي لك حول كتابيك القيمين ، وما ورد فيهما من دلالة وإشارة ، لأحاديث الأستاذ وما يعرف أيضاً بالأحاديث القدسية – الله عنها برئ – هي محل مراجعة عندي بلا تضعيف ، لا من باب الغلظة والعجب – بضم العين المهملة – والتهكم والاستعلاء ، حاشا لله ، فأنا أبعد الخلق حقا عن صفات الجهالة والبذائة والتقليل من أحد والآخرين ، لكنها من باب الخطوة التي تلي خطوة الأستاذ القديمة نحو الصلاة الفردية ، فقد جد جديد بلا ريب ، صلاة الأصالة والمعاصرة ، والشريعة الفردية ( علم الله واسع يا أستاذنا ) كما قال العارف بالله عبد اللطيف عمر حسب الله ، رحمه الله ، الذي وجدته في موضع من مواضع الغيب وأخبرته بشارة ورسالة ، قدم الصدق الذي نال والإخوان الجمهوريين ، فتأمل .

إليه ، لا أنتهي من شجون حديثك وشجوها ، وإن شئت سجون عرفانك وسجينها – بتشديد الجيم المعجمة – ، لكن ما أريد طرحه لك أستاذي الفاضل ، في عجالة هذا المقام والمقال ، إن في العرفان أبواب لم تعرف ولم تطرق بعد ، وقد نبه الأستاذ محمود إلى هذا الأمر ما سمعته من الأستاذ الدكتور النور حمد ، عن فضيلة الإمام محمود قوله : ( أنا لسه ما قلت الكلام الداير أقوله ، العارفه اكتر من القلته ) أو هكذا قال.

ذات الأمر ، ما أعرفه عن الله على قلته ومحدوديته أكثر بمراحل سنين ضوئية مما كتبته في خمسة كتب تتناول ذات الموضوع ، الموضوع العرفاني ، فإن النبي محمد عليه السلام ، بعد أن قدمني إلى الذات الإلهية العلية ، أمرني بأن أكتب كل ما رأيت من مشاهد كونية وقال / ذكرت هذا الأمر في مقدمة كتابي ( الزمن في الإسلام – تأويل جملة آي القرآن ) فليراجع في موضعه / : ” اجمع لي خمسمائة بهم ولا تقم منها حتى تنجزها ، ووزعها بين الناس ، وصل بالناس ” فأنا مأمور ومأذون من الله والنبي بلا منازع وعلى ذلك أمضي ولا أبالي .

الحبيب الأستاذ علاء الدين

أعلى الله شأنك ، وذكرك الله فيمن عنده ، ليس بيني وبينك والأستاذ والإخوان الجمهوريين إلا كل خير ، والمسافة بيننا – إن وجدت – فهي بمقدار لا بنوع ، كما تعلم ، كل يدلي بدلوه ف ( علم الله واسع يا ابني بدر الدين) ، ويا أستاذي علاء الدين.

متى ما اطلعت على كتبي المشار إليها ووصلتك ، اقرأها بروية لا بعقيدة ، وافهما بدراسة لا بشخصنة ، فإني أرجو الله لك فهمها ووحيها ، بلا عجل ولا وجل ، فإن العرب قديماً تقول : ” إنما الذلة العجلة ” والله من وراء القصد وهو يهدي السبيل.

بدر الدين العتاق

القاهرة في : ٢٠ سبتمبر ٢٠٢٥

شارك على
Comments (0)
Add Comment