آخر الأخبار
The news is by your side.

الحرب على الإعلام الرياضي … بقلم: قور مشوب

الحرب على الإعلام الرياضي

قور مشوب

كان هذا، آخر ما يحتاج إليه اتحاد كرة القدم، حالياً. فهو، بدلاً من التهدئة، التعلم من أخطاء الإدارة السابقة، العمل على إصلاح علاقاته السيئة مع الإعلام الرياضي، كسب وده، مد حبال التواصل معه، إختار التصعيد أكثر، الإبقاء على المعركة قائمة، التمادي في إرتكاب الأخطاء بحقه، وإهانته!

لم يكن الإتحاد موفقاً، عندما إختار الإعلان عن قائمة تضم 30 شخصاً للخضوع لدورة تدريبية، في جوبا. هذه الخطوة، جاءت لتؤكد، إن الحرب مع الإعلام الرياضي مستمرة، وأنها لن تتوقف، قريباً. هذا ما يبدو عليه الوضع، حالياً. فالقائمة، قبل وبعد، التعديل، إحتوت على الكثير من الإفتراءات والإدعاءات التي جاء بها الإتحاد، والتي يمكن تفنيدها.

لكن، الثابت في كل الأحوال، أن الإتحاد يُريد لهذه الحرب أن تستمر. هي حرب لا طائل منها، فهو الخاسر الأكبر فيها، بالتأكيد. مع ذلك، فإن من يتوقف هنا، ويعتقد أن هذه هي بداية الحرب، فأنه لا يعرف القصة الكاملة، لما حدث، ما يحدث، وما سيحدث.

سؤال المليون دولار

لبعض الوقت، خصوصاً في البداية، كانت العلاقة بين الإتحاد والإعلام، على ما يرام، وتتراوح بين الشد والجذب. لكن، في مرحلةً ما، في 2013 بالتحديد، بدأت تأخذ طابع آخر. منذ حادثة مكير وين بوك – أحفظوا هذا الأسم جيداً لأنه سيتكرر كثيراً – الشهيرة، حينها، تغيرت العلاقة وأصبحت عدائية، من جانب الإتحاد على وجه الدقة.

السؤال الذي نبحث عن إجابةً له هنا، هو، لماذا بدأت الحرب؟ حسناً، لنقول أنه كان طبيعياً وعادياً، أن يكون هناك إختلافاً في وجهات النظر، بين الإتحاد والإعلام. لكن، قادة الإتحاد، خصوصاً شبور قوج، رئيس الإتحاد العام السابق، لم تعجبه طبيعة هذه العلاقة التي تربطهم بالإعلام، وكانت له رؤيته الخاصة، إذ أراد أن تكون وفقاً لما يراه هو، فقط.

تلك الرؤية، كانت تتمثل في (الوقوف إلى جانبهم، إسكات الأصوات الناقدة، إقصائها أو تحييدها، التعتيم على ما يحدث، عدم نقل خلافاتهم في الإتحاد للناس، الرغبة في وجود إعلام ينقل ما يريدونه، ما يرغبون في سماعه، ما يرضيهم، وما يطربهم، فقط).

هذه الرؤية، كانت تهديداً مباشراً لحرية الإعلام. بالنسبة للإعلام، فقد كان الموقف واضحاً، إذ كان الرد بالتعامل بمهنية، موضوعية، وبمصداقية. بالطبع، كان هذا الموقف مخالفاً لرؤية شبور. لهذا، كان طبيعياً أن تبدأ الحرب، من جانبه، وبقوة.

هذا، كان الطريق الذي سلكه شبور – وفرانسيس أمين، رئيس اتحاد كرة القدم الحالي – بعدما فشلوا في التعايش مع الواقع، لأن الإعلام، كان ينقل الحقائق كاملةً للناس، يكتب وينقل ويُذيع ما ينبغي قوله، يوصل صوتهم لقادة الإتحاد. من هنا، بدأ قادة الإتحاد في إبتكار العديد من الطرق الساذجة والسخيفة، لمواجهة الإعلام الرياضي.

بـالإعتقال

بعد إعلان الحرب، والتفكير في طرق فعالة لإيقاف مختلف وسائل الإعلام، منعها من النقد، من تداول أية موضوعات تتناول الأشياء السلبية، توصل شبور إلى طريقة جديدة لإيقاف وتهديد الإعلاميين: السجن والإعتقال.

بدأ هذا، في فترة الصراع في الإتحاد، بين شبور قوج ويوهانس موسى فوك، الرئيس والنائب، على التوالي. حينها، إستضاف صامويل باوان، رئيس القسم الرياضي في إذاعة مرايا، كلٍ من ألول دانيال عضوء مجلس إدارة الإتحاد، الشيخ شول أجينق المذيع في إذاعة أي راديو، في حلقةً للحديث عن أسباب الصراع الدائر، بين شبور ويوهانس.

بعد نهاية الحلقة، إعتقلتهم الشرطة بعد بلاغٍ تقدم به شبور قوج، ضدهم. ذات المصير، واجهه مكير وين بوك، رئيس تحرير صحيفة قوون، بعدما إعتقل أيضاً، ببلاغٍ آخر، وللمصادفة، من شبور ذاته.

بـالضرب

التعدي على الإعلاميين، لفظياً وجسدياً، كان فصلٍ جديد، وصلت إليه العلاقة. كان منطقياً وطبيعياً، أن تصل العلاقة إلى مرحلة الضرب، بعد المنحى الذي أخذها إليه شبور.

لهذا، لم يكن مفاجئاً وغريباً، أن يسير قادة الإتحاد الحالي على ذات النهج، بعدما إعتدى جوزيف لويس، رئيس لجنة المنتخبات الوطنية، لفظياً وجسدياً قبل فترة، على لينو قرنق، رئيس القسم الرياضي في صحيفة الموقف والمحرر في صحيفة ذا ستار سبورتس الإلكترونية.

هذا، كان ولا يزال، نهج قادة الإتحاد في التعامل مع الإعلاميين الرياضيين. كل هذا، يُعتبر من الإرث الثقيل الذي تركه شبور لفرانسيس، إذ سبق وأن إعتدى أحد الحكام على مكير وين بوك، بالضرب، دون أن يُعاقب الحكم أو يُصدر من الإتحاد بيانٍ يُدين فيه هذا التصرف العدائي.

بـ «صوت الشعب»

كانت هذه، إحدى الأفكار الساذجة التي توصل إليها شبور قوج، لمحاربة الإعلام. بعدما حارب كل وسائل الإعلام: مرئية، مسموعة، ومقرؤة، كان الوقت قد حان عليه، ليُقرر تأسيس منبره الخاص، ليُدافع به عن نفسه، وهو ما حدث من خلال تأسيس  صحيفة «صوت الشعب».

بالطبع، خاب أمله، سريعاً. فقد ولد المشروع ميتاً، بعدما إختلف مع شريكه عادل فارس، لم يتوصل لإتفاق مع الكتاب والصحفيين الذين أرادهم، لم يجد من يُدافع عنه ويمدحه من الصحفيين الرياضيين، بعدما شن الحرب على الجميع، في ذلك الوقت.

نتيجةً لذلك، ترتب على شبور، أن يُدافع عن نفسه ويمدحها! ببساطة، كان ذلك طبيعياً، بعد إختياره لصحفي مبتدئء وتعيينه رئيساً للقسم الرياضي، وخلافاته الكثيرة مع كلٍ من تولى رئاسة التحرير في الصحيفة، ليترتب على ذلك مرور العديد من الزملاء على المنصب، قبل إغلاق الصحيفة، لاحقاً.

بـالتهميش

هذه، بالطبع، إحدى المحاولات الجديدة المبتكرة للسيطرة على الإعلام الرياضي، حالياً. لكن، ما لم يكن في الحسبان، أن يصل التعامل إلى هذا الدرك الأسفل، إطلاقاً. على غير العادة، لقد إستجاب الإتحاد للنقد وتدارك الخطأ هذه المرة.

لكن، ذلك الخطأ تمت معالجته بطريقة،ً تُبقي الوضع على ما هو عليه، إظهار الإتحاد بمظهرٍ نظيف أمام الأصوات العاقلة والتي تُتابع نشاطه. بعد الأخطاء الكارثية العديدة التي إرتكبها الإتحاد، قبل أيام، بالإعلان عن القائمة التي ستخضع لدورة تدريبية، عاد ليُعدل في القائمة ليُضيف بعض الأسماء الجديدة إليها، في محاولةً متأخرة، لتدارك الوضع.

مع ذلك، لم يتغير الوضع، كثيراً. ببساطة، لأن النقد الذي كان موجهاً للقائمة في البداية، لم يكن بسبب خلوها من الكثير من الأسماء فحسب، بل لأنها إحتوت على أسماء يدعي الإتحاد أنها تُمارس العمل الإعلامي، تفهم في الإعلام الرياضي، في وقتٍ لم يرى لها أحد أي نشاط إعلامي رياضي، من قبل، في مختلف وسائل الإعلام. ذلك حدث، في وقتٍ كانت فيه هناك أسماء أولى بالإهتمام والتأهيل، تعمل في الإعلام الرياضي بالفعل، وتحتاج إلى القليل من التدريب، لتكون جاهزة.

  معي أو ضدي

في الواقع، ثمة الكثير من الزوايا التي يمكن من خلالها، النظر إلى الخطوة الأخيرة. بالنظر إلى التغييرات الكثيرة التي شهدتها البلاد مؤخراً، بترك أو توقف بعض الإعلاميين عن العمل في الإعلام الرياضي، فإنه يمكن الوصول إلى الكثير من الإستنتاجات، لفهم وتوضيح سبب قيام اتحاد الكرة بالخطوة الأخيرة، وإصداره لقائمتين.

بهذه الخطوة، ربما، يحاول الإتحاد صناعة إعلام موالٍ له، ليُدافع عنه، يمدحه، يقوم بتوصيل الرسائل التي يريدها للناس بعيداً عن الجدل الدائم، تمهيداً ليحل مكان الأسماء التقليدية القديمة والمعروفة، في المستقبل. أيضاً، هي محاولة لعدم المساهمة في تأهيل الأسماء التقليدية، لتقوم بعد ذلك بتوجيه النقد للإتحاد.

في النهاية، سيكون قادة الإتحاد الحالي، قد قاموا بالتأكيد على القاعدة القديمة التي أرسى دعائمها الإتحاد القديم، بتصنيف الإعلاميين إلى قمسين: معه وضده. نجاح هذا، سيعني إستمرار غياب الإعلام الرياضي الحقيقي، ذلك الإعلام الذي يشغل باله نقل الحقيقة والتعليق على الأحداث بمهنية وموضوعية، بعيداً عن أي شيء آخر.

Loading

شارك على
أكتب تعليقك هنا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.