آخر الأخبار
The news is by your side.

زيادات اﻷجور .. الإشكالات .. النتائج والحلول

زيادات اﻷجور .. الإشكالات .. النتائج والحلول

بقلم: عوض يوسف زايد
من أشد الإشكالات في السودان منذ خروج المستعمر وحتى الآن هي إشكالية زيادة أجور العاملين بالدولة ، وقد شكلت هذه الزيادات عبئاً ثقيلاً على خزينة الدولة ، إذ أنه غالباً ماتتبع تلك الزيادات إرتفاعاً للأسعار في مقابل تنزيلها على أرض الواقع ، وهناك الأصابع المستفيدة من مفارقات هذه الزيادة ، وتحاول بكل ما أوتيت من دهاء إمتصاص هذه الزيادة ، فلا يستطيع أن يتمتع العاملون المستهدفون بهذه الزيادة فلن يستفيدوا منها مثقال ذرة لرفع مستوى قدراتهم الشرائية مادام هذه الأصابع المستفيدة طليقة حرة لا تجد من يوقف شرورها ، والمعروف أنه قد تمت على مستوى التاريخ الحديث عدة زيادات للأجور.

ففي العهد المايوي تمت عدة زيادات للأجور وقد عمدت هذه الزيادات وقتها نوعاً ما إلى التحسين في القوة الشرائية ، إنما رافقتها بعض التضخمات الإقتصادية هنا وهناك ، وفي عهد الديموقراطية الأخيرة تمت محاولة سميت حينها بعملية فك عنق الزجاجة ، وفيها تم العمل على إزالة المفارقات الوظيفية الناتجة عن التكدس على القاعدة ، التي كان لها الأثر في حشر العاملين في مساحة ضيقة أثرت في عمليات الترقي وأوقفته تماماً.

البيروقراطية المهنية أدت إلى تأخير شديد في التطبيق ، مما كان له الأثر في بطء العملية برمتها ، وفي العهد البائد أطلق ما يسمى سياسة التمكين وتم فيها تمكين فلول النظام البائد على مفاصل الدولة على حساب العاملين الآخرين بالدولة من غير الموالين للنظام ، وتمت هذه العملية فتم بموجبها تشريد أغلب العامين بالدولة.

والمعروف أن الإقتصاد السوداني يعاني منذ إنفصال رقعة جنوب السودان في عام 2011م ، مستحوذة بذلك على ثلاثة أرباع الموارد النفطية , وكانت المصارف السودانية تعاني من إنخفاض مقدار العملة السائلة ، وقد أصبحت الطوابير الطويلة من المواطنين أمام نوافذ الصرف في المصارف من المظاهر المعتادة في الخرطوم , وإرتفع سعر الدولار في مقابل السوق السوداء نتيجة للمضاربات والطبع للعملات بلا تغطية ، بالإضافة للشركات العديدة الوهمية ونشوء مايسمى بمال التجنيب ، والذي لا يعرف أحد كم هو ولا إلى أي حد يبلغ ، ضف إلى ذلك الكثير من الإعفاءات الضريبية للشركات والمؤسسات للموالين بمبررات متعددة ، مع فرض ضرائب ورسوم بأرقام عالية ، أقل ما يقال عنها أنها غير واقعية ، الأمر الذي إنتشرت بموجبه مكاتب التحصيل على طول البلاد وعرضها مما اثقل كاهل دافع الضرائب المغلوب على أمره بصورة غير مسبوقة.

وفوق كل هذا وذاك طوفان الفساد الذي أطلق يده بلا حساب ولا رقيب ، ولا حتى مرور للمختصين من المراجعين المحترفين ولو على وجه السرعة ، بل عرف أن هنالك مؤسسات محرم عليها دخول المراجعين تماماً ، وقد تعجب البعض من كبر حجم الزيادات ، خاصة للأطباء والمعلمين والقوات النظامية ، وقد كان هناك نوعاً من الإشفاق الحقيقي أو المصنوع من أن تعود تلك الزيادات بنتائج عكسية ،مع أنه لو وظفت الموارد توظيفاً صحيحاً فلن يكون هناك أي هزة أو تأثير سلبي على الإقتصاد.

وقد بلغت هذه الموارد شأواً بعيداً من الصرف البذخي سابقاً ، حيث أن مورد تجنيب الوزارات بإحصائية بسيطة يبلغ ما يعادل مئتان إثنان وثلاثون مليار ، والداخلية ما يقارب الثلاثمائة ثلاثة وخمسون مليار ، والجمارك الأربعمائة ستاً وخمسون مليار ، والسجل المدني مائة تسعة وثمانون مليار ، وإتحاد المرأة ثلاثة وعشرون مليار ، والدفاع الشعبي مائة وخمسون مليار ، والشرطة الشعبية مائة وثلاثة عشر مليار ، والأمن الشعبي مائة وتسعاً وثمانون مليار ، والذكر والذاكرين سبعاً وثلاثون مليار ، ومنظمة ميمان مائة وخمساً وثلاثون مليار ، وتزكية المجتمع خمساً وأربعون مليار ، والدعوة الإسلامية مئتان واحد وعشرون مليار ، وحسن الخاتمة ثلاثة عشر مليار ، وسوكافا أربعاً وثلاثون مليار ، والشباب الوطني مائة وستاً وخمسون مليار ، وإتحاد المرأة ثلاثة وعشرون مليار.

وللعلم هذه أضخم عملية زيادات للأجور تمت على مدى التاريخ الحديث ، وعليه ولتجنب منزلقاتها يجب ضبط الأسواق لمنع إرتفاعها غير الواقعي مما يسبب تضخماً ما ، ويجب منع المضاربات الهادمة أكثر منها بانية ، مع منع التهريب ، ومحاربة السوق الأسود ووكلائه وسماسرته ، ويجب مطاردة عمليات نهب الأموال الممنهجة من قبل الفلول ومنتفعي النظام البائد ، والعمل على إستردادها للخزينة العامة في الداخل والخارج ، مع وضع قوانين رادعة تجاه المخالفين ، والعمل على تطبيق هذه القوانين بكل حيادية وبكل حزم لأن المسألة هي نهوض أمة ومعافاة وطن ، ومن ثم التركيز على إستزراع الأراضي الزراعية البكر الواسعة ، والتركيز على التصنيع الزراعي ، وتشجيع المنتوج من الصناعة المحلية ، مع تشجيع الإنتاج والإنتاجية ، وفتح الأبواب للإستثمار بشروط مناسبة ومشجعة للمستثمر الأجنبي والوطني وغير مجحفة في حق الوطن والمواطن.

Loading

شارك على
أكتب تعليقك هنا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.