آخر الأخبار
The news is by your side.

حديث المدينة … بقلم: عثمان ميرغني .. إلى السيد رئيس الوزراء!! ‏

حديث المدينة … بقلم: عثمان ميرغني .. إلى السيد رئيس الوزراء!!


قرار سهل لا بد منه، قرار بإنشاء آلية إدارة الأزمة.. لها هياكل بسيطة غير معقدة، وتفويض واضح ينحصر في التعامل ومعالجة الأزمة.. والأزمة هنا يقصد بها أية مشكلة طارئة تظهر على السطح.. مثلاً مشكلة الخبز أو الوقود أو الدواء أو مواجهة فايروس “كورونا” وحماية البلاد منه.. بل حتى مشكلة الأمطار والسيول التي تجتاح البلاد في فصل الخريف.. كلها تقع تحت مُسمَّى أزمة
الفكرة والمغزى من إنشاء آلية إدارة الأزمة هو تفريغ الحكومة لمهمة بناء المستقبل بدلاً من الغرق في بحور الأزمات الآنية التي منذ وُلدنا ظلت تظهر وتختفي خلال كل العهود والنظم السياسية..
ولتوضيح المعنى بمثال شاخص أمامنا الآن.. وزير الصناعة والتجارة الأستاذ مدني عباس مدني لا يجب أن يكون من مهامه الانشغال بأزمة الخبز مهما كانت حادة، هذه مهمة آلية إدارة الأزمة وعلى الوزير – كل الوزراء- التفرغ بالكامل لمهمة بناء دولة السودان الحديثة على الأسس الراسخة المستدامة التي تتجاوز الواقع وأزماته..
مثال آخر.. ليس من مهام وزير البنى التحتية الانشغال بمعالجات الأمطار والسيول، تلك مهمة آلية إدارة الأزمة وعلى الوزير التفرغ لبناء المصارف السطحية وسدود حصاد المياه والجسور والطرق المستديمة التي لا تتأثر بالأمطار.. وستكون النتيجة أنَّ ما ينجزه وزير البنى التحتية بعد ثلاث سنوات هو حل دائم ينهي الحاجة الموسمية للتعامل مع أزمة! السيول والأمطار..
بعبارة أخرى، يجب فصل المسار الإستراتيجي عن الآني الراهن، تماماً كما نفصل بين مسار الطرق السريعة وطرق الخدمة الجانبية، وعلى الحكومة أن تسير في الطريق الرئيسي السريع المتجه نحو بناء المستقبل، وتترك لـ آلية إدارة الأزمة مهام التصدي ومواجهة الأزمات الراهنة..
آلية إدارة الأزمة هي مجموعة عمل لها هيكل واضح وسياسات للتعامل مع مختلف الأزمات، بل وربما من الأفضل أحياناً أن تجري “تدريبات” على أزمات متوقعة حتى قبل أن تقع.. وتوفر لها السلطات التي تسمح لها بالاستفادة من كل الآليات والوسائل المتوفرة للإدارات الأخرى.. فطبيعة عملها المؤقت تجعل النجاح في مهامها متوقفاً على قدرتها في تنسيق وحشد الجهود من مختلف قطاعات الحكومة والمجتمع.
فليكن لـ آلية إدارة الأزمة مقر مناسب وعدد مقدر من الخبراء والكوادر الأخرى، وميزانية تسمح لها أن تكون قادرة على إنجاز الحلول بكفاءة وسرعة..
ويصبح عملياً لا علاقة للوزراء بالأزمات الطارئة مهما كانت.. فوزير الطاقة والتعدين لا يجب أن ينشغل بأزمة البنزين، عليه فقط أن يتفرغ للخطط الإستراتيجية والمتوسطة وقصيرة المدى في الطريق الصاعد لبناء دولة السودان الحديثة..
على الأقل ذلك يرفع عن كاهل الوزراء ضغوط مواجهة الأزمات، فيرفع كفاءة وسرعة الانطلاق نحو المستقبل..
سيدي رئيس الوزراء، لا تشغلكم الأزمات عن بناء المستقبل، أتركوا مواجهة الأزمة لـ آلية إدارة الأزمة وتفرغوا لبناء دولة السودان الحديثة..

Loading

شارك على
أكتب تعليقك هنا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.