آخر الأخبار
The news is by your side.

يقظة فكر … بقلم: د. ولاء امين .. الأسرة

يقظة فكر … بقلم: د. ولاء امين .. الأسرة

في آخر يوم من رمضان ندرك أنه جاء لتذكيرنا بمعنى الأسرة ومكانتها في سلم العلاقات الاجتماعية…الأسرة تعني “الأمان”…أو كما يقول أحدهم الأسرة حيث بدأت الحياة وحيث لا ينتهي الأمان.

الأسرة بمثابة وحدة اجتماعية أساسية جوهرية و نواة مجتمع نُزعت القداسة منها، فكل دور مُقدس للأسرة سواءً كان نفسي أو اجتماعي أو تربوي نُزع منها…حتى أبسط دور وهو تأمين الغذاء والعلف لسكان البيت يكاد أن ينتزع…كيف حدث ذلك؟!

في تصوري حدث ذلك عندما أنصرف الآباء عن الأبناء وحدث خلط بين كل ماهو “خاص” وكل ماهو “عام” وتفضيل “العام” على حساب “الخاص” في حالة استغناء عن الارتباط العائلي الخاص الذي يحقق الاستقرار والأمن النفسي…استغناء واستبدال هذا الارتباط بآخر اجتماعي عام يتمثل في صداقات وعلاقات اجتماعية خارجية جيدة على حساب الارتباط العائلي الخاص، في حالة من نسيان قاعدة نبوية “خيركم خيركم لأهله”…فيحدث إهمال وإيذاء للأبناء ويتحول الآباء إلى مصدر تأمين الحاجات المادية…هذا التأمين إذا قامت جهة أخرى غير الأسرة بتوفيره يتبرأ الأبناء من الرابط الأسري الذي لا يمثل لهم سوى الألم والإيذاء أحياناً.

فقط تَأمُل أحاديث الآباء مع الأبناء يجعلنا ندرك كارثة نزع القداسة من الأسرة واعتبارها رابط هامشي، الأب يتحدث عن الماديات والأم عن المنزل وتنظيفه…تصرخ الأم وتذكر الأبناء بتنظيف الطبق بعد الانتهاء من الأكل ثم تمضي دون أن تضيف أي كلمة على التذكير المعتاد، فيكون هذا التذكير مستفز، ثم يتساءل الابن ويسأل والدته “الطبق أهم من الابن؟!…لماذا لا تسأل عن حاله وكيف مرَّ يومه؟!”…قد نعتبر هذه المحادثة عابرة بين أم وابنها لكنها تعبر عن عدم إشعار الابن بالقيمة وبالاهتمام به…تعبر غياب قيم التراحم والمودة والسكن، القيم التي هي من صميم خلقة الإنسان وفطرته التي فطره الله عليها، القيم التي جعل كل أمر قام الله به في كونه ابتداءً بخلق آدم وحواء ليقوموا بتشكيل أول أسرة في تاريخ البشرية وصولاً إلى تشريعات الزواج وخلق نزوع كل من الجنسين إلى الآخر، فمهمة التشريع لا تنفصل عن التكوين والخلق الأول…بل مهتمه حفظه من الضياع والانحراف.

خلاصة القول…إذا كان الله قد جمع بين الرجل والمرأة على مستوى الأمة في إطار الاستخلاف، فإن الأسرة هي الوحدة الأساسية التي تجمع بينهما على مستوى الجماعة…تجمع بينهما وتكون بمثابة العمود الفقري لهيكل العلاقات الاجتماعية والوتد الثابت والملجأ الآمن الذي نعود إليه إذا ما عصفت بنا الحياة…الأسرة في أبسط تعريفاتها، أمن العبد الأرضي.

 

Loading

شارك على
أكتب تعليقك هنا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.