آخر الأخبار
The news is by your side.

وداعًا “هنا لندن” وغادرها الطيب الصالح ايضا

وداعًا “هنا لندن” وغادرها الطيب الصالح ايضا

بقلم: عواطف عبداللطيف

“إنني أريد أن آخذ حقي من الحياة عنوة. أريد أن أعطي بسخاء، أريد أن يفيض الحب من قلبي فينبع ويثمر. ثمة آفاق كثيرة لا بد أن ُتُزار، ثمة ثمار يجب أن تقطف، كتب كثيرة تقرأ، وصفحات بيضاء في سجل العمر، سأكتب فيها جملاً واضحة بخط جريء هذا ما خطاه بقلمه عبقري الرواية العربية .” موسم الهجرة إلى الشمال…

والتي طافت بهذا التربال القح للعوالم والمدن وكتب “نحن بمقاييس العالم الصناعي الأوروبي، فلاحون فقراء، ولكنني حين أعانق جدي أحس بالغنى، كأنني نغمة من دقات قلب الكون نفسه..

لم يكن الابن البار فقط لجده بل لكرمكول التي طاف بها العوالم و لمستمعي اذاعة البي بي سي والتي كان الزولات في أزمانها يتراصصون امام ” الكنتين ” او ظلال النخيل وباياديهم كاسات الشاي بالحليب ” المقنن ” يستمعون لصوت وليدهم الذي غادر بلدته المغمورة كرمكول وتفرجن مظهرا بخلع عراقي الدمور مرتديا البدلة الافرنجية و الحزاء الانجليزي وخنق عنقه برباط الكرافته الحريرية فاقعة اللون دون أن يخنق عطاءه الثقافي فافرغ مكنونات دواخله منذ ان كان يركع خلف جده ليودي الصلوات بتبروكة مثالية للصلاة لانها من ذات جلد خرافها وأبقاره التي رعاها الزين درويش تلك القرية وأنسانها ..

وها هي اذاعة البي بي سي ايضا تغادر بعد 84 عاما من انطلاقها (1938)، حيث قررت هيئة الإذاعة البريطانية (BBC) إغلاق إذاعتها العربية، التي تعد أكبر وأقدم خدمة من غير الإنجليزية، لإعادة الهيكلة والتوجّه للرقمية، ولتوفير 5. 28 مليون استرليني .

وشمل القرار الفارسية والقرغيزية والهندية والبنغالية والصينية والإندونيسية والتاميلية والأردية.

و “بي بي سي” تبث في أربعين لغة ويشاهدها أسبوعيًا 364 مليون شخص… ووفقًا لبيانها سيتم إغلاق ما يقرب من 382 وظيفة، ونقل 7 خدمات لغوية الصينية والأردية للرقمية وحوالي نصف خدمات اللغة البالغ عددها 41 ستبث ايضا رقميًا …

ويعد الأديب الراحل الطيب صالح من أوائل وإشهر السودانيين الذين عملوا لهيئة الاذاعة البريطانية… ومن المقرر أن تستمر خدمة بث الإذاعة العالمية على مدار 24 ساعة، في جميع البلدان واللغات التي تتواجد بها حاليًا، بما في ذلك اللغات الجديدة التي تمت إضافتها أثناء التوسع العام 2016.

وسيتم إغلاق برامج تلفزيونية واذاعية بموجب الخطة الجديدة، .. والطيب عمل في الإذاعة السودانية، وهاجر لدولة قطر وعمل بوزارة إعلامها وكيلاً ومشرفاً على اجهزتها … و مديراً إقليمياً بمنظمة اليونيسكو باريس، وممثلها في الخليج ويمكن القول أن حالة الترحال والتنقل شرقا وغربا شمالا وجنوبا أكسبت الصالح خبرة واسعة بأحوال الحياة والعالم وأهم من ذلك أحوال أمته وطنيته وقضاياها وهو ما وظفه في كتاباته الروائية ليسلم روحه بذات لندن التي عمل بها وأحبها وليرتاح جسده بتراب ارض اهله وعشاقه وعشقه بمقابر البكري بامدرمان في موكب مهيب حضره رموز البلد ودراويشها وحملت اقلامها والتائهين بدروبها الي يوم الدين ..

وتتقلص البي بي سي ويبقي ذكراها حيه كما عرس الزين ودومة ود حامد وموسم الهجرة شمالا كان او جنوبا طالما كتبه التربال وليد عاشة .

Awatifderar1@gmail.com

Loading

شارك على
أكتب تعليقك هنا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.