آخر الأخبار
The news is by your side.

والجديد شديد !! .. بالمنطق .. بقلم: صلاح الدين عووضة

والجديد شديد !! .. بالمنطق .. بقلم: صلاح الدين عووضة

صناعة الطغاة..
هذا اسم برنامج تلفزيوني بقناة ناشيونال جيوغرافيك…شدني من أول حلقة..
وكانت البداية بطاغية كوريا الشمالية الأول…أو الجد..
ولا تعجب ؛ فقد أورث الجد طغيانه – والبلد بأسرها – ابنه…فأورثها هذا ابنه..
وكيم إل سونغ كان محبوباً في بداية حكمه…وبسيطاً..
وهذه هي الخطوة الأولى من خطوات صناعة الطغاة وفقاً للبرنامج المذكور..
فكلهم يبدؤون طغيانهم بإظهار الزهد والتواضع..
ثم ينتقلون إلى الخطوة الثانية وهي التخلص من المنافسين المحتملين…و المعارضين..
وغالباً ما يشوب عملية التخلص هذه عنف دموي..
فالطاغية لا تهمه وسائل إزاحة خصمه عن المشهد…..وأفضلها عنده القتل..
وعقب إفراغهم الساحة من منافسيهم يبدأ الطغاة برامج التمكين..
فتمكين الموالين من مفاصل الدولة كافة أمر ضروري…لضمان إحكام السيطرة..
ويبدأ الطاغية هذا التمكين بنفسه…فيقبض على كل شيء..
الجيش…الأمن…الشرطة…الإعلام…الاقتصاد…الخارجية….وحتى الكشافة..
فهو القائد الأعلى…والأب الروحي…والكشاف الأعظم..
ويحكي البرنامج كيف أن كيم حاول أن يتحكم حتى في أدق تفاصيل مواطنيه..
ماذا يأكلون…وكيف يتعاملون…وفيم يفكرون..
أما الخطوة الثالثة فهي غرس محبة الطغاة في نفوس أفراد شعوبهم…ولو بالقوة..
فصورهم في كل مكان…وهي لا تكبر بكبر أصحابها..
يعني حتى لو بلغ طاغيةٌ ما من العمر ثمانين عاماً تبقى صوره في عمر الزهور..
وتُحشى مناهج الدراسة بكل أدوات تمجيد الذات الرئاسية..
وأجهزة إعلام الدولة لا عمل لها سوى عكس جميع حركات الرئيس… وسكناته..
ثم تبدأ الخطوة الرابعة…متمثلةً في جني ثمار الانفراد بالحكم..
أو – بعبارة أخرى – التمتع بمباهج الدنيا…بأقصى ما تسمح به شهوة النفس..
وبأقصى ما تسمح به فسحة العمر….كذلك..
فالطغاة يسابقون الزمن من أجل أن يحظوا بأكبر قدر من نعيم الحياة… ولذاتها..
بل ويكرهون الموت بأكثر مما يكرهه بقية الناس..
وبمثل كراهيتهم لمن يهدد سلطتهم ؛ معارضاً كان….أو حتى منافساً موالياً..
ويتحدث البرنامج عن مقت كيم للموت..
ويشير إلى محاولاته المحمومة – والمجنونة – لإطالة عمره بأي طريقة ممكنة..
فهو لا يريد أن يموت…وعلى أطبائه أن يفعلوا شيئاً..
وكنت قد كتبت عن هلع طاغية فنزويلا – شافيز – من الموت….حين جاءه..
وقد كان أتى – لسوء حظه – عقب تعديله مادة الولاية في الدستور..
فالسنوات الخمس تمر سريعاً…وتعب هو من التمديد..
إذن فلتكن الولاية مدى الحياة ليرتاح…وما درى أن الحياة لم يبق فيها مدى..
والآن (ارتحنا) نحن من طاغية بلادنا البشير..
ولكنها قد لا تكون راحةً إلا إلى حين..
إذ يعكف (بعضنا) على صناعة طاغية جديد….بأحسن ما تكون الصناعة..
وبأعجل – أيضاً – ما يسمح به عامل الزمن…تجنباً للفراغ..
وأقترح على قناة البرنامج المذكور أن ترسل فريقها إلى السودان الآن…و وفوراً..
فهو سيحظى بلحظات (طازجة) ؛ خطوة…بخطوة..
خطوات يساهم فيها – بغير وعي – بعض أغبياء الراهن الثوري من المدنيين..
لصناعة طاغية جديد..
وشديــــد !!.

الصيحة

Loading

شارك على
أكتب تعليقك هنا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.