آخر الأخبار
The news is by your side.

ناعق حذق … بقلم:  فاطمة روزي

ناعق حذق … بقلم:  فاطمة روزي

أعيش في هذه الفانية وأخوض غمارها ما بين دُهْمَة الأمواج العاتية، ولذة التُؤدَة المنثورة بالسعادة، أستيقظ على بعث جديد بثوب مزركش من العافية متوج باليقين، أطرح رداءً مهلهلًا لتشرق شمس الأمل في حانات مضغتي، فتمحو براثن مهترئة من قمقم الذكريات.

أغدو بين بعض الأعمال وانجاز جزء من المهام، بجدٍ ونشاط، أحمل مشاعل التفاؤل ببهجة، أرسم لغة لطفٍ على وجهي، وبعد ذلك العناء الحافل بالإجهاد في يومي الجميل، انتظر حلول المساء ليسدل غاسق ستائر عتمة السكون، فبعد أن تخور قواي أضجع بجسدي الغض على الوثير، أضع رأسي برفق على صدر وسادتي الحانية لعلي أحظى معها بقسطٍ من السكينة، أريد فقط أن يتوقف عقلي عن العمل المضني.

لكن للأسف يمر الوقت المقدام وعينايّ تحملقان للسقف، أسمع صوت أفكاري الذي ينشد لحناً مزعجاً، عن زمن ” الإٍمّعات “، حينها أبدأ بالإبحار بين بعض سفن شخصيات البشر وأقف على موانئهم العقيمة بفصولها الغريبة، أصعق مما هم عليه؛ فليس لهم رأي حكيم، تفكير قويم ولا استقلال ! بل للأسف متبعين لكل ناعق حذق، يحركونهم كالدمى المعلقة بالخيوط وكيفما يشاؤون، وهم يلهثون خلف كل مدعٍ أرعن، يسيرون خلفه صمٌ بكمٌ عميٌ ينهقون وينعقون بما لا يفقهون، في غيهب من السبات العميق عن شمس الحقيقة، فيصبحون ضالين ومضلين عن جادة الطريق، كالمثل السائد : ” مع الخيل يا شقرا “.

هؤلاء ليسوا إلا ” إِمَّعَةً ” فقد ذمهم الخالق في كتابه الكريم، لأن لا عقل لهم ليميزوا بين الردئ والحسن، هم مجرد مقلدين سفهاء، متلونين جهلاء، غابت عنهم أنية العقول الرشيدة، تلاشت أعمدة القيم، ضاع ميدان الثوابت، فماتت حصون الأصالة، لتحل براكين الكوارث وتسود أعاصير الإضطراب بأخلاقهم السيئة، فيصبحون أشد خطراً وفتكاً على المجتمع.

قال صلى الله عليه وسلم : { لا تكونوا إمعةً تقولون: إن أحسن الناس أحسنّا وإن ظلَموا ظلمْنا، ولكن وطِّنوا أنفسكم إن أحسن الناس أن تُحسنوا، وإن أساؤوا فلا تظلموا }، فإياكم أن تتمسكوا بنوافذ القشور، وتتركوا أبواب اللب والأصول، ابحثوا بين بساتين الحق، ستجدوا حتماً أزهار الصواب برحيق الصدق الساحر، كونوا شخصية فريدة مستقلين لا تابعين ولا متذبذبين.

باغت ضياء النهار المجلجل مقتحماً الليل الهادئ بدون إنذار، حينها استسلمت للكَرَى بانهزام ليجذبني من عنفوان الحياة وأحضان دفئها، إلى رحلة الآمال المحلقة، الأحلام المتجددة، والدعوات المحققة، فقررتُ محو رايات أفكاري من قاموس عقلي وعدم الإنشغال بأهل المصالح والنفاق، ولكن يبقى التعجب والإستفهام مما هم عليه وفيه من غشاوة تكتفهم، متى يستيقظون ويكون لديهم ذكاء حصيف ؟ أسأل الله جلّ في علاه أن يرزقنا وإياكم الغلبة والقوة، ويثبتنا على الهدى والخير في زمن الشتات والضلال، وأن يعافينا وإياكم من هذا الخلق الذميم .

همسة :
اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه .. وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه.

Loading

شارك على
أكتب تعليقك هنا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.