آخر الأخبار
The news is by your side.

موارد السودان: الجوع في وسط الوفرة

الاقتصاد السياسي للسودان .. موارد السودان: الجوع في وسط الوفرة

بقلم: د. سبنا امام
قد يتسآل كثيرون كيف لبلد يمتلك اخصب الاراضي ان يكون اغلب سكانه جوعى؟ كيف لبلد ينتج ما يقارب 250طن من الذهب ويعتبر من اهم منتجي الخام في افريقيا ان يكون التضخم فيه اكثر من 110%وعملته تتدهور باستمرار امام الدولار في سقوط حر متأثر بجاذبية ثقب اسود؟

 كيف يعاني بلد كهذا من نقص الوقود ونقص الدواء واقل مقومات الحياة الآدمية الكريمة؟  كيف انتهى السودان الى حالة مريض السكري الذي يعاني الجوع في وسط الوفرة ؟

وكما ان مريض السكري يعاني خللاً هيكليا يتمثل في مقاومة الانسلوين فإن الاقتصاد السوداني يعاني خللا هيكليا تمثل في حكومات السرقة والاستبداد المتعاقبة اوsuccessive kleotocratic and auticratic adminstrations. التي ادارت البلاد لما يزيد عن المائة عام . وهنا ساستخدم التمييز الذي قدمه اولسون (1993) بين الحرامي المقيم و النشال او roving and stationary bandit.

وفكرة اولسون ببساطة ان المستعمرين غير المقيمين لا يهتمون بمستقبل مستعمراتهم ولذلك لا يقومون بالاستثمار في زيادة ثرواتها وانما ينشلون ما استطاعوا اليه سبيلا وذلك لان النشال بطبعه لاتكون لديه رؤية مستقبلية ويعتمد رزق اليوم باليوم .اما المستعمر المقيم فانه يسثمر في مستعمراته ليزيد حجم ثرواتها فيزيد النصيب الذي يستحوذ عليه منها.

وهو سلوك الحرامي المحترف الذي يهتم للمستقبل ويحرص ان يجد كل يوم ما يمكنه ان يسرقه. ويمكن استخدام هذا الanology. في فهم الحاله السودانية الغريبة والتي تتشابه وحالة كثير من الدول الافريقية الغنية فالاستعمار الانجليزي المدفوع بهدف الحصول على القطن مثلا كن يمثل الحرامي المقيم ولذلك بنى السكة حديد واستثمر في مشروع الجزيرة واسس الخدمة المدنية والمدارس والجامعات لانه يريد ان يزيد ثروة السودان فيزيد نصيب ما تنهله المملكه المتحدة من هذه الثروة وقد كان فالمملكة العجوز كدست ثروات ضخمة مازالت تعينها على نوائب الدهر وتقلبات الايام .

وتكررت التجربة مع الاستعمار الصيني بهدف الحصول على البترول فقد استثمرت الصين مليارات الدولارات في انشاء الصناعة النفطية وكل الصناعات والخدمات المرتبطة بها ثم جنت اضعاف ما استثمرت ووطدت شركاتها النفطية الوطنية اقدامها كأحد اهم اللاعبين النفطيين في العالم على حساب النفط السوداني. اما الاستعمار الاماراتي والروسي بهدف الذهب فيمثل حالة النشال فالبلدين لا يستثمران في اي قطاع في الاقتصاد السوداني ولا حتى في الذهب اذ ما يزال 85% من الذهب ينتج اعتمادا على التعدين التقليدي بكل اضراره البيئية بعيدة المدى ويحصلون بالمقابل على اطنان من الذهب تعادل ايراداتها ما كان يجنيه السودان من ريع النفط والتي لو جدت طريقها لخزائن الدولة لاصبح الدولار ب2جنيه ولهبط التضخم لمستوى ال one digit وذلك اضعف الايمان.

اليوم بنت روسيا ثالث اكبر احتياطي للذهب والذي يرجع الفضل فيه بدرجة كبيرة للذهب السهل المنشول من السودان. وتعتبر الامارات ثاني اكبر شريك تجاري للسودان والتبادل التجاري يقوم اساسا على استيراد الذهب السوداني وتصدير الالكترونيات والموبايلات وغيرها من المستهلكات التي لاتبني اقتصادا ولاتؤسس لتنمية. انها اكبر عملية نشل عرفها التاريخ .

واليوم مازال طاقمنا الاقتصادي يصر على تشخيص الازمة على انها خلل في توازن الاقتصاد الكلي ويلوم المواطت على الدعم الذي قدمت له الحكومة والذي كثيرا ما يتسآل المواطن نفسه عنه بعبارة( هو وينو الدعم دا ما شايفنه) ونحن نعلم ان الدولة في مسعى لمنافسة النشالين المحترفين طبعت ترليونات الجنيهات دون غطاء فقط لتشتري الذهب ثم لم تحصد الا القليل الذي لم يتجاوز ابدا ال10%من انتاحه وهرب الباقي عبر مطار الخرطوم على عينك يا تاجر ومازال العرض مستمرا.

وكانت النتيجة ارتفاع معدلات التضخم لمستويات غير مسبوقة وتضييق الخناق على المواطن السودني المختنق اصلا وطالع زيتو. وثالثة الاثافي ان ينظر السودان بشغف العاشق الولهان ليوم ان يتفضل عليه نشالوه الذين يمثلون المعشوقة المتمنعة عن اللقاء بالمنح والاعانات تحت مسمى أصدقاء السودان والذي لن يعود بشيء سوى تمكين النشالين القدامى وادخال آخرين لطالما سال لعابهم للحصول على جزء يسير من مغارة علي بابا التي لا يحرسها اي جن.
واما نحن فنكتب كلماتنا التي لا تسمن ولاتغنى عن جوع ولكنها لله والوطن والحقيقة.
ودمتم

Loading

شارك على
أكتب تعليقك هنا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.