آخر الأخبار
The news is by your side.

من الفيل وليس من الظل … بقلم: كمال كرار

من الفيل وليس من الظل … بقلم: كمال كرار

في هذا الزمن ومن قبله يتم التلاعب بالألفاظ إخفاء للحقائق المجردة،فيقال مثلا توجد فجوة غذائية في دارفور بدلا عن توجد مجاعة.

ويقال أيضا نريد رفع الدعم عن البنزين بدلا عن زيادة سعره، ويطلق إسم توحيد سعر الصرف بدلا عن تخفيض قيمة الجنيه،وهكذا .
وعلمتنا الصحافة أن نرجع لمصدر الخبر قبل نشره لأن عهد الانترنت جعل معظم ما ينشر (شمارات) منقولة عن مصادر غير صادقة.


ولو أردنا أن ندرك كنه ما دار في المؤتمر الإسفيري الذي انعقد بباريس الخميس الماضي،تحت مسمى (أصدقاء السودان)،فلا بد أن نطلع على التلخيص الوافي أو سمه البيان الصحفي الذي صدر عن وزير الخارجية الفرنسي (واسمه بالمناسبة) ولا نعتمد مثلا على تغريدة وزير المالية السوداني على تويتر، ولنا في تغريدات ترامب أسوة غير حسنة .


ماذا قالت التغريدة المشار إليها أعلاه؟ قالت (نشكر اصدقاء السودان في الاتحاد الاوربي لمساندتكم المستمرة للشعب السوداني المتمثلة هذه المرة في حزمة تبلغ 460 مليون يورو).

وماذا نفهم من هذا الكلام ؟ أن هنالك 460 مليون يورو قدمت للشعب السوداني (مساندة يعني)،استلمتها الحكومة نقدا أو بشيك معتمد وليس طاير،والدليل أن وزير المالية في حسابه على تويتر قد أكد ذلك.


وماذا قال البيان الصحفي لوزير الخارجية الفرنسي (وهو رئيس الاجتماع بالمناسبة)؟ قال أن هنالك عدة شركاء بما فيهم الاتحاد الأوربي وفرنسا والنرويج والسويد قد أبدوا رغبتهم بالمساهمة بمبلغ يصل إلي 100 مليون يورو في مؤتمر المانحين الذي سيعقد في يونيو القادم ببرلين، وأن مساهمات إضافية متوقعة (ولم يحدد الجهات ولا المبالغ).


ونزيد القراء بيتا من الشعر حين نعرف من البيان نفسه أن بلادنا (المنكوبة بداء صندوق النقد) محرومة من المساعدة المالية التي أعلنها البنك الدولي لمجابهة كورونا في البلدان النامية،وأن المؤتمر الإسفيري نفسه (توسل) للبنك الدولي (طبعا نيابة عن ثوار السودان وكنداكاته وشفاتته) ألا يحرمنا من تلك الأموال لأننا داخل حزام الكورونا الأفريقي، وبأي تفويض نتوسل ونشحد ونمرمط سمعة السودان!! يبدو أن (تفويضات) البشير المخلوع لا تزال سارية. 


وبالرجوع للتغريدة – وسنرجع لها لاحقا في نهاية ديسمبر عند تقييم الموازنة – فإن الـ 46 مليون يورو لا توجد في أي مكان من البيان الختامي للاجتماع، وأن الـ 100 مليون نفسها هي إبداء رغبة للمساهمة عندما ينعقد مؤتمر برلين في يونيو .. وإبداء الرغبة ليس هو التأكيد القاطع كما هو معلوم في اللغة (إذن لماذا تزيف الحقائق؟).


وهب أن (أصدقاء السودان المزعومين) دفعوا الـ 460 مليون يورو (الفرحان بيها الوزير)،فأي ثمن فادح (سياسي واقتصادي) سيدفعه سودان الثورة لقاء هذه الدريهمات؟!!! انتظروا الفيلم وهذه هي المناظر فقط .

Loading

شارك على
أكتب تعليقك هنا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.