آخر الأخبار
The news is by your side.

مليونية القصاص العادل… حينما تنسل الجموع من براكين الغضب…!!

مليونية القصاص العادل… حينما تنسل الجموع من براكين الغضب…!!

الخرطوم: علي الدالي، محمد الأقرع

كعادتها – كل يوم خميس – كانت الخرطوم تحبس أنفاسها استعدادا لانطلاق مواكب المليونية التي دعت لها قوى الحرية والتغيير للمطالبة بالقصاص لشهداء مجزرة الأبيض. في وقت لم تعد المدن الكبرى في الولايات ترخي آذانها لسماع الزغرودة الأولى من كنداكات العاصمة إيذانا بتحرك المواكب، بل كانت تنتظر الساعة الواحدة بتوقيت الثورة لتنفث براكين الثورة حممها في وجه قتلة الأطفال من طلاب الثانويات.
ويبدو أن الأجهزة الأمنية في بداية الأمر استطاعت أن تكف يدها – هذه المرة – عن ضرب المواكب فقصُرت يد الشرطة التي كانت تقف لحراسة بعض المؤسسات وتتمركز حول تقاطعات الشوارع الرئيسية على بعد خطوات من المسارات التي رسمتها قوى الحرية والتغيير للمواكب ورصدت (الجريدة) انتشارًا واسعًا للقوات النظامية داخل مدينة الخرطوم، خاصة المنطقة حول القيادة العامة والشوارع القريبة من القصر الجمهوري. ويبدو أن رسالة اللجنة الميدانية التابعة لقوى الحرية والتغيير وصلت إلى بريد المجلس العسكري في بيانها صباح اليوم والذي كشفت فيه عن وجود مخطط يقوده ضابط أمن متقاعد أطلق سراحه من المعتقل حديثًا.

عقارب الشائعات وسلمية الثوار : 
كانت عقارب الشائعات التي أطلقتها فلول النظام البائد ومؤيدو المجلس العسكري الانتقالي تسعى بين الناس في الأسواق والأحياء ومواقع العمل خلال الأسبوع، بل وكانت حتى صباح الخميس تنتشر مثل النار في الهشيم داخل مواقع التواصل الاجتماعي. على شاكلة ضبط أسلحة نارية ووجود فيالق حمراء مسلحة؛ فشلت كلها في إيقاف المد الثوري السلمي وخروج ملايين الثوار في الشوارع شاهرين هتافهم: (مقتل طالب مقتل أمة .. الدم قصاد الدم ما بنقبل الدية). تجاوزت المواكب الشائعات وانطلقت في العاصمة والأقاليم خرج الملايين إلى الشوارع فيما قامت لجان المقاومة بتوزيع أوراق صغيرة تدسها في يد الثوار تدعو إلى التمسك بالسلمية لحماية الثورة وضمان استمرارها وعدم جر البلاد إلى العنف.

(للمجلس ما في حصانة يا المشنقة يا الزنزانة) : 
شعار واحد ردده الثوار طيلة زمن الموكب أوصد الباب تمامًا أمام أي محاولة للعنف هو: (البلد دي ما بتنهار البلد وراها رجال). كانت أيضًا الشعارات الأخرى الجديدة هي الأكثر ترديدًا في المواكب مثل (يا المجلس مافي حصانة ..يا المشنقة يا الزنزانة) هي رسالة إذن لوفد التفاوض من قبل الحرية والتغيير ألا تنازل ولا تهاون مع المجلس العسكري فيما يتعلق بالدماء علاوة على الاحتفاظ بحق الجماهير في الحكومة المدنية.
التزمت كل المواكب التي تحركت في الساعة الواحدة بتوقيت الثورة في العاصمة والولايات بينما التزمت لجان المقاومة التي قادت المواكب بالمسارات المرسومة لها سلفا حتى وصلت إلى النقطة النهائية في الميادين المحددة وأقامت مخاطبات في كل ميدان.
الحراك الجماهيري بدأ باركًا في جنوب الخرطوم حيث تحرك موكب الكلاكلات حتى التحم مع ثوار جبرة والصحافة والعشرة والامتداد، الحماس كان يسيطر على الأجواء وهتافات الشباب لم تتوقف رغم المسافات الطويلة التي قطعها الموكب.
المشهد لم يتخلف كثيرًا في نواحي أخرى من مدينة الخرطوم، في شرق النيل مثلًا تداعى الثوار إلى نقاط التجمع بكثافة وتحركوًا نحو ميادين الإلتقاء، الهتافات كانت داوية ويبدو أن الغضب هناك كان أكبر، في مواكب (الحاج يوسف) تحديدًا كانت تواجد العلم الجنوبي سوداني ملمح مميز تطابق مع صعود هتافات مثل ( ﺷﻤﺲ ﺍﻟﺨﻼﺹ ﺷﺮﻗﺖ.. ﺛﻮﺭﺓ… ﻛﻞ ﺍﻟﺠﻤﻮﻉ ﻣﺮﻗﺖ… ﺣﻜﻤﻮﻧﺎ ﺑﺄﺳﻢ ﺍﻟﺪﻳﻦ.. فصلونا بأسم الدين… ﺛﻮﺭﺓ ﺯﺭﻋﻮﺍ ﺍﻟﻔﺘﻦ ﻓﻲ ﺍﻟﻨﺎﺱ). كالعادة بري ومواكب شارع الستين كانت هي الأخرى ذات حشود معتبره، أما في بحري كان الجميع في الشارع (الدروشاب، السامراب، الكدرو، وأحياء شارع المعونة).

أم درمان تخرج أثقالها وأبطالها: 
أم درمان في مناسبات متشابهة دائمًا ما تخرج أثقالها وأبطالها فقد هدر مئات الآلاف نحو الشوارع وكأنهم يستعيدون ذاكرة التاريخ وحكايات معارك المهدية ضد التحرر من مستعمر سابق، احتل ثوار أم درمان شارع الأربعين وميدان التحرير بالثورة الحارة الأولى وشوارع أمبدة وغيرها، كانت الجموع تنهمر والدموع تخالط بعضهم أثناء هتافهم: (دم الشهيد دمي أم الشهيد أمي)، كانت مواكب مهيبة بحق وحقيقة لكن أيادي الغدر كانت حاضر ففي أمبدة (سوق ليببا) بدأ شهود عِيان يتحدثون عن أصابات بالرصاص الحي وعن وقوع شهداء هنا ظهرت الصدمة وتسابق الجميع والنشطاء على مواقع التواصل لتأكيد وتوثيق الروايات وسرعان ما ظهرت (الفيديوهات) التي أعقبها بيان مغتضب من لجنة أطباء السودان المركزية جاء فيه الآتى (ارتقت أرواح ٤ شهداء قبل قليل بمدينة أم درمان بعد إطلاق رصاص حي على الثوار، كما توجد العديد من الإصابات سنوافيكم بتفاصيلها لاحقًا). عند انتشار هذا الخبر اختلف المشهد ليس في أمبدة وحدها وأم درمان؛ وإنما في كل مواكب وشوارع السودان، تحولت معطيات المعادلة، فالغضب الذي هو الآخر – رغم مبرراتهم – لم يستطيع أن يحرف الثوار عن مسار السليمة، استشهاد ثوار (سوق لبيبا) أعاد في المواكب الأخرى لم تنفض هتافات التحدي مثل (جهزي عديل كفنك، يا إنت يا وطنك)، كما أنتج شعار أخر يقول: (شيلني فوق كتفك مناضل أو تحت أرضك شهيد)، كل الهتافات تحولت ضد المجلس العسكري والمطالب بإسقاطه وعدم الجلوس معه لإتمام أي اتفاق يوفر له وجود مستقبلي .

ثورة السودانيين : 
الملاحظ أن الثورة التي تعيشها البلاد هذه الأيام أعادت الإحساس القومي الذي طالما حاول بعضهم قتله بالخطابات الممجوجة التي هزمتها تفاصيل الواقع الجديد الذي يقول إنه عندما تتألم الأبيض تخرج كسلا والقضارف وبورتسودان وزانجي وكريمة والدامر وكل مدن وقرى السودان لتصرخ بالمناصرة والتنديد، هذا هو السودان الجديد وهذا هو المشهد الذي صنعته مليونية الأمس على امتداد الوطن .

الحصة دم : 
العدالة والقصاص مطالب لم تبارح مواكب الثورة السودانية منذ ميلادها الظافر في ديسمبر ظلت شعاراتها تلهب حناجر الثوار الذين ارتقاء بعضهم شهداء وبعضهم الأخرى يناضل وينتظر أن يركل المجرمون إلى سواح المحاكم، عمومًا تخرج مواكب القصاص والأيادي الأثمة مازالت تمارس القتل البارد وكأنها تسخر من كل تلك الجموع وتقول (الحصة دم، لم يحن بعد وقت الحساب).

 

الجريدة

Loading

شارك على
أكتب تعليقك هنا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.