آخر الأخبار
The news is by your side.

ملف شرق السودان تحت رحمة دعوات المجلس الأعلى لنظارات البجا

ملف شرق السودان تحت رحمة دعوات المجلس الأعلى لنظارات البجا

تقرير : حسن إسحق

أصبح إقليم شرق السودان يتجه إلى منعرج خطير جدا، بعد أن عارض الموقعين على مسار شرق السودان المضمن فى إتفاق السلام، الدعوات التي يتبناها المجلس الأعلى لنظارات البجا بإلغاء المسار بقيادة زعيم الهدندوة محمد الأمين ترك، وأرسلوا رسائل تحذيرية من أن الصراع الموجه فى الشرق ربما يقود إلى حرب أهلية، بينما قال أحد المشرفين على مسار الشرق خالد شاويش ، ورئيس التفاوض أسامة سعيد ، أن المسار غير قابل للتنازل أو المساومة، مؤكدين الدفاع عنه بكل الوسائل.

وأضافا فى بيان ، أن الصراع فى شرق السودان يتم توجيهه ليكون صراعا حول المواطنة ، بخطاب شعبوي بغيض يقسم إنسان الشرق إلى مواطنين من الدرجة الأولى وإلى أجانب ولاجئين، وهذه هي مقدمات الحرب الأهلية .

وهدد البجا ، بإغلاق الشرق مرة أخري، بل تراجعوا بعد وساطة قام بها نائب رئيس المجلس السيادي محمد حمدان دقلو، بل أعطوا الدولة مهلة حتى تنظر فى قضيتهم أو العودة إلى الإغلاق المقترح من جانبهم.

يرى المحللون والمراقبون ، أن هناك طرف، يرى أن إبقاء المسار بالنسبة له خط أحمر، وآخر يسعى إلى إلغائه، و كل طرف يحاول تصعيد لهجة الخطاب حتى يستطيع الضغط على الجهة التي تتحرك، الصراعات الإجتماعية فى الجانب السياسي تعقد المشهد، ودخول الإدارات الأهلية فى المشهد يؤزم القضية بأكملها، و بعد توقيع إتفاقية أسمرا 2006، لم يشهد الإقليم أي حروب أو بروز جبهة قتال فيه، وليس هناك وجود لأي نشاط سياسي للجبهة الثورية كي تتحدث عن قضايا شرق السودان.

إن غياب النظرة الكلية لمعالجة الأزمة أسهم فى إنكفاء الأحزاب على نفسها، رغم وجود الفرص.

تعنت الأطراف فى الشرق:

الباحث والمحلل السياسي الدكتور حسن سلمان , يقول :” أن هناك طرف، يرى أن إبقاء المسار بالنسبة له خط أحمر، وآخر يسعى إلى إلغائه، ويعتقد أن كل طرف يحاول تصعيد لهجة الخطاب حتى يستطيع الضغط على الجهة التي تتحرك، يرى أن تأجيل إغلاق الميناء من جانب المجلس الأعلى لنظارات البجا، كانت خطوة جيدة، حتى تصل الأطراف إلى صيغة مرضية بينهم، ويعتقد أن خطاب الطرفين مؤشر على عدم الوصول إلى إتفاق، فى حال فشلت الحكومة فى تقديم رؤية حول وجهات النظر المتباينة، يخشى أن يجر شرق السودان إلى ما لا يحمد عقباه، فى ظل التغيرات الإقليمية والتصعيد المتصاعد يوميا من كل الأطراف فى المواقع والمنتديات الإسفيرية، فى حال تعقد المشهد، يطالب الأطراف فى الشرق أن تقدم تنازلات أو عمل إستفتاء شعبي حول مسار الشرق، تشارك فيه كل المكونات الإجتماعية، وإلا برزت خيارات الحرب.

وأضاف حسن ، أن إحدي أخطاء ما بعد ذهاب النظام السابق، أنها تعاملت مع السودان كله بإعتباره مسارات، وأخطأت عندما ألغت السابق، وجاءت بالجديد، وتعاملت معها على أنها إتفاقيات نظام سابق، ثم الأطراف التي وقعت المسار، ترى أن الموضوع بالنسبة لها قضية كرامة، أوضح عندما الصراعات الإجتماعية فى الجانب السياسي تعقد المشهد، ودخول الإدارات الأهلية فى المشهد يؤزم القضية بأكملها ، يضيف لن يكون هناك خط رجعة على الإطلاق، فى السابق، إذا إختلفت القوى السياسية والناشطون، يمكن الرجوع إلى حواضن هذه القوي السياسية، ثم بعد ذلك تقوم بمبادرات.

ليس للجبهة الثورية وجود فى الشرق:

يشير رئيس حزب مؤتمر البجا الحرية والتغيير ، محمد أحمد مختار ، إلى أن أزمة مسار الشرق بسبب توقيع من فصائل منضوية الجبهة الثورية، هما فصيلين الأول الجبهة الشعبية المتحدة والآخر مؤتمر البجا المعارض، يقول مختار أن الفصيلين ليس لهما أي نشاط سياسي، ولا وجود فى شرق السودان، وأن شرق السودان بعد توقيع إتفاقية أسمرا 2006، لم يشهد أي حروب أو بروز جبهة قتال فيه، وينفي وجود اي نشاط سياسي للجبهة الثورية تتحدث عن قضايا شرق السودان، أما بعد سقوط نظام الإنقاذ، والثورة تكلمت عن ملف السلام، وإنجازه فى الستة شهور الأولى، وتخاطب فيها كل القضايا، وأن يشمل السلام المنطقتين ودارفور فى المقام الأول، أما الأقاليم الأخرى لها قضايا حقيقية، وأشار إلى وجود خلاف حول قضايا أسمرا، لأنها لم تخاطب قضايا الشرق بالشكل المطلوب، مضيفا أن السلام يجب أن يكون أشمل من ثنائيات الحركات المسلحة والحكومة المركزية، أضاف مختار وقع إتفاقية مسار الشرق بين الفصيلين، وليس لهما مشروع وفعل سياسي طوال الفترات السابقة، ويؤكد عدم وجود قواعد وجماهير لهما، وتبنوا قضية الشرق فجأة، أوضح أن القوى الإجتماعية المتمثلة فى الإدارات الأهلية والأحزاب السياسية المعروفة تأريخيا، وأعطي مثالا مؤتمر البجا منذ 1956 بإعتباره التنظيم السياسي ذو الثقل الجماهيري، ودعا إلى الكفاح المسلح 1994، وكذلك وقع إتفاقية أسمرا 2006.

وأشار مختار ، إلى خطأ فى الحكومة فى الفشل فى معالجة القضايا فى الشرق، وأضاف أن إتفاقية سلام جوبا لم تخاطب القضايا الأساسية من حيث المضمون والمحاور، وأوضح أيضا لا توجد مقارنة بين إتفاقية أسمرا وسلام جوبا، ويرفض فكرة العودة إلى الوراء مرة أخرى، يرى أنها قللت من مكاسب أهل الشرق، ذكر أسباب رفض المسار، بإعتبارها إتفاقية ضعيفة، ثم القوى التي تمثل الإتفاق ليس لها وجود حقيقي فى الشرق، وهي أقرب إلى التسوية السياسية مع المجموعات الموجودة فى الجبهة الثورية، كي يؤسسوا مشروع سياسي لهم من أجل المشاركة فى السلطة، وهم أبعد عن الملفات الحقيقية للشرق مثل التنمية والخدمات والمشاركة فى الموارد، وأن رفض الإتفاقية من كل القطاعات المؤثرة، لعدم مخاطبته للقضايا الأساسية، وأضاف أن دعم نائب رئيس المجلس السيادي محمد حمدان دقلو (حميدتي) ، لملف الشرق، بإعتباره الراعي للإتفاق، وعمل على إستقطاب بعض الإدارات الأهلية للقبول به.

وأكد مختار أن هذا ما أدى إلى تعميق القضية، وفشل داعمو المسار فى تسويقه، والدفاع عنه، وبالإضافة إلى وجود آلية فرض إرادات مع المجموعة الموقعة والأخرى الرافضة له، وينصح بالإبتعاد عن الإطار الثنائي فى قضايا الشرق، ويطالب بإنشاء آلية لحوار واسع وعقد مؤتمرات للقضايا على مستوي المحليات، ثم مؤتمر قومي يناقش قضايا الشرق بعيدا عن المحاصصات، وتمثيل شعبي لكل المكونات الإجتماعية ومجتمع مدني وكذلك الأحزاب، وكرر وجود قطاعات واسعة تعتبر أن هذا المسار لا يعبر عن قضاياها.

يرفض مختار ، وجود قوي متعنتة فى ملف شرق السودان، وهي تطالب بالرجوع إلى مسارات أخرى، وأن يكون فى منبر منفصل للإقليم، حسب ما يراه المجلس الأعلى لنظارات البجا، ومناقشة القضايا بمعزل عن الملف السياسي، وأن يمثل الشرق فى الحكومة على مستويات السلطة المختلفة، أما دور وسيط دولة جنوب السودان، يرى أن مواقفه كانت مخزية فى الفترة السابقة، وفرض عليه أجندة المسارات، وقبل بها، وإيجاد منبر جديد، يقود إلى إلغاء المسار، والرسالة إلى الوسيط، تطالبه بأن يعمل مع الآخرين على حل المسار، وهناك إتجاه حقيقي لحل القضية، لذا استدعى الوسيط الجنوبي.

توازن قوى فى الشرق:

بينما يعتقد محمود حامد ، عضو لجان المقاومة ،والناشط فى مجال السلم الإجتماعي ، بمدينة بورتسودان، أن أسباب الإختلاف فى التمثيل، وليست فى حصة السلام، يقول بعض الأطراف ترى أن من هم فى المسار لا يمثلون شرق السودان، وأنهم مختطفين المسار، وأطراف أخرى تعتقد أنها تمثل مسار شرق السودان، وتطور هذا الأمر، قد عقد مؤتمر فى سنكات، من مخرجاته أنه يرفض المسار، ثم عقد مؤتمر آخر فى شمبوب بولاية كسلا، ومن مخرجاته ايضا أنه داعم للمسار، ومن وقعوا على المسار، هم مفوضين، يري أن القوي أصبحت متوازنة بين الطرفين.

وأضاف ان رؤيته فى تحقيق السلام، أنه يرفض ما تم فى إتفاق سلام جوبا، وليس سلاما حقيقيا، بل حبر على ورق فقط، ثم إن الموقعين على المسار بعيدين عن الواقع والمجتمعات التي يتكلمون بإسمها، بل الفكرة كانت تتمثل فى توزيع المناصب بينها.

أوضح أن السلام الحقيقي يتحقق ، بعقد مؤتمر جامع يناقش قضايا شرق السودان، وأي النقاط التي يجب أن تتضمن فى السلام، ثم التراضي على ممثلين.

يرى محمود ، أن القوى السياسية فى شرق السودان والقوي السياسية الأخري، هي بعيدة عن ما يحدث فى الشرق، بل هي تتهافت على السلطة، وتناست قضية شرق السودان.

أشار إلى بادرة التحالف الوطني السوداني، وعقد مؤتمر فى كسلا، بعنوان المؤتمر التداولي لشرق السودان فى شهر سبتمبر 2020، تم مناقشة قضية الشرق، وطالب بأن يكون مؤتمرا جامعا، ونصح الحكومة الإنتقالية السابقة أن تعمل بتلك المخرجات.

الصراع الإقليمي على إقليم الشرق :

حامد إدريس ، عضو المكتب التنفيذي لمبادرة المجتمع المدني يقول :” أن ملف شرق السودان من الناحية الموضوعية ملف مهم” .

وذكر إدريس ، أن الإقليم يعاني من التهميش السياسي والثقافي والإجتماعي منذ تأسيس الدولة السودانية، أما ما أدى إلى ظهور المشاكل الأخيرة مع بداية مفاوضات جوبا وأيضا ظهور مسار الشرق، حيث عمل المكون العسكري على تعقيد الملف لإستخدامه كقضية أمنية سياسية لإضعاف الفترة الإنتقالية ،وبالذات إضعاف المكون المدني، وكذلك دعم المؤسسة العسكرية للمجموعة التي أعلنت إغلاق الميناء فى الفترة ما قبل إنقلاب الخامس والعشرين من أكتوبر، والعديد من المواقف التي تؤكد أن المكون العسكري وراء كل التعقيدات التي تحدث فى هذا الملف.

أشار حامد ، إلى أن الخروج من هذا المأزق يحتاج إلى إبعاد العسكر من ملف شرق السودان، ثم إيقاف كل عمليات تأجيج الصراع فى الإقليم، وكذلك يطالب أبناء الشرق ، بالجلوس مع بعض بعيدا عن المزايدات، والنقاش حول كل القضايا والخروج برؤية تفيد إنسان الشرق.

وينصح الجميع بالإبتعاد عن الأجندات الهدامة، يرى أن الحل سهلا وبسيطا.

وتطرق ، إدريس ، فى نفس الوقت إلى الصراع الإقليمي وصراع المحاور، وتأثيره المباشر على الإقليم، نسبة لأهمية موقع الشرق والبحر الأحمر، ثم الصراع المستمر حوله.

إنكفاء الأحزاب على نفسها :

فى ذات السياق يضيف وليد علي محمد ، عضو التحالف الوطني السوداني ، وعضو المناصرة الإقليمية لشرق السودان ، أن غياب النظرة الكلية لمعالجة الأزمة أسهم فى إنكفاء الأحزاب على نفسها، رغم وجود الفرص، كي يكونوا معبرين عن القضايا التي تهم شرق السودان، وأضاف أن قيام مؤتمر سنكات لقضايا التنمية الذي عقده المجلس الأعلى للنظارات، لكن القوى السياسية لم تستوعب الأمر، مشيرا إلى أن صراع التعبير عن المواقف والرغبات السياسية بإعتباره مشروع فى ظل تفسخ الدولة القديمة مع بروز طور جنيني لتشكيل دولة جديدة، وبعد ثورة ديسمبر، بعض الدول تسعي للتحكم فى قيادات ورموز التغيير عسكريين ومدنيين من أجل خلق أرضية لها لتحقيق مصالحها وأطماعها، بعد أن طغت قضية صراع الموانئ على السطح فى منطقة القرن الأفريقي والسيطرة عليه من أولويات تلك الدول، إضافة إلى بروز تفاقم الصراع، والإنشقاقات وعدم وحدة المجتمع، وإنعدام الحل الأمني والإستخباراتي، وكذلك حالة الثورة التي حدثت بعد التغيير، اشار إلى أن ما أدى إلى تأزم الوضع طريقة إختيار الولاة، حيث كانت تعبر عن إعادة تجربة النظام السابق، مثل خيارات للولايات الشرقية، أبرزها قرار إقالة والي كسلا.

أضاف وليد ، ذلك القرار عبر عن عدم جدية المدنيين فى حل الأزمة، ما أعطي مؤشر لبعض المكونات الإجتماعية أن التغيير لا يعبر عنهم، فى ظل إنتشار المحاصصات الإثنية، ويرى أن القضايا الرئيسية التي تطرق إليها مسار شرق السودان، تعتبر مكسبا للإقليم، لكن القائمين على ملف السلام لم يفطنوا للتعقيدات الإجتماعية وكذلك بروز الأجسام المطلبية ذات البنية الإثنية، ورفضها للمسار.

يعتقد وليد ، أن الأزمة الراهنة أصبحت ذات تعقيد مركب، بين ما هو إجتماعي وسياسي، يرى أن الحلول يجب أن تخاطب جذور الأزمة، وكذلك التسوية السياسية، والتمييز الإيجابي فى القضايا التنموية، والعمل على تأسيس عقد إجتماعي.

منبر تفاوضي جديد للشرق :

بينما يشير مبارك النور عبدالله ، عضو التنسيقية العليا لكيانات الشرق إلى أن رؤيتهم واضحة فى رفض مسار شرق السودان، ويطالب بمنبر تفاوضي جديد لكل أهل الشرق لا يستثني أحدا.

وأوضح النور ، أن رفض المسار لم يأتي من فراغ، لعدم وجود حرب فى الشرق، لذلك غالبية أهل الشرق ترفضه، وفشل فى مناقشة القضايا بوضوح، ومن فاوضوا بإسمه ليسوا مفوضين من أحد، لذا هو مفروض عليهم، ونفي وجود الجبهة الثورية فى الإقليم، مشيرا إلى أن تمسكهم بالرفض، لأن المسار أتي مثل “عطية المزين”، مقارنة ببعض المسارات الأخرى فى دارفور والنيل الأزرق، وأيضا الغالبية لم تشارك فيه، ويسعى إلى توسيع المنبر كي يضم الجميع، وأنه حقق نسبة 30% فقط، بل يريدون تحقيق نسبة 100% وأن تناقش فى منبر تفاوضي كما ذكر لا يستثني أحدا، وأن رفضه ليس لأسباب عنصرية أو قبلية أو جهوية، رفض لأسباب سياسية، وبه أخطاء كثيرة، وفشل فى إشراك التنوع الموجود، ويكرر أن حديثهم فى هذا المسار من ناحية سياسية فقط، ونفى وجود إشكالية مع أي مكون إجتماعي، بل يريدون رؤية التنوع والتوافق والتعايش، وضد الفتنة، ومع السلام والتعايش.

Loading

شارك على
أكتب تعليقك هنا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.