آخر الأخبار
The news is by your side.

مقاربة مختلفة للقضية الفلسطينية، تشخيص وليس توصيف

إعادة نشر الراهنية بعد مؤتمر بيروت – رام الله

20/9/2017بقلم: جورج حدادين

مقاربة مختلفة للقضية الفلسطينية، تشخيص وليس توصيف.

التشخيص قانون علمي يبحث في العلة والسبب للأزمة من خلال الأعراض، أعراض المرض، أعراض الأزمة، بينما التوصيف هي سردية ظواهر المرض، ظواهر الأزمة الماثلة.

التشخيص غوص في علل وأسباب الأزمة الماثلة وتشريحها – العلة والسبب – من أجل إيجاد علاج لها، من خلال صياغة مشروع الخروج من الأزمة والتعافي منها، مشروع منتج، هو بالضرورة مشروع “التحرير الوطني والتطوير المجتمعي والبناء ألقيمي”.

ارتهان النخب إلى التوصيف سبب من أسباب فشل معالجة الأزمة، وبقاء الدوران في حلقة مفرغة تستهلك القوى بلا نتيجة، بمعنى آخر فعل إدارة الأزمة وليس حلها.

التوصيف مقاربة سائدة في صفوف النخب الفلسطينية خصوصاً، والعربية عموماً، تجلت بشكل ساطع في هذه الحوارية ” في فندق لا ند مارك عمان”حوار يدور حول مظاهر أزمة النضال الفلسطيني، ويتكرر في مجمل الحواريات الجارية بين صفوف النخب الفلسطينية، وهذه الحوارية ليست حالة شاذة بل هي القاعدة.

التشخيص والتوصيف مقاربتان مطروحتان على المجتمع الفلسطيني، وخاصة الشرائح الكادحة والمنتجة صاحبة المصلحة الحقيقية في إنفاذ مشروع التحرر الوطني الفلسطيني.

1:- مقاربة التوصيف هذه أمثلة من محاور الحوار:

– : الأزمة تكمن في الانقسام بين فتح وحماس، وتداعياته على الصعد الاقتصادية والثقافية والاجتماعية.

-: الانقسام السياسي، الآثار المباشرة للانقسام، الحل إنهاء حماس سيطرتها على غزة وإنهاء فتح سيطرتها على الواقع السياسي الفلسطيني.

-: الأزمة نتيجة غياب الديمقراطية عن السلطة وفي صفوف الفصائل، الحل إجراء انتخابات للرئاسة والمجلس التشريعي في الوقت ذاته، وإعادة بناء المجلس الوطني من جديد وضم

حماس والجهاد إلى صفوفها.

-: التأمر العربي على القضية الفلسطينية وغياب الدعم العربي لها، ” أنتج ” مقولة يا وحدنا، علماً بأن النضال الفلسطيني قد حاز على الدعم المادي والمعنوي، وانضمام عدد كبير من مناضلين عرب وأمميين إلى هذا النضال، وتعاطف دولي ما لم تحظى به حركة أخرى، للمقارنة بما حظي به حزب الله.

2: – مقاربة التشخيص للقضية الفلسطينية:

-: سمة المرحلة التي يعيشها الشعب الفلسطيني خاصة وشعوب الأمة العربية عامة هي مرحلة التحرر الوطني.

-: مهمات مرحلة التحرر تتمثل بإنجاز مهمات متلازمة “التحرر الوطني والتحرر الاجتماعي” المتمثلة في : تحرير فلسطين من الاستعمار المباشر وغير المباشر، وتحرير الشرائح الكادحة والمنتجة من الاستغلال والاضطهاد، بناء الاقتصاد الوطني المستقل المنفصل عن اقتصاد الاحتلال، حيث أن النضال الوطني المنتج، أينما كان، لا بد من أن يستند بالأساس إلى قاعدة اقتصادية وطنية منتجة.

-: الحامل الاجتماعي لمشروع التحرر الوطني يتشكل من الشرائح الوطنية الكادحة والمنتجة،

-: البنية والوظيفية، كان من المفترض أن تكون منظمة التحرير الفلسطينية هي البنية الموحدة للنضال الفلسطيني وكان من المفترض أن يكون برنامجها هو مشروع التحرر الوطني، الوظيفة.

3:- أسباب أزمة النضال الفلسطيني الرئيسة

-: علة وسبب الأزمة الفلسطينية تكمن في القفز على سمة المرحلة ” مرحلة التحرر الوطني” التي تعيشها فلسطين، بالفعل وفي الواقع، وإنهاء مهمات التحرر الوطني قبل إنفاذها، والقفز على مشروع التحرر الوطني إلى مشروع سلطة تحت الاحتلال، ونظام سياسي غير متوفرة شروطه، نظام سياسي وهمي قائم على “الديمقراطية البرلمانية، التبادل السلمي للسلطة” تحت الاحتلال.

-: تفكيك بنية وحدانية تمثيل الشعب الفلسطيني ” منظمة التحرير الفلسطيني” إلى سلطة في الضفة وسلطة في غزة، وإنهاء عملي للدور القيادي لمنظمة التحرير والمجلس الوطني، لصالح السلطة الفلسطينية والمجلس التشريعي، وحصر تمثيلهما على جزء من الأرض الفلسطينية، على الضفة والقطاع فقط.

-: تفكيك الهوية الوطنية الفلسطينية الموحدة وتجزئتها إلى هويات فرعية: هوية الضفة، هوية غزة ، هوية أل 48، هويات الشتات.

-: تفتيت الشعب الفلسطيني البالغ 12 مليون، منهم 8 مليون في المهجر، تم التخلي عنهم، وكذلك تم التخلي عن فلسطيني أل 48، وعزل أغلبيته، وخاصة الشرائح الكادحة والمنتجة عن المشاركة في صنع القرار الوطني، وحصر صنع القرار بيد مجموعة صغيرة جداً ومعزولة جداً، مجموعة تابعة ريعية، أصبحت مصالحها الذاتية تتعارض مع مهمات النضال الوطني، وأصبحت لا تؤمن بمشروع التحرر الوطني الفلسطيني، لا نظرياً ولا عملياً.

-: ربط الاقتصاد الوطني ألفلسطينيي باقتصاد الاحتلال، واستبداله باقتصاد ريعي، حيث تم ربط جزء من الشعب الفلسطيني، عبر المعاش، بالسلطة التي تعتمد على المساعدات الخارجية، وجزء آخر منه تم ربطه عبر منظمات تعتمد المساعدات الخارجية، وجزء ثالث عبر ربطه بسوق العمل في الكيان الصهيوني، العدو.

-: بناء سلطة مستهلكة تابعة، تعتمد على المساعدات الخارجية، في إدارة شؤون السلطة والمجتمع، وتقودها مجموعة التبعية الريعية المرتبطة بالمركز الرأسمالي العالمي وسوق الكيان الصهيوني.

خلاصة:

يكمن حل أزمة النضال الفلسطيني بالعودة إلى مشروع التحرر الوطني الفلسطيني ، وبناء حامل اجتماعي من الشرائح الوطنية الكادحة والمنتجة، وربطه بمشروع التحرر الوطني العربي.

أولوية إعادة بناء بنية توحد المجتمع الفلسطيني أولاً، وليس الفصائل أولاً، من أجل إنجاز مهمات “متلازمة التحرر الوطني والتحرر الاجتماعي”.

معالجة مشكلة الانقسام ليس من منظور صراع فتح وحماس ألفصائلي البغيض، كونه صراع على سلطة وهمية بين مجموعتين من قوى التبعية ذاتها، وهما بالفعل وفي الواقع، وجهان لعملة واحدة، بل معالجته من واقع التقسيم والعزل والتفتيت الذي تعرض له المجتمع الفلسطيني ذاته، وخاصة الشرائح الوطنية الكادحة والمنتجة، على يد مجموعات التبعية في السلطة وفي السوق وفي المعارضة.

إعادة بناء اقتصاد وطني منتج، من خلال الاعتماد على الذات الوطنية، وبمساهمة رؤوس الأموال الفلسطينية، عودتها من الخارج، وهي هائلة، وعودة الكفاءات والخبرات الوطنية، وهي لا تحصى.

الكف عن بكائية يا وحدنا، وعن مقولة تخلي وخيانة العرب لنا، كونها بكائية لا تحرر الأرض، بل تزيد من حالة اليأس والإحباط السائدة، علماً بأن ما يجري على الأرض هو صراع تناحري، كان وما يزال، بين مشروعين: مشروع التحرر الوطني ومشروع الهيمنة والاستعمار، بين النظام الرسمي العربي التابع وحركة التحرر الوطني العربي ومن ضمها حركة التحرر الوطني الفلسطيني، وللأسف ساهمت القيادة السياسية الفلسطينية ألتي انتقلت من محور التحرر الوطني إلى محور التبعية، في وصول النضال الفلسطيني إلى هذه الأزمة وإلى هذه الحالة البأسة، كما وساهمت القيادة الفلسطينية، عبر سياسات التذلل والتبعية للنظام الرسمي العربي والمراهنة على نهج الفهلوة الدبلوماسية ، إلى وصول النضال الفلسطيني لهذه الحالة.

ملاحظة: في مؤتمر بيروت – رام الله، لم أجد من طرح جديد سوى مقاربة الجهاد الإسلامي السيد زياد نخالة حول تشخيص المرحلة بأنها مرحلة تحرر وطني وهي خطوة جادة وجرئية في هذه المرحلة بالذات وأمل ان تتبنى بقية الفصائل الفلسطينية والمؤسسات الشعبية هذا التشخيص الموضوعي الحقيقي

تحية للجهاد الإسلامي

” كلكم للوطن والوطن لكم”

Loading

شارك على
أكتب تعليقك هنا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.