آخر الأخبار
The news is by your side.

مشروع الشر .. من يحميه ؟ .. (17) قرية بشرق الجزيرة تضررت من قيام المشروع

مشروع الشر .. من يحميه ؟ .. (17) قرية بشرق الجزيرة تضررت من قيام المشروع

شرق الجزيرة: عماد النظيف
خالد عبد الله عضو لجنة المقاومة بقرية ود عشيب بمحلية شرق الجزيرة، أب لثلاثة أبناء يعمل في مهنة الزراعة والرعي، مستقراً بتلك القرية مع أسرته الصغيرة، كان يخطط أن يدرس أبناؤه تخصصات طبية وهندسية، ويعمل على تشجيعهم على ذلك مستقبلاً، فبدأت رحلتهم التعليمية بالمدرس الأسياسية بالمنطقة، وهم يسيرون بخطى ثابته نحو ما كان يصبو إليه والدهما، رويداً رويداً بدأ يتلاشى الحلم الفسيح عندما أصيب أثنان منهم بمرض (ضعف النظر) واحدة من الأمراض التي سببها المشروع، هنا تنهد خالد برهة والحزن يسكو وجهه، فأستطرد قائلاً: الضرر البيئي للمشروع إصابة أبنائي بالعمى، وبعد رحلة طويلة من علاج ضعف النظر بدأت بالجزيرة مروراً بالخرطوم وصولاً للقاهرة، مما جعلهم يتركون المدرسة ويبقون في المنزل، حتى توفى واحد منهم، مشيراً إلى أن السببب الرئيسي هو الأضرار الصحية والبيئية الناتجة عن مشروع زائد الخير، بعد النبأ الحزين والمصير المجهول سكبت والدتهما بحرقة بحراً من الدموع على أبنائها، فهل يا ترى من ينقذههم؟، هذه واحدة من القصص المأساوية التي عانت منها إحدى أسر قرية ودعشيب بشرق الجزيرة .
دخول المشروع
ولكي نقف عن قرب حول حجم الماساة ذهبنا في معية وفد ضم العديد من الصحافيين، واجهتنا صعوبات في الدخول إلى المشروع، حيث تشدد الضابط المناوب في السماح لنا بالدخول في بداية الأمر، وبعد انتظار وترقب وتدخل لجان المقاومة، سمح لنا بالدخول حيث وجدنا أن المشروع يعاني من العطش الحاد بعد إيقاف المياه منه من قبل المواطنين، وخاصة محصول الرودس الذي تحول من أخضر إلى يابس، ووجدنا عدداً من الأجانب يحملون الجنسية اليمنية، وبعد إن اكتشف الضابط الذي أوكلت إليه حراسة المشروع أننا صحفيين قام بإيقاف التصوير، وطلب منا الرجوع إلى مدني وطلب إذن تصوير، وهذا ماتعذر الحصول عليه .
أخطاء فادحة
بنظرة مقربة للموضوع نجد أن أهالي القرى ارتكبوا خطأً فادحاً عندما قاموا بإغلاق المشروع وإيقاف المياه منه، دون إتخاذ خطوات قانونية، كان عليهم حجزه بالنيابة وحصر المعدات الزراعية الموجودة، وعندما سألت (آخر لحظة) لجان المقاومة عن هذا الأمر قالوا إنهم استخدموا الشرعية الثورية .
لمحة تاريخية
تاريخياً صدقت الحكومة في 15 مايو 1999،على قيام مشروع “زايد الخير” الإماراتي على ﻣﺴﺎﺣﺔ 40 ﺃﻟﻒ ﻓﺪﺍﻥ، ﺑﺎﺳﺘﺜﻤﺎﺭﺍﺕ ﺗﻘﺪَّﺭ ﺑـ60 ﻣﻠﻴﻮﻥ ﺩﻭﻻﺭ للحبوب الزيتية، ويقع المشروع في إدارية ودراوة التابعة لمحلية شرق الجزيرة .
مشاكل صحية وبيئية
يشتكي مواطنو قرية ودعشيب والقرى المجاورة للمشروع من تفشي البعوض بصورة لم يشهد لها مثيل، وتزايدت معدلات الإصابة بمرض الملاريا نتيجة لزراعة مشروع زايد الخير لمحصولي الأرز والرودس، الذي يحتاج لغمره بالمياه، مما جعل المشروع بركةً ومستنقعاً للمياه، مما أدى إلى تفاقم الأزمة، ومعلوم أن أراضي المشروع ملك لأهل المنطقة، ولكن تم أخذ الأرض منهم بقوة، ورغم أن مشروع زايد الخير في منطقة ودراوة، إلا أن أبناء المنطقة لم يحصلوا فيه على فرص العمل، أو توفير السلع الزراعية، ولم يجنِ منه أهل المنطقة إلا جنيهات وزعت عليهم في منتصف العام السابق – عبارة عن إيجار المشروع لأكثر من عشر سنوات، ووزعت للأسر الكبيرة مبلغ لا يتعدى مائتي جنيه للأسرة.
منذ إنشاء المشروع ظلت هنالك احتجاجات متواصلة ومتصاعدة من الأهالي، أبرزها حرقه في عام 2013م، وتسببه في غرق قريتي (الركيب والشقل)، وتأثرت من قيام المشروع حوالي (17) قرية مجاورة له، وبعد سقوط النظام البائد في الحادي عشر من أبريل، قرر المتضررون تسيير موكب لدخول المشروع المحروس بالشرطة منذ تأسيسه عام 1999م، بعد تعرضهم لأضرار صحية وبيئية، وطالبوا الحكومة بالتدخل وإعادة حقوقهم التي تشمل “أراضيهم الزراعية”، حيث هتف عشرات من سكان منطقة (ود عشيب) التي تجاور المشروع في محلية شرقي الجزيرة، ضد بقاء المشروع، وحملوا لافتات كتب عليها “مشروع الشر” وطالب المحتجون الحكومة الانتقالية بإعادة حقوقهم من خلال استعادة أراضيهم الزراعية، والمساهمة في تنمية وتطوير المجتمعات القروية المحيطة، ومطالبة المستثمرين بتشغيل شباب المنطقة إيفاء بالواجب المجتمعي، غير أن قوات من الجيش والدعم تقدر بـ(65)عربة تمكنت من إخراجهم، ومع مرور الوقت قلت التعزيزات الأمنية لـ(10) عربات، وهذه الخطوة دفعت لعملية التفاوض بين الطرفين، لكنهم تفاجأوا بأن المالك الفعلي للمشروع بعد هروب أبو ناصر مدير المشروع إمارتي الجنسية، هو شركة الاتجاهات للأنشطة المتعددة التابعة لمنظومة التصنيع الحربي.
ونقلت وسائل إعلام محلية في منتصف ديسمبر الماضي خبر مفاده بأن المستثمر الإماراتي أحمد سالم المنصوري أقدم على بيع مشروع “زايد الخير” لشركة محلية، في أشارة إلى شركات الاتجاهات للأنشطة المتعددة .
شكاوى رسمية
توالت الأحداث تباعاً بوتيرة تصاعدية بعد أن سدت كل الطرق أمامهم، كما دفع المتضررون بشكاوى رسمية للمجلس السيادي ولجنة تفكيك نظام الثلاثيين من يونيو والنيابة العامة وتجمع المهنيين، مطالبين بإعادة الأراضي إلى أصحابها، وكان والي الجزيرة المكلف أحمد حنان أحمد صبير تدخل لاحتواء الأزمة بين شركة الاتجاهات والمتضررين، وطلب من الشركة معرفة مدة التعاقد، فكانت الإجابة بأن المدة (7) سنوات فهي مدة عقد الشركة مع المالك السابق، فطالب بابقاء المشروع حتى نهاية الحصاد، وقد أحس أهل القرية بأن هذه الخطوات تعجيزية، أو كرت ضغط على مواطني القرى من أهالي المنطقة، علماً بأن فترة الحصاد أربعين يوماً، الأمر الذي أدخل الطرفين في طريق مسدود لارجعة منه ،وزاد الأمر سوءً بعد سماع الوالي نبأ بأن القضية تدخلت فيها جهات اتحادية على مستوى المركز .
مستثمر وطني
ويقول عضو لجان مقاومة القرى المتضررة، قرية المحس عمار عبد المطلب لـ(آخر لحظة) إن قضية المشروع لم تعد قضية محلية فحسب، بل وصلت إلى جهات عليا لحسمها بعد أن فشلت كل محاولات الداخل، فقد تم تسليم ملف المشروع إلى الجبهة الثورية، من ثم إلى مسار الوسط برئاسة التوم هجو، وتابع نحن نعرف أن مالك المشروع إمارتي، وبعد هروبه جاء مسؤولون من شركة الاتجاهات للأنشطة المتعددة، قالوا إنهم ملاك المشروع، وتعهدوا بتنفيذ كل مطالبنا، فبدأوا في التفاوض مع الشركة فطلبنا منهم إيقاف العمل بالمشروع وإيقاف كل الآليات، وتمت الاستجابة فوراً في نفس اليوم، وبعد وقف تدفق المياه على محصول الرودس بدأت البعوض تقل والأضرار البيئة أيضاً، من ثم انتقلنا لجولة مفاوضات ثانية، وطلبت الشركة فتح المياه لكي لا يتأثر المحصول، لكن هذه الخطوة وجدت رفضاً قاطعاً من المواطنين، وأوضح أن مساحة المشروع (40) ألف فدان، غير أن المستثمر منها (10) آلاف فدان فقط، وهذا مخالف لقانون الاستثمار، إذ أن من المفترض أن ينزع المشروع من المستثمر وفقاً للقانون الذي حدد زراعة (30%) من جملة الأراضي المصدق بها كحد أدنى، عوضاً عن عدم استصلاح الأراضي، كما أنه سبب أضراراً صحية أدت إلى ارتفاع نسبة الوفيات، بعد إيقافه قل عدد البعوض والحشرات والفئران، وبالرغم من ذلك يظل طلبنا الأوحد هو إرجاع جميع الأراضي إلى أهلها .
وطالب رئيس لجان مقاومة القرى المتضررة معتصم محمد أحمد باسترداد حقوق أهالي المنطقة بعد البطش والقهر والتعذيب الذي واجهوه في عهد النظام البائد .
أضرار صحية
واحد من البواعث التي دفعت المتضررين لإغلاق المشروع ﺍﻻﻧﺘﺸﺎﺭ ﺍﻟﻜﺜﻴﻒ ﻷﺳﺮﺍﺏ ﺍﻟﺒﻌﻮﺽ، ﺍﻟﺘﻲ ﺟﻌﻠﺖ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﻟﻴﻼً ﻓﻲ ﻗﺮﻯ ﺍﻟﻤﻨﻄﻘﺔ ﺟﺤﻴﻤﺎً ﻻ ﻳﻄﺎﻕ، ﻭﻭﺍﻗﻌﺎً ﻻ ﻳُﺤﺘﻤﻞ. ﻭﺑﺪﺃﺕ ﻣﻌﺎﻧﺎﺓ ﺍﻟﻤﻮﺍﻃﻨﻴﻦ ﻫﻨﺎﻙ ﻣﻦ ﻣﺸﻜﻠﺔ ﺍﻟﺒﻌﻮﺽ ﻗﺒﻞ ﺃﺭﺑﻌﺔ ﺃﻋﻮﺍﻡ، ﺑﻌﺪ ﺍﻧﺘﻘﺎﻝ ﺍﻟﻤﺸﺮﻭﻉ ﺇﻟﻰ ﺯﺭﺍﻋﺔ ﺍﻷﺭﺯ ﺍﻟﻤﻐﻤﻮﺭ ومن ثم الرودس أخيراً، ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺤﺘﺎﺝ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻤﻴﺎﻩ ﺑﺸﻜﻞ ﺩﺍﺋﻢ؛ ﺍﻷﻣﺮ ﺍﻟﺬﻱ ﺗﺴﺒﺐ ﻓﻲ ﺗﻮﺍﻟﺪ ﺍﻟﺒﻌﻮﺽ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻨﻄﻘﺔ ﺑﻜﻤﻴﺎﺕ ﺿﺨﻤﺔ، ﺣﺘﻰ ﻭﺻﻞ ﺍﻷﻣﺮ ﺑﺎﻟﻤﻮﺍﻃﻨﻴﻦ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺘﺰﺍﻡ ﻣﻨﺎﺯﻟﻬﻢ ﻋﻘﺐ ﺍﻟﻤﻐﺮﺏ ﻣﺒﺎﺷﺮﺓ ﻭﺍﻻﺣﺘﻤﺎﺀ ﺑﺎﻟﻨﺎﻣﻮﺳﻴﺎﺕ ﻣﻦ ﺃﺭﺗﺎﻝ ﺍﻟﺒﻌﻮﺽ.
تحسن ملحوظ
وبعد قطع المياه عن المشروع بدأ المواطنون يتنفسون الصعداء وقلت البعوض والحشرات بشكل كبير، بعد أن كانت تؤرق مضاجهم وﺃﻣﺎ غزو ﺍﻟﻔﺌﺮﺍﻥ ﺍﻟﻘﺎﺩﻣﺔ ﻣﻦ ﺃﺭﺍﺿﻲﺍﻟﻤﺸﺮﻭﻉ ﻟﺒﻴﻮﺕ ﺍﻷﻫﺎﻟﻲ ﻭﺷﻮﺍﺭﻉ ﺍﻟﻘﺮﻯ ﻓﻬﺬﻩ ﻣﺄﺳﺎﺓ ﺃﺧﺮﻯ ﻋﺎﻧﻰ ﻣﻨﻬﺎ ﺳﻜﺎﻥ ﺍﻟﻤﻨﻄﻘﺔ، ﺣﻴﺚ ﺍﻧﺘﺸﺮﺕ ﺍﻟﻔﺌﺮﺍﻥ ﺑﺄﻋﺪﺍﺩ مخيفة، ﻣما ﺷكل ﺧﻄﺮﺍً ﻛﺒﻴﺮﺍً ﺑﺠﻠﺐ ﺍﻷﻣﺮﺍﺽ ﻭﺍﻷﻭﺑﺌﺔ ﺍﻟﺼﺤﻴﺔ ﻭﺍﻟﺒﻴﺌﻴﺔ.

 

آخر لحظة

Loading

شارك على
أكتب تعليقك هنا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.