آخر الأخبار
The news is by your side.

مرايا مكسورة … بقلم : مشاري الوسمي

مرايا مكسورة … بقلم : مشاري الوسمي
                                                        

– تضيع أعمارنا ونحن نبحث عن المفقود ، نعبر الطرق و نمخر عباب السحاب ، لنجد ما نسميه ضالتنا أو هكذا نظنها ، لكننا عندما نجدها نكتفي بالنظر إليها ، لتبدأ عملية بحث جديدة ، غالباً ستنتهي كغيرها ، من عدم القناعة والاقتناع بالموجود وتأمل جماله.

– الجمال عبارة لا سقف لها ، مفهوم لم نحدد مفرداته مع السنين وتعاقب الأجيال ، متغير و متحور ، نادراً ما تجد إجماع على ماهيته حتى في المجالس الصغيرة.

– قديماً تمثل الجمال وبشكل رئيسي في النساء ، تغزل بهن الشعراء على مر العصور ، حتى وصل الاعتقاد أن المرأة الجميلة هي من تستحق حياة أفضل وأقدار أجمل ، ورجلاً لا يشبه الرجال في كرمه وشهامته ووسامته ، ليعتلي درجة الاستحقاق بتلك الجميلة ، والموروث الشعبي الذي ربط الشاطر حسن بست الحسن والدلال.

– اليوم الجمال لم يعد حكراً على النساء ، أو حتى على الجميلات بالولادة ، بل سلعة ستدفع مقابل الحصول عليها ، وتحقيق ما تحلم به دون العودة للسلالات الجينية ، والبحث في أصول العائلات ، علنا نجد رابط يوناني أو إغريقي أو عربي أصيل في أحد أجدادنا.

– الجمال نوع من أنواع الرزق ، زاد عند البعض و نقص عند البعض الآخر ، هو موجب للرضى بعطايا الله سبحانه وتعالى ، كالإيمان بقضائه ، وعدم التسخط والتذمر المستمر ، الذي يدمر النفسية ، ويشرخ الثقة المستمدة من الجمال الخارجي.

– الجمال اليوم ، هوس عالمي ، كيان إقتصادي لا يمكن الاستهانة به ، كل ما عليك هو أن تحلم ، ومع حلمك أرصدة بنكية ممتلئة لتصبح ما تريد ، بل تعدى الأمر فكرة الاستقرار والتعود والتأقلم ، أصبح البعض يرغب بتركيب وجه جديد كل عام.

– القناعة والرضا ، حب الذات والبعد عن المظاهر ، البحث في الجوهر والعمل على تحسين السلوك ، التعامل مع الآخرين وتطوير الشخصية ، هي كلمات جوفاء عند مهوسي الجمال ، فهم لا ينظرون إلا للمرايا السطحية ، عقولهم توقفت عند أبواب عيادات التجميل ، ونظراتهم لا تتعدى أُنوفهم.

– لن أكرر ما قيل قبلي في إسداء النصائح ، وتوجيه عقولهم للبحث عن جواهر النفس الخفية داخلهم ، وإنارة طرق مظلمة أمامهم ، بل أجد نفسي فضوليًا للدخول في متاهات عقولهم ، ومعرفة سبب هذا الهوس ، والهدف منه ، والغاية المراد تحقيقها في النهاية.

– بمنظوري الشخصي ؛ هي فعلاً متاهة لا نهاية لها ، طرقها ملتوية ، أحاديثها كاذبة ، فحتى الشخص المهوس بنفسه لا يعرف ما يريد ، قد عشق الآلم ، و لون الدم ، و رائحة غرفة العمليات.

دمتم بِحُبّ ، و بخلقة الله تبقون الأجمل.

Loading

شارك على
أكتب تعليقك هنا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.